إلى جانب الخلافات السياسية العميقة بين الحزبين الكرديين الرئيسيين حول منصب رئيس الجمهورية، يبرز ملف آخر هو ملف حقول الغاز التي يسيطر عليها الاتحاد الوطني الكردستاني، وسط حديث عن دخول تلك الحقول ملف المفاوضات السياسية بين الطرفين، الأمر الذي نفاه الحزبان بشدة، وأكدا حسم هذا الأمر عبر السياقات الحكومية داخل إقليم كردستان.
ويقول القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني غياث السورجي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “قضية تصدير الغاز ومناطق آبار النفط في إقليم كردستان لم تكن ضمن أجندات التفاوض مع الحزب الديمقراطي الكردستاني بشأن رئاسة الجمهورية، فهذا الملف بعيد كل البعد عن التفاوض السياسي”.
وسرت مؤخرا أنباء تفيد بأن حقول الغاز في الإقليم الخاضعة لسيطرة الاتحاد الوطني الكردستاني، هي محور المفاوضات بين الديقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني، حول منصب رئيس الجمهورية.
ويعتبر ملف تصدير الإقليم للنفط، من الملفات الجدلية وغير المحسومة، على الرغم من دخول بغداد وأربيل في مفاوضات عديدة طيلة السنوات الماضية، لكن جلها تركز حول نسبة الإقليم في الموازنة الاتحادية مقابل ما يسلمه لبغداد من إيرادات النفط الذي يصدره، لكن وبحسب تأكيدات شركة تسويق النفط العراقية “سومو”، فإن الإقليم لم يسلم الحكومة الاتحادية أية إيرادات من تصديره النفط.
ويبين السورجي أن “قضية تصدير الغاز ومناطق الآبار تحل عبر الإجراءات الحكومية من قبل حكومة الإقليم، فنحن في الاتحاد الوطني جزء مهم من هذه الحكومة، وتم حل القضية والوصول إلى تسوية من خلال الإجراءات الحكومية، وليس هناك أي تدخل سياسي بهذا الملف إطلاقا”.
ويشير إلى أن “الاتحاد الوطني لم يعقد أي اجتماع مع الحزب الديمقراطي منذ انسحاب التيار الصدري من العملية السياسية، وأول اجتماع بين الطرفين تم يوم أمس (الأول) في السليمانية بين رئيس الاتحاد بافل طالباني ومبعوث الحزب الديمقراطي فؤاد حسين”، موضحا أن “الاجتماع استمر ساعتين، ولم يتم التطرق خلاله لقضية تصدير الغاز ومناطق الآبار، بل بحث قضية استمرار الاجتماعات بين الطرفين خلال الأيام المقبلة لحل أزمة تسمية رئيس الجمهورية”.
يشار إلى أن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أعلن مطلع شباط فبراير الماضي، عن نية بلاده استيراد الغاز من العراق، وبعد أيام فقط، نشرت وسائل إعلام تركية نقلا عن رئيس لجنة الطاقة والموارد الطبيعية في برلمان إقليم كردستان علي حمه صالح، أن حكومة الإقليم ستبدأ عملية بيع الغاز الطبيعي إلى تركيا في عام 2025، وأشار إلى أنه من المخطط أن يتم مد خط أنابيب للغاز الطبيعي إلى تركيا، وقد بدأت المرحلتان الأولى والثانية من إنشاء خطوط أنابيب الغاز المذكورة.
لكن بعد أيام من هذا الإعلان، أصدرت المحكمة الاتحادية العليا، قرارا يقضي بعدم دستورية قانون النفط والغاز في إقليم كردستان، ومنعته من تصدير النفط لصالحه، بل يجب أن يكون التصدير عن طريق بغداد، بناء على دعوى رفعتها وزارة النفط الاتحادية.
من جهته، يشدد القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني مهدي عبد الكريم، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، على أن “المعلومات والأنباء التي تتحدث عن وجود عرض من الديمقراطي للاتحاد ينال بموجبه رئاسة الجمهورية مقابل الموافقة على تصدير الغاز وتسليم مناطق الآبار، غير صحيحة وهي شائعات لخلط الأوراق ولا صحة لها إطلاقا”.
ويؤكد عبد الكريم، أن “ملف النفط والغاز في كردستان بيد حكومة الإقليم، وهكذا أمور يتم حسمها من خلال العمل الحكومي والإجراءات القانونية والحكومية، فالملف ليس له أي علاقة بالخلاف حول رئاسة الجمهورية وهو بعيد كل البعد عن هذه القضايا”.
ويبين أن “جميع الحوارات والمفاوضات التي جرت بين الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني تخص قضية الخلاف حول رئاسة الجمهورية وكذلك ملف انتخابات الإقليم، والحوارات المرتقبة بين الطرفين خلال الأيام المقبلة تهدف لحل خلاف تسمية رئيس الجمهورية، وملف النفط والغاز ليس ضمن أجندات هذه الاجتماعات”.
يشار إلى أن حقول الغاز التي تديرها شركة دانة غاز (الإماراتية) في محافظة السليمانية، الخاضعة لسيطرة الاتحاد الوطني، تعرضت الشهر الماضي إلى هجمات صاروخية متكررة.
يذكر أن وزارة الثروات الطبيعية في إقليم كردستان، عقدت في كانون الثاني يناير 2021، اتفاقا مع شركة كار غروب لمد خط أنابيب بحجم 36 إنجا للغاز الطبيعي من حقل خورمور الغازي الى أربيل، ومد آخر بحجم 52 إنجا من أربيل الى دهوك، وبذلك يصبح خط الأنابيب الغازية لإقليم كردستان على بعد 35 كم من الحدود التركية.
وبحسب شبكة رووداو الكردية، فإن شركة دانة غاز، كانت تستهدف زيادة إنتاج الغاز الطبيعي بإقليم كردستان، خلال السنوات المقبلة، على مرحلتين، ليصل حجم الإنتاج الى نحو مليار قدم مكعب، بواقع 250 مليون قدم مكعب خلال المرحلة الأولى والذي يمكن استخدامه لسد احتياجات الإقليم، فيما من المؤمل أن يزيد حجم الإنتاج 250 مليون قدم مكعب خلال المرحلة الثانية، والذي يمكن تصديره في هذه المرحلة.
وفي السياق، يفيد المحلل السياسي الكردي محمد زنكنة خلال حديث لـ”العالم الجديد”، بأن “أساس مشكلة الخلاف الكردي-الكردي على رئاسة الجمهورية هو إصرار الاتحاد على مرشحه برهم صالح، فالحزب الديمقراطي في بداية الأمر لم يكن معترضا على منح هذا المنصب للاتحاد مقابل تغيير مرشحه، لكن إصرار الاتحاد على برهم صالح دفع الديمقراطي إلى أن يكون منافسا قويا على المنصب وفق الاستحقاق الانتخابي له”.
ويضيف زنكنة، أن “حل الخلاف الكردي-الكردي في قادم الأيام أمر ممكن جدا، خصوصا إذا أقدم الاتحاد على تغيير مرشحه، إذ من المحتمل حينها قبول الحزب الديمقراطي بهذا الخيار وترك المنصب للاتحاد كما كان ذلك خلال السنوات السابقة، فالديمقراطي يريد تنصيب رئيس الجمهورية من خلال التوافق الكردي-الكردي وليس بفرض إرادة سياسية عليه”.
ويشير إلى أن “ملف النفط والغاز في كردستان ومناطق الآبار الواقعة تحت سيطرة الاتحاد خال من أي خلاف بين الحزبين، فهذا الملف تمت تسويته من خلال حكومة الإقليم، التي تشارك فيها غالبية الأحزاب الكردية”، لافتا إلى أن “الترويج بدخول هذا الملف ضمن الحوارات السياسية شائعات تطلقها بعض القنوات ووسائل الإعلام (الولائية) لغرض خلط الأوراق، وتعميق الخلاف الكردي-الكردي”.
وتدير حقل “خورمور” بإقليم كردستان العراق، شركة بيرل بتروليوم المحدودة التي يتجاوز إجمالي استثماراتها في الحقل 2.1 مليار دولار، وهي ائتلاف تقوده شركتا نفط “الهلال” و”دانة غاز”، ومقرهما إمارة الشارقة.
وتأسس مشروع غاز كردستان في 2007 بموجب اتفاقية أبرمتها “دانة غاز” و”نفط الهلال” مع حكومة الإقليم، تمنحهما حقوقا حصرية لتقييم وتطوير وإنتاج وتسويق وبيع البترول والغاز الطبيعي من حقلي خورمور وجمجمال في كردستان العراق.
وفي تشرين الأول أكتوبر 2008، بدأت أعمال الإنتاج من المحطة التي بنيت لتشغيل المشروع في خورمور بفترة قياسية لم تتجاوز 15 شهرا، وفي 2009، شُكل ائتلاف بيرل بتروليوم الذي يضم دانة غاز ونفط الهلال كمساهمين انضمت إليهما لاحقا “أو إم في”، و”إم أو إل”، و”آر دبليو إي” بحصة 10% لكل منها.