في سلة واحدة، حسم مجلس الوزراء، الخلافات حول مشروع قانون العطل الرسمية، عبر إعلانه “عيد الغدير” عطلة رسمية في البلاد، والتصويت على مشروع القانون وإرساله للبرلمان، وفيما أكدت لجنة نيابية أن القانون سيمرر خلال هذه الدورة النيابية، أشار قانوني إلى أن مجلس الوزراء له الصلاحية المطلقة بتحديد أي مناسبة لتكون عطلة رسمية، لكن مختصا أشار لأضرار اقتصادية تلازم إقرار تلك العطل البالغة 25 في العام، وطالب بتقليلها إلى الحد الأدى.
ويقول عضو لجنة الثقافة والإعلام النيابية رفيق الصالحي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “مجلس النواب سيعمل خلال دورته الحالية على تشريع قانون العطل الرسمية، لاسيما بعد إرساله من قبل الحكومة”.
ويضيف الصالحي، أن “مشروع القانون يتضمن ما يقارب 25 عطلة رسمية في السنة، ونحن نريد العمل على تقليص تلك العطل، خصوصاً وأنها تعرقل عمل مؤسسات الدولة كما تضر المواطنين الذين لديهم معاملات في دوائر الدولة”.
ويؤكد أن “مجلس الوزراء له الصلاحيات الكاملة في تحديد أي عطلة رسمية، وأي عطلة يصوت عليها المجلس سوف تضاف للقانون المؤمل تشريعه خلال الفترة المقبلة”.
وكان مجلس الوزراء، صوت يوم أمس، على أن يكون عيد الغدير عطلة رسمية في البلد، كما صوت على مشروع قانون العطل الرسمية وأحاله إلى مجلس النواب لغرض تشريعه.
كما قرر المجلس، في جلسته الاعتيادية يوم أمس، إلغاء قرار مجلس الوزراء رقم 11 لسنة 2018 بشأن تعديل مشروع قانون العُطل الرسمية.
ومؤخرا أثير لغط كبير حول عيد الغدير، حيث طالبت قوى الإطار التنسيقي بتحويله إلى عطلة رسمية، كما انتقدوا عدم تهنئة الرئاسات الثلاث الشعب العراقي بهذه المناسبة، وأبرزهم رئيس البرلمان محمد الحلبوسي.
ويحتفل المسلمون الشيعة يوم الثامن عشر من شهر ذي الحجة من كل عام بعيد الغدير، وهذا العيد، وبحسب الروايات الشيعية، هو اليوم الذي خطب فيه النبي محمد خطبة عيَّن فيها الإمام علي بن أبي طالب مولىً للمسلمين من بعده، وذلك في مكان يُسمى “غدير خم” سنة 10 للهجرة الموافق 631 ميلادية.
وتحولت العطل الرسمية، إلى شبه ظاهرة في العراق، وباتت تمنح بسبب غزارة الأمطار في الشتاء أو ارتفاع درجات الحرارة في الصيف، فضلا عن المناسبات الدينية العديدة أو الوطنية.
وإلى جانب تعطيل الدوام الرسمي من الحكومة الاتحادية، اتجهت المحافظات إلى تعطيل الدوام بشكل محلي، عبر قرارات يصدرها المحافظ، وكانت آخر العطل التي شهدت تضاربا بين بغداد والمحافظات، هي في ذكرى سقوط النظام السابق، حيث عطلت العديد من المحافظات الدوام الرسمية بمعزل عن الحكومة الاتحادية، كما أن مديريات التربية باتت تعلن عن تعطيل الدوام بمعزل عن القرار الاتحادي والوزاري، حسب الظروف الجوية أو المناسبات في كل منطقة.
يشار إلى أن مطالبات بدأت منذ سقوط النظام السابق عام 2003، لتحويل عيد الغدير إلى عطلة رسمية، وطالبت كافة الكتل من المكون الشيعي بهذا الأمر، وضغطت لتحقيقه، لكن لم يصدر قرارا به من قبل أي حكومة سابقة، كما أن عيد الغدير، كان من أبرز المعرقلات لتشريع قانون العطل الرسمية منذ سنوات، نظرا لاعتراض بعض كتل المكون السني على تحويل هذه المناسبة لعطلة رسمية.
بالمقابل، يبين الخبير في الشأن القانوني علي التميمي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “العراق مازال يعمل وفق قانون العطل الرسمية رقم 110 لسنة 1972، وهذا القانون بكل تأكيد يحتاج إلى تعديلات كثيرة، خصوصا أنه منح صلاحية منح العطل بشكل مطلق لرئيس الجمهورية، وبعد سنة 2003 نقلت تلك الصلاحيات إلى رئيس الوزراء، بعد تغيير النظام إلى برلماني”.
ويتابع أن “رئيس الوزراء وفق القانون النافذ، له صلاحيات في إعطاء وتثبيت أي عطلة رسمية وفق هذا القانون بتصويت مجلس الوزراء، ولهذا فالتصويت على جعل عيد الغدير عطلة رسمية أمر قانوني ودستوري وضمن الصلاحيات الدستورية لمجلس الوزراء”، موضحا أن “القانون النافذ حاليا، يتيح لمجلس الوزراء إعلان أي مناسبة دينية عطلة رسمية دون الرجوع إلى مجلس النواب”.
جدير بالذكر، أن تعطيل الدوام الرسمي في العراق، يشمل بدوره كافة السفارات والقنصليات في دول العالم، وهو ما أثر سلبا على الدول التي تحتوي جالية عراقية كبيرة، حيث تأثرت هذه الجالية بتوقف عمل السفارات، لاسيما بقضايا منح الجوازات المرتبطة بالإقامة في تلك الدول، وبعض الأوراق الرسمية الأخرى التي يحتاجها المقيم العراقي، وهو ما لم تضعه تلك الدول في الحسبان، خاصة في المعاملات التي فيها موعد محدد لإنجازها.
من جهته، يوضح الخبير في الشأن الاقتصادي همام الشماع، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الجهاز الحكومي في العراق يعيش حالة من البطالة المقنعة، بمعنى أن إنتاجية الموظف منخفضة إلى درجة، ربما يكون عدم وجوده في مكان عمله أفضل للاقتصاد الوطني من تواجده، فالموظفون يخلقون زخما مروريا وفوضى في أداء العمل وإنجاز المعاملات”.
ويتابع الشماع أن “تعطيل دوائر الدولة يخلق نوعا من حالة الكسل العام في البلد، ولهذا لابد من اختصار العطل الرسمية إلى حدودها الدنيا، خصوصاً أن بعض المناسبات الدينية لا تستحق أن تكون عطلاً رسمية، فهذه العطل لها أثر سلبي على الوضع الاقتصادي بصورة عامة”.
يشار إلى أن الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي، كشف في منشور له عن خسائر العطل الرسمية في العراق، وأكد أن مجموع العطل الرسمية وغير الرسمية، أي عطل الجمعة والسبت والتي تعلن بشكل اضطراري فضلا عن المناسبات الثابتة، بلغ 140 يوماً، ليكون مجموع أيام العمل السنوية 225 يوماً، وفيما يبلغ مجموع الرواتب 70 ترليون دينار، أي أن معدل الرواتب لليوم الواحد هو 192 مليار دينار، وهو ما تخسره الدولة في كل يوم عطلة رسمية واضطرارية، لتكون قيمة الخسائر لهذه العطل باستثناء الجمعة والسبت 8.4 ترليون دينار.