عمود متأخر

لم يحالفني الحظ، بل كنت سعيد الحظ حين تعطلت منظومة الانترنت الخاصة بي في الاسبوع الفائت، قبل موعد نشري المعتاد لأفقي كل اربعاء الذي اختفى الاسبوع الفائت لأسباب فنية بحته من جهة، ومريحة نفسيا لي من جهة أخرى. 

من باب الأصول اني اعتذرت لأسرة \”العالم الجديد\” عن ذلك، وها انا اعتذر لكل من يتابع ما اكتبه، مع اني حديث عهد بهكذا مواعيد ومواثيق ملتزمة جدا في الاعلام..عرف عني التأخر وعدم الالتزام بالعمل، وحتى في الدراسة بل حتى مع الحب ايضا. يُشكل علي الاصدقاء بانني لا اخلق زخما ايجابيا في حياتي، وان السلبية لابد ان تكون لها حدود حتى تبتدأ حدود المنطقة الايجابية التي تجعل من حياتنا لها معنى وألقا كحال خلق الله في شتى بقاع الارض.

 اسبوعان وانا ابحث عن الجانب الايجابي العام لتكوين فكرة صالحة للنشر هنا. فكرة خلاقة, منتجة, ما علي سوى ربطها بمفردات متناسقة حتى تتحول الى قطعة نثرية تؤثر بالقارئ وتدفعه للامام. ان تكون ايجابيا، معناه في العراق ان تدفن رأسك بالرمل كالنعام، وتعتبر ان كل ما يحصل من حولك هي فترة اعلانات طويلة بانتظار عدنا بعد الفاصل، غير ان العكس هو الصحيح، رغم فرضية الاعتبار. احتسب نفسي واتابع ما يكتبه نظراؤنا من قومنا معشر الكتاب في الصحف. لا يثيرني شيء، ليس ترفعا وانما مللا وتكرارا لكل المستنسخات الاربعة المعروفة دين وسياسة وتحشيش وتنظير اسطوري متناقض.

لكن ماذا نفعل، هذا ما يطفو على السطح، وان تحاول تفكيك تراكيب المشهد قدر استطاعتك ستطول سطورك، ولا احد يرغب حقا بمشاهدة المزيد بعد اول 3 سطور تجذب بها القارئ، وهي الفترة القياسية التي من خلالها يقرأ لك من عدمه. ايعقل ان نصل الى هذه الحيرة بعد عشرة اعوام من التغيير؟ نحتار حتى بالكلمات التي نريد ان نصف بها اوضاعنا، وانها فقدت بريقها الحقيقي بالتكرار الممل. هل وصل بنا طائر رخ العراق الجديد الى هذا الحد من عدم الجدوى وعدم الاكتراث لكل ما تريد ان تقوله، وان تسعى لتتعلمه كممارسة وسلوك لنظام حياة جديد اسمه الديمقراطية. 

نعم وصلنا ولاعيب من الاعتراف بالفشل.. نعم نفتقد لمؤسسة راعية تقودنا الى خلق قوة ديمقراطية حقيقية في المجتمع اولا قبل السلطة. وان يكن.. يرد اخرون لا نملك حلا والتغيير الحقيقي بحاجة لعرق ودماء. خطاب عال نوعا ما، ولابد ان يطرح المثال المصري عليك كحجة دامغة رغم عدم تناظره عمليا مع حالتنا المطرزة بالهوية الطائفية المعقدة.. لنتحدث بانشاء النواة اولا يا اصدقائي ثم نتحدث عن الانشطار والتناظر والتراكم الكمي ثم النوعي. الرحلة طويلة ومعقدة وتحتاج الى تمرينات جماعية مكثفة وضبط لمسارها بشكل دقيق. انا اؤمن بهذه النواة وشقيقاتها وشرعيتها بالوجود امام كل هذا الخراب. 

ثمة امر لا استطيع تقبله، فقد ضاع مني تقريبا عقدين من العبث، وسيكتمل عقد ضياع اخر عما قريب. اذن عليّ ان ابحث عن اقصر الطرق لحل معادلة الزمن مع حياتي. كل يوم من حياتنا مجازفة، لم لا نضيف لها مجازفات اخرى في الهرب من هنا.

بكل امانة مهزلتنا لن تنتهي قريبا والساعة لا تتوقف ابدا… تنتهي كل جلسة مع اصدقاء لعنة الاسئلة بالسؤال الاخير الذي يعيدنا لنقطة الصفر.. ماذا عن حياتي؟؟. 

إقرأ أيضا