في زيارتي لمجلس محافظة الأنبار أمس علمت بأن لجنة التربية والتعليم في المجلس والتي كانت برئاسة السيدة ابتسام محمد ستوكل إلى نائبة اخرى فازت كمرشحة لهذه الدورة الانتخابية الجديدة. هنا تساءلت في نفسي لماذا لجنة التربية والتعليم في المجلس دائما ما تكون برئاسة امرأة؟ أهو استصغار لطاقات المرأة الإدارية والفكرية؟ ام هي الثقة بقدراتها التي تمكنها من متابعة هذا الشأن الهام؟ منذ ان وعيت الحياة في بلدي لم اسمع ان تقلدت المرأة العراقية مناصب حساسة وعليا في الحكومات المتعاقبة، كأن تكون مثلا وزيرة للخارجية. فكم عدد النساء العراقيات اللاتي يتفوقن بعقولهن على كونداليزا رايس او كاثرين اشتون؟ او تكون وزيرة للدفاع مثل آن كريت او كارين انستروم او آليو ماري او كارمي شاكون.
اعود لسؤالي الأول، فإن كان الأمر مقصود وكظني الأول، وهو كذلك بنسبة كبيرة فيجب على رئاسة المجلس الاهتمام بلجنة التربية والتعليم أضعاف ما تهتم باللجان الأخرى، وإن كان القصد منه ان عضوة المجلس اقدر وأكفأ من الرجل لما تملكه من عقلية فذة متميزة، فلماذا وهي بهذه العقلية لا ترأس اللجنة الأمنية؟
وعلى مستوى لقاءاتنا اليومية في هذا المرفأ الإلكتروني وجدت ان المرأة اذكى من الرجل و أصبر واهدأ، فهي لا تخاف قول الحق ولا تهادن الباطل. كما انها لا تحاول فرض رأيها على المقابل في الحوار، وهي هادئة غير متعجلة في النقاش، تملك نظرة واقعية وعقلاً فذاً حررها من ان تكون عبدة لما يقوله هذا الشيخ او ذاك المرجع. اما خارج هذا العالم فالمرأة العراقية مبدعة تظهر روعتها حالما أتيحت لها الفرصة في ان تأخذ دورها الفعال في المجتمعات. فهي تبرز في الغربة كعملاقة تتصدر رجال الغرب بفكرها وإبداعها ونظرتها الثاقبة وعقلها المستنير. ولنا مثل في هناء القاضي ورؤى البازركان وسوزان سامي وزها حديد وابنة الناصرية الفيحاء عبير فيصل والتي تصدرت البرلمان السويدي لترشح بعدها لعضوية البرلمان الأوربي. والقائمة تطول بأسماء المبدعات العراقيات.
وتخيل عزيزي القارئ لو أن وزارة الداخلية العراقية صارت بقيادة امرأة كفوء. هي موجودة بالفعل، على الرغم من أن رتبتها حالياً لا تتيح لها ذلك. الملازم أول رشا الطيار، ضابطة في مركز شرطة ببغداد، محققة بارعة ماهرة في مجال عملها تحدت كل الصعاب وما يكتنفها في مجتمع ذكوري يرزحن فيه النساء تحت وطأة اضطهاد الرجال. قبل فترة علمت ان ضابطات شرطة عراقيات ارسلن في برنامج تدريبي أقيم في الولايات المتحدة الأميركية. ولا اشك في أن قدرة احداهن مستقبلاً تفوق قدرة (مختار العصر) إضعاف المرات، بل إنني احلم أن تقود الملازم اول رشا وزارة الداخلية. فليست أفضل من قاسم عطا في وزارة الدفاع، والذي كان ملازم قبل الاحتلال ثم أصبح لواء بعده! على الأقل أن رشا الطيار لم تكن عضوة قيادة فرقة متلونة – في تنظيمات حزب البعث المنحل. رشا الطيار لن تكون (علاسة) لتنظيم ميليشياوي يزرع الخوف بدل الأمن في قلوب العراقيين. هي عشتار عراقية شقت طريقها وهي تعزف على الأسلاك الشائكة موسيقى الأمل.
* كاتب عراقي