حصد طريق الحلة- كربلاء، المار بناحية أبي غرق في محافظة بابل، عشرات الأرواح طيلة السنوات الماضية، ولاسيما طلاب المدارس، نظرا لعدم تأهيله وافتقاره لمناطق مخصصة لعبورة المشاة، في وقت يقع هذا الطريق الحيوي وسط منطقتين سكنيتين، ليتحول إلى “طريق موت” جديد، يضاف للطرق الخارجية الرابطة بين المحافظات، فيما لا تزال الحلول الرسمية الحقيقية “مؤجلة”.
شابان في الـ17 من عمرها، ذهبا ضحية لهذا الطريق قبل فترة وجيزة، أثناء اجتيازهما الطريق، بغية الذهاب للمدرس الخاص، إذ كانا في مرحلة الاستعداد لأداء الامتحانات النهائية لمرحلة السادس الأعدادي، ما شكّل صدمة لأهالي الناحية، وفقا لحيدر الجبوري.
ويبين الجبوري، وهو أحد سكان الناحية خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “هذا الطريق أفقدنا الكثير من الأعزاء، خاصة وأن أغلب ضحاياه هم من النساء والأطفال، فهذا الطريق مهمل ويتفقر لجسور المشاة”.
ويردف “لقد طالبنا بوضع مطبات اصطناعية لتخفيف سرعة السيارات، كما طالبنا بوضع إشارات مرورية، كحلول مؤقتة حتى يتم وضع جسور المشاة”.
يذكر أن محافظ بابل وسام الجبوري، أعلن في آذار مارس الماضي، إطلاق أولى المشاريع الممولة من قانون الأمن الغذائي الطارئ، لتأهيل الطريق الرئيس الرابط بين مدينة الحلة ومحافظة كربلاء، بطول 10 كيلومترات، ضمن ناحية أبي غرق، بكلفة نحو 3 مليار دينار، على أن ينجز في غضون 7 أشهر، حيث يتضمن المشروع تأهيل الشارع وتوسعته، إضافة إلى إنشاء ثلاث مجسرات لعبور المشاة.
ويشار إلى أن مديرية الطرق والجسور، أعلنت في 2022، عن الانتهاء من كشف وتصاميم المرحلة الأولى لمشروع الطريق الحولي لمدينة الحلة بقيمة تصل إلى 160 مليار دينار ضمن ميزانية قانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي، فيما كشفت أنه جرى اعداد كشف بتنفيذ مشروع ثلاثة جسور كهربائية للمشاة في ناحية ابي غرق التي تقع على طريق حلة – كربلاء، وذلك بسبب حوادث الدهس التي شهدتها الناحية، وأن قيمة الجسر الواحد وصلت لأكثر من 200 مليون دينار.
إلى ذلك، يؤكد مدير دائرة الطرق والجسور في بابل حسين سريسح، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الدائرة توجهت لإنشاء ثلاثة جسور مشاة كهربائية، ومطلع الأسبوع المقبل سنعمل على إكمال السياج الخاص بها، نظرا لبدء العام الدراسي الجديد وحتى نحافظ على أرواح الطلبة”.
ويلفت سريسح، إلى أن “نسبة الإنجاز بهذه الجسور وصلت إلى 65 بالمئة، لكنها توقفت بسبب السلالم الكهربائية، فهي ما تزال في الشحن للعراق، ولم تصل حتى الآن”، مستطردا أن “تأخر وصول السلالم دفعنا إلى وضع مطبات اسفلتية لتخفيف سرعة السيارات”.
جدير بالذكر أن هذا الطريق، يستخدم أيضا في الزيارة الأربعينية خلال شهر محرم، حيث يمر من خلال الزائرين مشيا على الأقدام أو السيارات، ويشهد حركة كبيرة للمواكب التي تقدم الطعام، نظرا لكونه مؤدي إلى محافظة كربلاء.
ويشهد قطاع الطرق والجسور في العراق ترديا كبيرا في ظل ارتفاع أعداد المركبات في البلد والكثافة السكانية، ولم يشهد البلد افتتاح أية طرق جديدة أو معالجة للطرق المتهالكة، على الرغم من جباية الأموال من المواطنين، بل اتجه البلد إلى طرح ملف تطوير الطرق في مؤتمر الكويت للدولة المانحة، الذي عقد عقب إعلان النصر على داعش.
وقد أشرت بيانات الجهاز المركزي التابع لوزارة التخطيط، إلى أن 470 من وفيات الحوادث المرورية هم من الأعمار الشابة العاملة المنحصرة بين 18 إلى 24 سنة، فيما كانت الأعمار المنحصرة بين 54 إلى 59 سنة هي الأقل بواقع 87 وفاة.
مدير ناحية أبي غرق، مصطفى كريم، يبين من جانبه خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “كثرة الحوادث المرورية في ناحية أبي غرق، دفعتنا إلى المطالبة بإنشاء ثلاثة جسور في مناطق عبور المشاة الحيوية، وهي من ضمن مشاريع ديوان محافظة بابل”.
ويؤكد أن “صاحب الشركة المنفذة يعمل بوتيرة بطيئة لكونها ليست جسور مشاة فقط، وإنما هي أيضا مجسرات ذات سلالم كهربائية، وهذه السلالم مواد استيرادية”، مضيفا “لقد وعدتنا الجهات المنفذة بسرعة إنجازه، خاصة في ظل المخاوف على الطلبة لاسيما وأن العام الدراسي بدأ، لذلك نسقنا مع دائرة مرور أبي غرق لتنظيم العبور والسير لحين إكمال الجسور”.
يذكر أن أغلب المحافظات تضم طرقا غير صالحة للسير، وسميت بـ”طرق الموت” بسبب الحوادث الكثيرة فيها والتي غالبا ما تؤدي إلى وفاة الكثير من الأشخاص، وذلك نتيجة للتخسفات وعدم وجود تخطيط أو حواجز فيها، وخاصة الطرق الدولية الرابطة بين المحافظات أو الأقضية.
كما تتجه أغلب المحافظات إلى توكيل مهمة تطوير الطرق إلى شركات بأرقام مهولة، وأبرزها ما جرى في قضاء أبي الخصيب بمحافظة البصرة، حيث تمت إحالة تعبيد طريق بتكلفة مليار دينار لكل كيلومتر، حسبما كشفت “العالم الجديد”، في 23 أيلول سبتمبر 2020، في حين تذهب الأموال إلى الجهات الخدمية التي تملك الأيدي العاملة والآليات.
من جانبه، يبين مدير مرور محافظة بابل سلام العوادي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “هذا الطريق حيوي وناحية أبي غرق تقع على هذا الطريق، لذلك هناك حركة مشاة مستمرة على الطريق، بالتالي حصلت حوادث مؤسفة كثيرة”.
ويشير إلى أن “الحل يتطلب وجود جسور مشاة، وحتى تنجز هذه الجسور، وضعنا بداية مطبات بلاستيكية، ثم مطبات اسفلتية وبالتعاون بلديات بابل، كما اتجهنا لتوعية اصحاب العجلات لتخفيف السرعة حفاظا على عجلاتهم وحياتهم، وحياة المواطنين، لحين الانتهاء من نصب جسور المشاة، وهذا الأمر قلل من حوادث الدهس، بل اصبحت بعض المطبات مصادر رزق لبيع قناني الماء والمشروبات”.
يشار إلى أن “العالم الجديد”، فتحت في نيسان أبريل من العام الماضي، ملف أموال الجباية التي تستحصلها مديرية المرور العامة لغرض تأهيل وتطوير الطرق، ومصير الأموال التي بلغت وفق ما توصلت إليه الصحيفة أنها بنحو 6 مليارات دينار شهريا، لكن ووفقا للتصريحات الرسمية والمصادر، فإن أموال الجباية تذهب لخزينة الدولة، ومنها توزع إلى وزارة الإعمار والإسكان ومديريات البلديات.