عن نوابنا المتظاهرين ضد انفسهم!

حينما اعلن قبل بضعة سنوات عن انطلاق مظاهرات في ليبيا من اجل تغيير النظام، اعلن القذافي على طريقته العبثية المعروفة عنه انه سيقود الجماهير في الشارع ويسير مظاهرات ضد الحكومة! وكانه ليس معنيا بالنظام الليبي الحاكم حينها، وكانه خارج الحسابات تماما! نوابنا المبجلون الذين سخروا كثيرا من القذافي ومن افعاله البائسة يكررونها وعلى مرأى ومسمع الجميع، عبر وسائل الاعلام وفي الشارع اجمع نواب البرلمان على تأييد المظاهرات والمشاركة فيها ودعهما بما يلزم، المظاهرات كما هو معلن هدفها الاساسي هو الغاء تقاعد اعضاء البرلمان وتجريدهم من مميزاتهم الاقطاعية بامتياز! حقّا… شر البلية ما يضحك!

خلال السنوات القليلة الماضية ظهر في العراق اقطاعيون اكثر طمعا من ذي قبل! اقطاعيون في زمن الفيسبوك، ليسوا مجبرين على استقطاع الاراضي وتعذيب الفلاحين، بل على مبدأ \”فيك الخصام وانت الخصم والحكم\” يملؤون الدنيا ضجيجا ضد الفساد الاداري ويرفعون معاولهم ضد هذا الوزير او ذاك المسؤول، لكنهم لن يفعلوا ذلك الا على استحياء. وذلك لان من بيته من زجاج لا يمكن ان يرمي الاخرين بالحجر! فالسلطة التنفيذية على علم بعورات النواب ومن يحيط بهم، وما سرب من وثائق يؤكد الفضائح المالية \”المقننة\” لأعضاء مجلس النواب. ويؤكد مرة اخرى ان هذا المجلس ايضا لا يمكن ان يؤتمن على ثروات العراق. قروض تصل لمليارات الدنانير وربما حتى الدولارات، مخصصات لا تقف عند سقف معين، ارقام فلكية تقاعدية حتى لمن لم يحضر جلسة واحدة من جلسات مجلس النواب.. وهلم جرا، تلك العطايا المهولة لا تشمل فقط اعضاء مجلس النواب البالغ عددهم 325 شخصا بل تتعداه ايضا ليشمل 165 شخصا من المستشارين والمدراء العامين في مجلس النواب! ارقام مالية مخيفة ومهمولة للطبقة السياسية التي انتهت صلاحيتها ولم تعد قادرة على تسويق نفسها للجمهور. اذا كانت مخصصات الطبقة السياسية تستحوذ على القدر الاكبر من ميزانية الدولة العراقية فماذا يتبقى اذن للأولويات الملحّة على الصعيد الخدمي؟! ان ما يعتقده الرأي العام بانه اولوية لا يعتبر كذلك بالنسبة للإقطاعيين الجدد فالحسابات بالنسبة لهم مختلفة ولذلك لابد من رفع الالتباس! 

الحكومة باعتبارها الذراع التنفيذي في الدولة العراقية لابد ان تكون مطلعة على قوانين من هذا القبيل، ولذلك سوف تكون تلك القوانين بمثابة دافع ومبرر لمزيد من التجاوزات من قبل كوادر الحكومة التي لن تجد نفسها محرجة فيما لو عملت بالمثل! ولهذا فان مجلسا اقطاعيا للنواب بتلك الشاكلة كيف يمكن ان يكون جديرا بمحاربة الفساد الاداري؟! 

فوق جميع ما ذكر فإن اقطاعيي ذلك الزمان لا تحكمهم الدولة بل يبطشون بالآخرين بكل قسوة وربما ما يدفعهم للتسامح احيانا هو القيمة الاخلاقية التي يتحلى بها بعض الوجهاء والتي تعتبر سمة من سماة النبل.. فهل يحمل اعضاء مجلس النواب شيئا من ذلك النبل؟! رغم زعيقهم ونعيقهم وتفجّعهم المصطنع حرصا على اموال الشعب كما يدّعون عبر وسائل الاعلام!

gamalksn@hotmail.com

إقرأ أيضا