صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

غلق مخيمات النزوح.. وعد كررته الحكومات المتعاقبة فهل تنفذه الحكومة الحالية؟ 

بعد نحو سبع سنوات على إعلان النصر على تنظيم داعش، قررت الحكومة غلق ملف مخيمات النزوح بالكامل في جميع  المحافظات باستثناء إقليم كردستان في موعد أقصاه أواخر شهر حزيران يونيو المقبل، إلا أن العديد من المناطق المحررة، بحسب مسؤولين، ما زالت تفتقر للخدمات الأساسية والتعويضات المالية للمتضررين وتواجه عقبات روتينية في صرفها لإعادة ترميم منازلهم، بالإضافة إلى المحاذير الأمنية التي تواجه العوائل المتهمة بالتورط مع داعش، وكل هذه العوامل تضع تطبيق القرار الحكومي الأخير بـ”موضع شك”.

ويقول المتحدث باسم وزارة الهجرة والمهجرين علي عباس، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “قرار مجلس الوزراء القاضي بغلق ملف النازحين بموعد أقصاه 30 حزيران يونيو 2024 يخص مخيمات إقليم كردستان فقط، وليس غلق الملف بصورة شاملة”.

ويضيف أن “ملف مخيمات النزوح لا يقتصر على وزارة الهجرة فقط بل هناك أكثر من وزارة وجهة تشترك معنا، ونحن ملزمون بتنفيذ قرار مجلس الوزراء بمساندة لجنة المهجرين النيابية، كما أننا في العام الماضي أغلقنا 3 مخيمات من أصل 27 مخيماً”.

وفيما يخص اجتماع الوزارة مع لجنة المهجرين النيابية، يوضح عباس، أن “وزارتنا اقترحت بعض البرامج للمضي بتنفيذ القرار منها زيادة منحة العودة مع الدفع المباشر وتحمل تكاليف النقل، واستهداف العوائل المحرومة اقتصادياً بمشاريع مدرة للدخل، إضافة إلى توفير السلع المعمرة، ويبقى الخيار للعائلة”.

ويشير عباس إلى أن “الحكومات أوفت بوعودها فيما يخص ملف النازحين، حيث أن أكثر من أربعة ملايين نازح من أصل خمسة ملايين موزعين على 175 مخيماً و30 عشوائية في إقليم كردستان، قدعادوا إلى مناطقه الأصلية ليتبقى حالياً 24 مخيماً فقط، 16 منها من سنجار”.

ويبين أن “هؤلاء لم يسمح لهم بالاندماج في مناطق الإقليم لوجود اتفاقيات بين حكومتيّ بغداد وأربيل، إضافة إلى مشاكل المناطق المتداخلة مع الإقليم كربيعة، والخمسة، ومخيم شام، والخازر”.

ويلفت عباس إلى أن “الملف بشكل عام يحتاج إلى جهود كبيرة وتنسيق عالٍ، لوجود مناطق متنازع عليها وإلى الآن تعاني من أزمات مثل مناطق جرف الصخر التي نزحت منها ثمانية آلاف عائلة، ومنطقة العويسات قرب الرحالية وغيرها”.

وكان مجلس الوزراء قد قرر في 2 كانون الثاني يناير الجاري، أن يكون تاريخ 30 حزيران يونيو 2024، موعداً لإغلاق المخيمات والعودة الطوعية للنازحين، وتأليف للجنة من وزارات الهجرة والمهجرين والتربية والصحة، وحكومة إقليم كردستان، لإغلاق هذا الملف.

وعلى إثر ذلك، عقدت وزارة الهجرة والمهجرين، يوم أمس الأول الاثنين، اجتماعاً مع لجنة المهجرين النيابية بشأن إغلاق مخيمات النازحين تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء، وناقشت فيه خطتها لتنفيذ قرار مجلس الوزراء الخاص بإغلاق مخيمات النزوح بعد عودة جميع الأسر النازحة إلى مناطق سكناها الأصلية.

وعن إمكانية غلق ملف النازحين في إقليم كردستان، يؤكد كفاح سنجاري المستشار الإعلامي لرئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني، أن “هناك إمكانية لغلق هذا الملف في حال طبقت الاتفاقيات الثنائية بين حكومتيّ بغداد وأربيل وخاصة اتفاق سنجار في العام 2022، لأنه لا يمكن غلق هذا الملف بوجود جماعات مسلحة وميليشيات خارجة عن القانون في هذه المناطق ومن المهم أن تتعاون الحكومة الاتحادية مع حكومة إقليم كردستان لتطبيق الاتفاقية”.

ويشدد خلال حديث لـ”العالم الجديد”، على أنه “نحن نتكلم عن أكثر من 250 ألف نازح لا يستيطعون العودة لانعدام الأمن وتفشي حالات الاختطاف والتغييب والاغتيالات إضافة إلى انعدام الخدمات أيضاً”.

وينبه سنجاري إلى أن “الملف لا يُحل بقرارات فوقية وأنما بإصلاحات جذرية خاصة فيما يتعلق بنازحي الموصل والبلدات التي تعرضت إلى احتلال منظمات الإرهاب والتي تأثرت أيضاً بعمليات التحرير، وهذه المناطق بالذات تعاني من إشكالية ثنائية أولها وجود الميليشيات الخارجة عن القانون التي تفرض إتاوات على الناس التي تفتتح مشاريع خاصة، والثانية هي انعدام الخدمات، مما يعقد المشهد وبالتالي لا يفكر النازح بالتخلي عن مكانه الآمن إلى مكان أكثر خطورة”.

وفي العام 2014 وبعد سيطرة تنظيم داعش على محافظات نينوى والأنبار وصلاح الدين وأجزاء من كركوك، اضطر 5 ملايين مواطن على النزوح داخل البلد، في أكبر موجة نزوح شهدها العراق، وتركزت العوائل النازحة في إقليم كردستان، فضلا عن توجه الكثير من أهالي الأنبار إلى العاصمة بغداد ومحافظات كربلاء والنجف المحاذية لها، وتم فتح المساجد والمدارس لإيواء النازحين، وذلك بالتنسيق مع المنظمات الدولية التي وفرت سبل العيش الأساسية لهم.

وفي العام 2017، أعلن النصر على تنظيم داعش، وتحرير كافة الأراضي العراقية بعد عمليات أمنية كبرى، اشتركت في مختلف التشكيلات الأمنية، ما خلق ضرورة إعادة المدن المدمرة من قبل داعش، فضلا عن التدمير الذي لحقها جراء العمليات العسكرية خلال التحرير، وقد انطلقت الكثير من الحملات والمؤتمرات المحلية والدولية لإعادة الاعمار، بهدف غلق مخيمات النزوح.

بدورها تقول المسؤولة في جمعية “الأمل” العراقية سرود محمد، في حديث لـ”العالم الجديد”، إن “الظروف البيئية والجو العام والأمن والخدمات لو توفرت في المناطق الأصلية للنازحين لما بقوا في مخيماتهم، لذلك يجب أن لا تتضمن إجراءات غلق هذا الملف العودة القسرية”.

وتضيف “الكثير من النازحين اندمجوا في المدن التي نزحوا إليها لتوفر الخدمات والحقوق والحريات التي فقدوها في مناطقهم الأصلية، إضافة إلى قلة فرص العمل، وعسكرة مناطقهم، وتردي الخدمات الصحية، إضافة إلى سيطرة بعض الجهات على تلك المناطق التي تقيد حركتهم”.

وتدعو محمد الحكومة إلى “دعم النازحين من أجل الرجوع لمناطقهم وخروج القوات الأمنية من تلك المناطق وحصرها على حدود التماس مع التنظيمات الإرهابية، وعدم منع المنظمات الإنسانية من العمل داخل المخيمات خلال هذه الفترة بعد أن تم منعها بأمر حكومي بذريعة أن الحكومة قادرة على التكفل باحتياجاتهم، لكن تبين أنها غير مؤهلة لهذا الأمر”.

وكانت وزارة الهجرة، أعلنت في العام 2021، إغلاق المخيمات كافة باستثناء التابعة لإقليم كردستان ودعته لإغلاقها، لكن مسؤولين في الإقليم أكدوا أنهم غير قادرين على إغلاق المخيمات دون أن يتم إعمار مدن النازحين، وفقا لتقرير موسع نشرته “العالم الجديد” في وقت سابق.

ووفقاً لتقارير رسمية صدرت في أوقات سابقة، فإن العديد من العوائل النازحة عادت إلى مناطق سكناها الأصلية إلا أنها فوجئت بانعدام الخدمات والبنى التحتية وعدم صرف التعويضات المالية لإعادة إعمار منازلها، ما اضطر البعض منها العودة إلى مخيمات النزوح، فيما بقيت الأخرى في منازل شبه مهدمة ومناطق معدومة الخدمات.قراءة أقل

إقرأ أيضا