تستمر موجة الرفض النيابي لإقرار تعديلات الموازنة العامة، وذلك عشية جلسة الغد، والتي من المتوقع أن تشهد صعوبات في تمريرها.
إذ أكدت جهات سياسية، اليوم السبت، أن تعديل الموازنة العامة لن يمضي دون الاستجابة لمطالب نواب محافظات الوسط والجنوب، كاشفة عن وجود ضغوطات أمريكية لتمرير تعديل المادة 12 من قانون الموازنة الخاصة بحصة إقليم كردستان.
ونص تعديل المادة الثانية عشر باحتساب سعر برميل نفط الإقليم بستة عشر دولارا قابلا للزيادة والنقصان وهو ما يشكل نقطة الخلاف.
ورهنت اللجنة المالية التصويت على التعديل الجديد بحسم الأمر مع وزيرة المالية سيما مع وجود خلافات سياسية حادة حول طبيعة والية التعويضات التي ستدفعها الحكومة في هذا التعديل.
وقال عضو مجلس النواب هادي السلامي، في حديث تابعته “العالم الجديد”، إن “نواب محافظات الوسط والجنوب شكّلوا جبهة موحدة اتفقت على نقاط محددة ومشروعة لتحقيق مصالح محافظاتهم في تعديلات الموازنة العامة”.
وأضاف أن “جبهة نواب الوسط والجنوب وضعت سياقات واضحة للتعامل مع التعديلات بما يحقق العدالة والإنصاف ويراعي الحقوق المالية لتلك المحافظات”، مشددًا على أنه “ليس من المعقول أن تُنفق الدولة مليارات الدولارات في اتجاه واحد بينما تعاني محافظات أخرى من نقص حاد في الميزانيات، ما يعيق تنفيذ المشاريع الخدمية الأساسية”.
وأشار السلامي إلى أن “تعديلات الموازنة لن تمضي دون اعتماد مبدأ العدالة والإنصاف بين جميع المحافظات”، مؤكدًا أن “موقفهم الرافض للتعديلات الحالية يأتي ضمن مبادئ مشروعة وقانونية”.
يشار إلى أن نواب محافظات الوسط والجنوب شكّلوا جبهة داخل مجلس النواب لضمان حقوق محافظاتهم المالية ضمن تعديلات الموازنة العامة المطروحة حاليًا في البرلمان.
إلى ذلك، كشف رئيس الهيئة التنظيمية للحراك الشعبي حسين علي الكرعاوي، اليوم السبت ، وجود ضغوطات أمكريكية لتمرير تعديل المادة 12 من قانون الموازنة .
وقال الكرعاوي في تصريح تابعته “العالم الجديد”، إن ” تعديل المادة 12 من قانون الموازنة يضمن صرف 16 دولارا تكلفة استخراج النفط من إقليم كردستان على أن يتم استقطاع المبلغ المذكور من مبيعات النفط في الإقليم”.
وأضاف أن ” هناك ضغوطات الأمريكية مورست على جميع الأطراف وأبلغتهم بضرورة تمرير تعديل الموازنة في جلسة غد وسط اصرار جبهة نواب الوسط والجنوب عدم تمريرها وهنا يضع مجلس النواب نفسه بين أن يكون عراقيا مستقل وبين أن يكون تابع ويمتثل لأوامر البيت الاسود”.
واشار الى ان” تعديل المادة 12 يتعلق بمطالب شركات أمريكية لها استحقاقات مالية تقدر بـ 5 مليارات دولار لدى إقليم كردستان “.
يشار إلى أن تعديلات الموازنة الاتحادية أثارت استياء نواب الوسط والجنوب، خاصة بعد منح امتيازات كبيرة لمحافظات إقليم كردستان، ورفع سعر برميل النفط المخصص للإقليم، وهو ما اعتُبر استنزافاً لميزانية الحكومة الاتحادية على حساب بقية المحافظات.
وأعربت جبهة نواب الوسط والجنوب، في وقت سابق من اليوم السبت، عن أسفها لإصرار الحكومة على عدم إجراء تعديلات على قانون الموازنة، لا سيما فيما يتعلق بالمادة 12 والمواد الأخرى، وذلك عقب اجتماع رئيس الوزراء مع رؤساء الكتل النيابية ورئاسة مجلس النواب يوم الأربعاء 29 كانون الثاني يناير الماضي.
وأكدت الجبهة، في بيان صدر اليوم السبت، حرصها على تسهيل استئناف تصدير النفط العراقي من حقول إقليم كردستان.
كما شدد البيان على ضرورة إدخال تعديلات جوهرية على قانون الموازنة لمعالجة العجز الكبير وسد الثغرات المتعلقة بالعوائد المالية الاتحادية، بما يضمن تحقيق العدالة لمختلف المحافظات العراقية.
كما أعلنت الجبهة رفضها لما وصفته بـ”الاستبداد الحكومي والسياسي” في التعامل مع تعديلات الموازنة، مشيرة إلى أنها بصدد دراسة الإجراءات والخطوات المقبلة، وذلك خلال اجتماع مرتقب يوم غد الأحد، والذي سيتناول تقييم التزام الحكومة والإقليم والمحافظات ببنود البرنامج الحكومي.
يأتي بيان جبهة نواب الوسط والجنوب في ظل الخلافات المستمرة حول قانون الموازنة العامة، والذي أثار جدلًا واسعًا داخل الأوساط السياسية والبرلمانية، خاصة فيما يتعلق بالمادة 12 التي تنظم آليات تصدير النفط من إقليم كردستان والعوائد المالية المرتبطة به.
وادرج مجلس النواب، أمس الأول الخميس، تعديل قانون الموازنة الاتحادية ضمن جدول أعمال جلسة الأحد.
وأثارت تعديلات الموازنة الاتحادية للعام الحالي لغطاً كبيراً داخل الاروقة السياسية حيث القى بعض النواب اللائمة على الحكومة في رفع سقوف الانفاق بينما ردت الأخيرة وبأكثر من مناسبة بان المسؤولية يتحملها البرلمان لإجرائه تغييرات في بنود الموازنة والتلاعب بجداولها المرسلة الى البرلمان.
وجاء الخلاف بين بغداد وأربيل عندما تم تمرير مقترح جديد غير الذي أقرته اللجنة المالية النيابية وتم الموافقة عليه من قبل الحكومتين، سيما المادة 12 الخاصة باستئناف تصدير نفط إقليم كردستان.
وقال متحدث باسم حكومة إقليم كردستان بيشوا هورامي في 23 كانون الثاني يناير الماضي، إن التعديلات الأخيرة لمقترح الموازنة قد تمت دون التشاور مع حكومة إقليم كردستان، و”إننا نُعلن رفضنا التام لهذه الإجراءات والمقترحات”، داعيا إلى “ضرورة طرح مشروع القانون المتفق عليه وإقراره من قبل مجلس الوزراء الإتحادي والتصويت عليه”.
لترد بغداد على لسان الناطق الرسمي باسم الحكومة الاتحادية باسم العوادي الذي نفى ما ورد ببيان هورامي، من إدعاء بأن ممثل الحكومة الاتحادية في مجلس النواب عرقل تعديل المادة الخاصة بإجراءات استئناف تصدير النفط من الإقليم في الموازنة، داعيا حكومة إقليم كردستان إلى الإلتزام بأحكام مواد قانون الموازنة العامة الاتحادية، بما يتضمن تسليم الإيرادات المالية، سواء النفطية أو غير النفطية، إلى الحكومة الاتحادية، وفقاً لما هو منصوص عليه في القانون وقرار المحكمة الاتحادية.
وشهدت جلسة مجلس النواب، في 21 كانون الثاني يناير الماضي، كسرا للنصاب عبر خروج النواب من القاعة، بعد الوصول للتصويت على فقرة بقانون الموازنة الاتحادية.
ويبقى ملف النفط والإيرادات بين الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان أحد أكثر الملفات تعقيداً، حيث تتقاطع فيه الجوانب القانونية والسياسية، وبينما تسعى الحكومة والبرلمان لتسوية الإشكالات عبر تعديلات قانونية وإجراءات رقابية، يبقى الالتزام من جانب الإقليم محوراً أساسياً لضمان حقوق الموظفين وتعزيز الاستقرار في العلاقة بين الطرفين.
وشهدت الأجواء بين بغداد واربيل خلال الأيام الماضية، توترا و”حربا بالبيانات” بين إقليم كردستان ووزارة المالية الاتحادية، بشأن الخلافات على مبالغ الرواتب حيث لا تزال رواتب شهر كانون الأول 2024 لم يتم صرفه للموظفين في كردستان حتى الان، فبينما تؤكد وزارة المالية الاتحادية انها أرسلت أموال كردستان بالكامل فيما يخص الرواتب، تنفي مالية كردستان ذلك وتقول ان الأموال التي وصلتها من بغداد اقل من المبلغ المطلوب بحوالي 800 مليار دينار، ما يمنع توزيع رواتب الشهر الأخير من العام 2024.
وحثت خارجية الولايات المتحدة، في 15 كانون الثاني يناير الماضي، البرلمان العراقي على الإسراع في تمرير الموازنة الاتحادية للعراق.
وقال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر في إيجاز صحفي بمقر الوزارة “لقد عملنا مع الحكومة الاتحادية العراقية وحكومة إقليم كردستان، للتوصل إلى اتفاق موازنة دائم من شأنه أن يسهل إنتاج النفط المستدام في إقليم كردستان”.
وأضاف ميلر “شهدنا مراجعة تعديل الموازنة هذا الأسبوع ونحث على اعتماده بسرعة”.
الجدير بالذكر أن الموازنة للعام الحالي، لم يتم تنفيذها ولا صرف أموالها لغاية الآن، بالرغم من تحذيرات المختصين بفقدان الثقة في قدرة الحكومة على الإدارة المالية ويتسبب بإرباك اقتصادي واستثماري وسياسي أيضا.
ومنذ نحو 10 سنوات، لم تنجح الأطراف السياسية في بغداد وأربيل في حل الخلافات بين الجانبين والتي تسمى “الملفات العالقة” والتي تخص الموازنة وحصة الإقليم منها وملف رواتب الموظفين في إقليم كردستان ومصير المناطق المتنازع عليها وتسليح البيشمركة وغيرها من الملفات.