مع قرب إقالة رئيس هيئة الاعلام والاتصالات علي الخويلدي، يتنامى تنافس محموم على خلافته بين جهتين متصارعتين داخل الهيئة، إحداهما تتبع حزبا سياسيا، والأخرى رجل أعمال نافذ، ولكل طرف منهما مرشحان لشغل المنصب.
وتقول مصادر مطلعة في حديثها لـ”العالم الجديد”، إن “صراعا يجري بين حزب الدعوة ورجل الاعمال محمد الجرجفجي، وهو احد مالكي شركة زين للاتصالات، حول منصب رئيس هيئة الاعلام والاتصالات”.
وتوضح المصادر أن “الصراع بدأ يحتدم مع اقتراب إقالة رئيس الهيئة الحالي من قبل مجلس النواب، على خلفية عدم قناعة مجلس النواب باجوبته خلال استجوابه بشأن قرار تجديد عمل شركات الهاتف النقال”.
وكان مجلس النواب، قد استجوب الخويلدي في 4 اذار مارس الحالي، بتهم فساد مالي وإداري، اضافة الى ملف تجديد رخص شركات الهاتف النقال، وكان الاستجواب من قبل النائب علاء الربيعي، وبعد انتهائه صوت المجلس على عدم القناعة باجوبة الخويلدي.
ويوم امس الاول الثلاثاء، فشل مجلس الامناء في هيئة الاعلام والاتصالات، بعقد اجتماعه لإقالة الخويلدي، بناء على تصويت البرلمان بعدم القناعة باجوبته، وتم تأجيله الى اشعار اخر، بسبب عدم اكتمال النصاب القانوني.
وتكشف المصادر، ان “الجرجفجي قدم كلا من عادل سلمان، وهو عضو في مجلس الامناء الحالي، وبسام عبد الهادي رئيس المجلس الحالي، كمرشحين لشغل المنصب بديلا عن الخويلدي”، مشيرا الى أن “حزب الدعوة قدم من جانبه، كلا من امير البياتي، وهو ايضا عضو في مجلس الامناء الحالي، وصفاء صالح مهدي، ويشغل منصب مدير فرع الهيئة في محافظة البصرة”.
وتبين ان “اسباب الصراع السياسي والمالي حول المنصب، تعود الى ان هذه القوى تحاول المجيء بشخصية مرتبطة بها، حتى لا يتم فتح ملفات الفساد السابقة في الهيئة، وخاصة ملف شركات الهاتف النقال والديون التي بذمتها للحكومة العراقية، لكون الجهات السياسية متخوفة من كشف ملفات الهيئة في حال وصول شخصية مستقلة لرئاستها”.
وتشير الى ان “رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، والمسؤول عن تعيين البديل، يتجه نحو مرشحي الجرجفجي، نظرا للعلاقة التي تربطهما”، مضيفة ان “الكاظمي وباتفاق مع الجرجفجي، كان قد أصدر قرار تجديد رخص الهاتف النقال، الذي أثار ضجة كبيرة، ورفعت ضده دعوى قضائية استمرت طيلة اشهر في المحاكم العراقية”.
يذكر ان النائب محمد شياع السوداني قد رفع دعوى قضائية ضد شركات الهاتف النقال وهيئة الاعلام والاتصالات، للطعن بقرار تجديد الرخص للشركات، فيما أصدر القضاء العراقي، في 23 كانون الاول سبتمبر 2020، حكما نهائيا ببطلان تجديد رخص الهاتف النقال، الا انه منح الهيئة حق التجديد مرة اخرى بعد تجاوز الإشكالات القانونية.
وجاء هذا الحكم الصادر من محكمة استئناف الكرخ، بعد قرار القضاء الأولي في 15 تشرين الثاني نوفمبر الماضي، القاضي ببطلان تجديد رخص شركات الهاتف النقال، نظرا لمخالفات قانونية وشبهات فساد حولها، في ظل خدمات متدنية، وعدم تسديد ما بذمتها من ديون.
وأثار هذا الملف الكثير من اللغط، بعد قرار مجلس الوزراء في 8 تموز يوليو الماضي، بتجديد رخص شركات الهاتف النقال، رغم عدم تسديدها ما بذمتها من ديون وخدماتها غير المرضية للمواطن.
وكان مصدر كشف لـ”العالم الجديد” في 13 كانون الاول ديسمبر الماضي، أن هيئة الاعلام والاتصالات والحكومة في مأزق قانوني، لذا فانهما تدبران لأمر ما بهدف الخروج من هذه الأزمة، وهو ما تمثل باتخاذ مجلس الأمناء في الهيئة، قرارا بمعالجة الملاحظات الواردة في الدعوى القضائية، وسيقدم هذا القرار في لائحة الاستئناف.
واشار المصدر في وقتها الى أن، هذا القرار، ربما يكون المخرج الرسمي من الدعوى، ومن المتوقع ان يؤخذ بنظر اعتبار القضاء الذي يعاني من ضغوط لاستمالته.
وسبق لـ”العالم الجديد” أن كشفت عن كافة الملفات المتعلقة بقرار التجديد، ومنها “الفبركة” التي جرت داخل هيئة الاعلام والاتصالات لمحاضر الاجتماعات بتواريخ سابقة، في خطوة للإسراع بتجهيز الملف وعرضه على مجلس الوزراء لاقراره.
كما أن قرار مجلس الوزراء بتجديد الرخص، تزامن مع زيارة أحد أبرز مالكي شركة زين، وهو رجل الأعمال العراقي محمد الجرجفجي، الى بغداد على متن طائرة خاصة لمدة ست ساعات فقط قادما من لندن، من أجل حضور عملية التوقيع والاطمئنان على سيرها بلا تعقيد.
ومن أبرز ملفات الفساد التي طالت الخويلدي، هو الملف الذي كشفته صحيفة الفايننشال تايمز البريطانية، في عام 2018، عن وجود صفقات فساد في مجال الاتصالات بالعراق، مقابل رشاوى تضمنت منزلًا فخمًا في مدينة ويمبلي، شمالي لندن منح للخويلدي.
وتستند المعلومات التي نشرتها الصحيفة البريطانية، الى دعوتين رفعتهما شركتان استثماريتان ضد شركة كورك وهيئة الإعلام والاتصالات طلبتا تعويضا بقيمة 600 مليون دولار، فيما يشير التحقيق الى مخاطر على مستقبل الاستثمار في العراق نتيجة عملية الاحتيال المزعومة وتواطؤ هيئة الاعلام والاتصالات، والتي تؤكد الصحيفة البريطانية على أنها اطلعت على وثائق تعززها.
وأشار التحقيق الذي نشرته الصحيفة البريطانية، تحت عنوان “معارك أورنج (الشركة الفرنسية) للسيطرة على مجموعة الاتصالات العراقية”، أن أحد المنازل في الشارع، هو محور معركة قانونية مريرة بين سيروان بارزاني مالك شركة كورك، أحد أقوى رجال الأعمال في اقليم كردستان، واثنين من أكبر المستثمرين الأجانب في العراق، اللذين وضعا 800 مليون دولار في شركة كورك، ثالث أكبر شركة اتصالات في البلاد”.
وتم الاستحواذ على منزل ويمبلي مقابل 830 ألف جنيه إسترليني في ايلول سبتمبر 2014، من قبل شركة كورك، نقلاً عن بيير يوسف، وهو “شريك تجاري طويل الأجل، ومرشح لأن يكون المدير المستقل الأكبر لكورك، بدلاً من ريموند رحمة”، وفقًا للدعوى القضائية في دائرة الإصلاحات التنظيمية في لبنان.
لكن، لا “بيير يوسف” ولا “ريموند رحمة” اشتريا هذا البيت للعيش فيه. وبدلا من ذلك، يبدو أن البيت تم الاستيلاء عليه من قبل علي ناصر الخويلدي الرئيس التنفيذي لهيئة الاعلام والاتصالات، العام الماضي.
ووفقاً للوثائق التي رأتها “فاينانشيال تايمز”، بقي الخويلدي وزوجته زهيرة، في المنزل حتى عام 2018، الأمر الذي جعل الصحيفة ترجح شراء منزل ويمبلي “للتأثير بشكل غير صحيح”، على الجهة المنظمة للصفقة، وفقاً لوثائق المحكمة.