غياب البيانات الختامية.. باب للفساد ومخالفة ارتكبتها الحكومة لـ”ورقتها البيضاء”

انتقد خبراء اقتصاديون غياب البيانات الختامية للعام الحالي، بوصفها سببا للتغطية على الفساد، وفيما اعتبروها…

انتقد خبراء اقتصاديون غياب البيانات الختامية للعام الحالي، بوصفها سببا للتغطية على الفساد، وفيما اعتبروها من أهم الشروط الجوهرية لأية موازنة، وصفوا غيابها بالخطوة المخالفة لشعارات الحكومة التي ترفع شعارات الإصلاح الاقتصادي و”الورقة البيضاء”. 

ويقول الخبير الاقتصادي باسم انطوان خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “الدولة عندما تصرف مبالغ تصل إلى 100 مليار دولار، فيجب معرفة مصيرها لتجنب حالات الفساد، وكم ذهب منها للاستثمار، كي تكون أساسا لموازنة العام المقبل”.

ويضيف انطوان، أن “البيانات الختامية هي وسيلة لكشف الأخطاء والمراجعات، بهدف وضع الحلول والتعامل بشفافية، وهذه الشفافية ستفقد بغياب البيانات الختامية، لكن للأسف مضى وقت طويل على غيابها”، متسائلا “هل استطعنا وضع حد لمكامن الفساد، وكيف ستتحقق التنمية المستدامة دون الحسابات الختامية”.

ويؤكد أن “غياب الحسابات الختامية خطوة تخالف ما تنادي به الحكومة من إصلاح أو ورقة بيضاء، كون هذه الفقرة موجودة بالدستور، إذ تلزم الحكومة بتقديم الحسابات الختامية للبرلمان مع الموازنة، وهذا إخلال بشروط الموازنة الجوهرية”.

وكان وكيل وزارة التخطيط ماهر حماد، أعلن أمس الأول، عن عدم وجود بيانات ختامية للعام الحالي، وذلك بالتزامن مع تصريح رئيس ديوان الرقابة المالية رافل ياسين خضير، أن أسباب تأخير إنجاز الحسابات الختامية يعود الى أن الديوان يحصل على البيانات عبر سجلات ووثائق، وليست الكترونية.

يشار إلى أن مستشار رئيس الحكومة الاقتصادي مظهر محمد صالح، أوضح في تصريح صحفي يوم أمس، أنه يجب أن يصوت مجلس النواب على الحسابات الختامية لأعوام 2013 و2014، التي تمثل المصروفات والنفقات الفعلية والمعروضة، وبعدها يمكن عرض بقية الحسابات الختامية على مجلس الوزراء تباعاً بغية رفعها الى مجلس النواب لإقرارها بموجب الدستور وقانون الإدارة المالية النافذ، مؤكدا أن المصروفات والنفقات معدة ضمن أعمال رقابة ديوان الرقابة الاتحادية، ولكن عملية اعتمادها مع الملاحظات التي يقدمها الديوان بتقريره يجب أن تعرض بالتعاقب على مجلس النواب.

كما أشار صالح في حديثه الى أنه في عام 2020 كانت هناك موازنة (واقع حال) بالمصروفات والإيرادات، ما يقتضي تقديمها بقانون منفصل كميزانية عامة وحساب ختامي في آن واحد، لذا لا يمكن أن نعبر بحسابات ختامية للسنة المالية 2021 عند اكتمالها في نهاية كانون الأول ديسمبر الحالي، ما لم يقر مجلس النواب سلسلة الحسابات الختامية سنة بسنة تباعاً، بدءاً من العام 2013 وصعوداً.

وكان العام الماضي 2020 قد مر دون إقرار الموازنة، وذلك نتيجة لتقديم الحكومة لاستقالتها جراء ضغط تظاهرات تشرين الأول أكتوبر 2019، ومن ثم دخول البلد بأزمة سياسية، انتهت باختيار الحكومة الحالية برئاسة مصطفى الكاظمي في شهر آيار مايو من ذلك العام.

وكانت عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار النيابية السابقة نجيبة نجيب، قد كشفت في العام 2018، في سياق حديثها عن غياب البيانات الختامية، أن المبالغ التي دخلت خزينة الدولة هي أكثر من 990 ترليون دينار منذ 2004 لغاية 2017، وإذا تمت مقارنتها بالخدمات والمشاريع سنجد أن هناك فرقا كبيرا فيها.

من جانبه، يبين الخبير الاقتصادي ضياء محسن خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الحسابات الختامية تؤثر على موازنة العام المقبل، والتي تعتمد على هذه الحسابات لمعرفة الاحتياجات والمشاريع المتوقفة ومعرفة وصولات الإنفاق”.

وينوه إلى أن “بيان وزارة التخطيط مبهم، لماذا لا توجد حسابات ختامية، وهنا تجب مساءلة الشخص المصرح بهذا الموضوع، ولماذا لا يعتمدون على البيانات الإلكترونية الصادرة من المؤسسات الحكومية، فالعالم شهد تقدما كبيرا بالتكنولوجيا الحديثة ونحن لغاية الان نعتمد على الورق”.

ويؤكد أن “جنبة الفساد قد تكون أخطر ما بالموضوع، لأنه الآن يمكن تغطية كل الفساد الحاصل من قبل بعض المسؤولين وتغطية كل الأخطاء التي ارتكبت، عبر عدم تقديم الحسابات الختامية”. 

وقد نصت المادة الـ62 من الدستور، على تقديم الموازنة والحسابات الختامية من قبل مجلس الوزراء الى مجلس النواب.

وكانت الحكومة الحالية برئاسة مصطفى الكاظمي، قد أعلنت عن قيامها بإصلاحات اقتصادية ومحاربة الفساد، فضلا عن إطلاقها “الورقة البيضاء” في تشرين الأول أكتوبر 2020 التي تضمنت آليات جديدة للإصلاح الاقتصادي على أن يكون تنفيذها بين 3 و5 سنوات، وأبرز محاورها تحقيق الاستقرار المالي، وتعظيم الإيرادات من خلال تنويع الجباية، فضلا عن تقليل النفقات والقضاء على الفضائيين، وتحقيق الإصلاحات العامة في المصارف.

إقرأ أيضا