قد لا يبدو منطقيا الحكم على حكومة حيدر العبادي وهي لم تكمل شهرها الأول بعد. الحكم على مسيرة الحكومة من خلال فترة قصيرة جدا ما هو إلا حكم مستعجل، ولكن ليس من المنطقي أيضا اسكات الأصوات المنادية بضرورة مراجعة بعض القرارات، والضغط بشكل أو بآخر من أجل منع الخروج بمسيرات احتجاجية تسجل اعتراضها على قرار هنا أو هناك. الاعتراض على بعض القرارات لا يعني بالضرورة اصدار حكم مسبق على فشل أو نجاح الحكومة، حتى وإن كانت أسس الفشل التي رافقت الحكومة السابقة تكررت بشكل أو بآخر في حكومة العبادي.
بحجة التوظيف السياسي تقمع بطريقة استباقية محاولات الاحتجاج على بعض الخطوات المثيرة للجدل التي صدرت أخيرا من رئيس الوزراء الجديد بضوء أخضر من بقية الكتل. هل يعقل أن نرمي جميع الأصوات المعترضة بحجر الدفاع عن تجربة المالكي وكأن التجربة الجديدة ليس لها معترضون بالمطلق، وكأن التجربة الجديدة تتمترس خلف شعار عدم العودة إلى الخلف وتبرر جميع الأخطاء حينما ترفع تلك اللافتة؟
لماذا يحشر جميع الرافضين للعبادي وهذه التشكيلة الحكومية برمتها في زاوية المدافعين عن المالكي حصرا؟! وهل يعقل أيضا أن يمنع تماما الاعتراض على حكومة العبادي أو حتى بعض القرارات التي تصدرها بحجة كونها في بداية الطريق؟! هل تلك المبررات المساقة كافية لمنع التظاهرات أو الانتقاص منها؟!
لا يخفى على أحد أن حق التظاهر مكفول دستوريا قبل كل شيء، سواء انسجمنا مع الداعين للتظاهرات أو اختلفنا معهم ومع مطالبهم، وهذا غطاء كاف ومبرر قانوني لمن دعا للتظاهر في الفترة الماضية. من هنا لا تنبغي مصادرة قناعات الآخرين بسبب اسقاطات سياسية تنحاز لهذا السياسي أو ذلك الحزب! ماذا يبقى إذن من تجربتنا الديمقراطية إن منع حق التظاهر؟! خصوصا بعد أن أفرغت تماما من محتواها! وكما يطالب الرافضون للتظاهرات بمنح العبادي وحكومته مساحة زمنية أطول، فان الداعين للتظاهرات يطالبون أيضا بمنحهم حق التعبير عن الرأي، ولا ينبغي مصادرة ذلك الحق طالما التزم المتظاهرون بمبدأ التظاهر السلمي.
gamalksn@hotmail.com