وصلني من جهينة خبر يقين بأن عشائر الكرادة قامت بانتفاضة بَسْطِية بعدما عبرت ناقة طرفة بن العبد الشارع الرئيس في الكرادة داخل، بالضبط قرب مستشفى الراهبات، وأصيب خفها وهي تعبر الطريق بسبب بعض الحفريات التي نفذها مهندسون مختصون إعدادا لبناء أول ناطحة سحاب في الكرادة، ومستشفى حديث تخصصي للأمراض العقلية، ومدينة ألعاب للأطفال، فتعثرت الناقة وسقطت بكامل جثتها فوق بطة هاربة من المياه الآسنة لعشيرة من عشائر الكرادة.. فماتت البطة على الفور عندما دخل سنام الناقة في جسدها الرقيق، وانقطعت أنفاسها، وتطاير ريشها الجميل في الريح، ونتيجة لموت البطة وإصابة خف الناقة المصون قررت كبار العشائر الكرادة إقامة الفصل العشائري للنظر في القضية.
اجتمع كبار وجهاء وحكماء العشائر لتداول الحل المطلوب للقضية كي لا يتطور الأمر إلى الثأر العشائري بين فريق البط وفريق الجمال، خصوصا وأن الكلاب السائبة تعبر الطرقات هي والخرفان والدجاج والديكة والقطط بكامل الحرية. وبعد تناولهم لإفطار شهر رمضان ودعائهم إلى الله ليخفف المصاب عند القلوب الثكلى بموت البطة وإصابة الناقة، وتهدئة خاطر ابن العبد لحزنه الشديد على إصابة ناقته، وليهدى القوم إلى القرار الصواب في هذا الفصل العشائري، بدؤوا في حواراتهم وتعالت الأصوات وكانت المشادات الطويلة والأخذ والجذب، حيث نفخت كل عشيرة في بوقها الخاص على المحطات الفضائية، وتداولت المحطات صورة البطة المأسوف على شبابها في لحظاتها الأخيرة، وصورة الناقة الجريحة، وكتب ابن العبد قصيدة جديدة على وزن البحر الطويل يبكي فيها ناقته ومصابها، وبعد الهداية الرحمانية، وإيقاد أعواد البخور وطقطقة الحرمل ليبعد شر الشياطين والجن المخربة في النفوس، فهي التي تسببت في إصابة الناقة وموت البطة، تم الاتفاق على إزالة البسطيات بقرار من الفصل العشائري حماية لحقوق الناقة في المسير بسلام وأمان، وحفاظا على حياة الأرواح المتبقية من البط.. وتحقيقا للمساواة مع بقية الحيوانات المسترخية في الطرقات، فلا تحدث غيرة بين البط والجمال والكلاب والخرفان والدجاج والديكة، والقطط، وتعم السعادة والسلام في مزرعة جورج أورويل أخيرا، بالرغم من الحكاية المضادة بأن الناقة تعود لجورج أورويل أصلا وقد سرقها ابن العبد منه فلم تدخل مزرعته، لذا يتوجب على أصحاب البسطيات الطاعة وعدم العمل الشريف بالبيع في بسطيات بسيطة كانوا قد افترشوها ليحصلوا بعدها على كسرة خبز يوميا، وطلبت العشائر من أصحاب البسطيات تناول الكيك بدلا من الخبر أسوة بقرار ملكة فرنسا، وعلى المتضرر اللجوء لفصل عشائري آخر، فما زال الوقت مبكرا للجوء للقضاء!!