هزة سياسية جديدة على مقياس \”الانقسام الطائفي\” تضرب مجلس النواب، لتعكر صفو علاقة \”ملتبسة\” بين الفرقاء في التحالف الوطني وائتلاف العراقية. خرج الخلاف سافراً من أروقة المجلس النيابي الى العلن، ليصل الشارع المحتشد خلف متاريس الأمن الهش، فيما بقي المتحصنون، في دائرة أزمات تفرخ أزمات، أبطالها هذه المرة الغرماء التقليديون دفاعا عن قضية رمزية، ليس للمواطن فيها \”أمن أو حصة تموينية\”.
ثارت مفخخة سياسية في مجلس النواب، ستلقي بظلالها على كامل المشهد طيلة ما تبقى من عمر الحكومة والمجلس التشريعي، تمهيدا لانقسام طائفي يُرسم الانتخابات المقبلة على أساس اللعبة ذاتها، وجل الحدث ان النائب عن القائمة العراقية حيدر الملا طالب في جلسة امس الاثنين، برفع صور الزعيمين الايرانيين قائد الثورة السابق \”الخميني\” والحالي \”خامنئي\” من شوارع بغداد وبقية المحافظات، بوصفهما رمزين \”غير عراقيين\”.
وقال الملا في مؤتمر صحفي حضرته \”العالم الجديد\”، إن \”مطالبتنا اليوم (أمس) رفع صور قائد الثورة الإسلامية الإيرانية روح الله الخميني، والمرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية علي خامنئي من شوارع العاصمة بغداد والمحافظات، جاءت على أساس جمع تواقيع عدد من النواب، لطرح الموضوع للمناقشة بعد حصولنا على موافقة هيئة رئاسة المجلس\”.
وبرر الملا مطالبته بـ\”اننا نريد ان ترفع صور رموز مراجعنا العراقية، والشخصيات الوطنية\”، مضيفا \”مثلما اعترضنا على رفع صور رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان من قبل بعض المندسين في تظاهرت الأنبار، نعترض على رفع صور خميني وخامئني في شوارع بغداد والمحافظات بوصفهما رمزين غير عراقيين\”.
ولفت الى أن \”هناك نفرا ضالا مع الاسف في التحالف الوطني يغلب ويزايد على مصالح العراقيين على حساب بعض دول الجوار، ومنها إيران\”، مستدركا \”لكن ليس التحالف الوطني يؤيد رفع تلك الصور\”.
وشدد على انه \”من المعيب أن تعلق صور لغير العراقيين وبرعاية الحكومة، في الكرادة والجادرية\”.
مطالبة النائب الملا في اثناء جلسة مجلس النواب، جوبهت برد عنيف من كاظم الصيادي النائب عن التحالف الوطني الذي اعتدى بالضرب على الملا.. لكمه وشتمه، ما دفع رعد الدهلكي النائب عن ائتلاف العراقية الى الدفاع عن زميله ومواجهة الصيادي بالاسلوب ذاته، غير أن الشجار الذي كان من الممكن أن يفض دون خسائر سياسية، تحول الى سجال بيانات واستنكارات غير مسبوقة!
وفي بادرة نادرة، عقد إبراهيم الجعفري، رئيس التحالف الوطني، مؤتمرا صحفيا عاجلا في مبنى مجلس النواب، حضرته \”العالم الجديد\”، طالب فيه الملا بتقديم اعتذار الى \”عموم المسلمين\”، وإجراء تحقيق مع نائب العراقية لـ\”يكون عبرة لمن يحاول المساس بالمرجعيات الدينية\”.
ونوه الجعفري بأن \”المرجعية لها أدوار مشرفة بحفظ الأمن في البلاد أثناء الشد الطائفي عام 2005، كما كانت صمام أمان في كل الأزمات السياسية\”، مطالبا رئاسة المجلس بـ\”إيقاف النعيق الطائفي هنا وهناك، والدعوة إلى الوحدة والالتزام\”.
وفي محاولة لنزع فتيل أزمة يبدو أنها انفجرت، بين الجعفري أن \”موقف الملا هذا لا يمثل العراقية، ولا أي كتلة برلمانية، ولا السنة وإنما يمثل موقفه الشخصي\”.
ومن على شاشة تلفزيون العراقية شبه الرسمية، استنكر رئيس الوزراء نوري المالكي، موقف الملا والقائمة العراقية، محملاً رئاسة مجلس النواب مسؤولية ما حصل في الجلسة.
وقال المالكي في خبر عاجل بثته القناة التي تدعم توجهات رئيس الوزراء \”نستنكر التصريحات التي اطلقها احد النواب المعروفين باثارة الازمات، ونحمل رئيس المجلس وهيئة الرئاسة مسؤولية ما حصل من شجار في المجلس أساء لسمعة العملية السياسية\”.
ودافعت القائمة العراقية عن موقف الملا، في بيان تلقت \”العالم الجديد\” نسخة منه، وبينت فيه أن \”ائتلاف العراقية استنكر في جلسة مجلس النواب، وبشكل حضاري، وعلى لسان النائب حيدر الملا رفع صور قيادات أجنبية في شوارع بغداد، ومنها صور السيد الخميني والسيد الخامنئي وكلاهما شخصيات محترمة في بلدها\”.
واعتبرت القائمة، أن \”رفع هذه الصور يثير حفيظة المواطن العراقي ويمس سيادة العراق وكرامته، وبدلاً من النقاش بشكل حضاري، تحول الامر في مجلس النواب الى حلبة للصراع والتشابك بالأيدي من قبل بعض الاطراف التي تحمي المصالح الايرانية قبل العراقية\”.
وطالبت القائمة الجهات الحكومية بـ\”إنزال صور القيادات الأجنبية بشكل فوري ومنع أية صور لرموز غير عراقية في شوارع بغداد الحبيبة\”.
وأعربت عن \”اعتزازنا الكامل بكل مراجعنا الرشيدة في النجف الأشرف ومدن العراق الأخرى، ونرفض أي تجاوز عليها أو مزايدة باسمها من اي طرف كان\”.
وفي تطور للقبض على الخلاف، قالت وكالة \”الفرات نيوز\”، على ذمة مصدر لها أن \”رؤساء الكتل السياسية اجتمعوا مع هيئة رئاسة مجلس النواب، وذلك على خلفية الشجار بين بعض النواب، ولبيان ملابسات مطالبة النائب حيدر الملا\”.