صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

في سرية تامة.. البرلمان يخصص 17 مليار دينار لشراء 54 سيارة جديدة

رغم دخول البرلمان في عطلته التشريعية التي تستمر لمدة شهرين، إلا أن الحديث مستمر حول ضعف أداء واجباته الدستورية، بعد شهور من الجمود التشريعي، وتعطل العديد من مشاريع القوانين الخلافية.

ففي تطور جديد، يظهر حجم تغلغل الفساد داخل أروقة البرلمان، فبحسب ما كشف عنه القاضي والسياسي، وائل عبد اللطيف، اليوم الأربعاء، من أن البرلمان خصص 17 مليار دينار، لشراء 54 سيارة جديدة لأعضاء المجلس، وذلك خلال جلسة سرية.

وكانت رئاسة البرلمان، قررت في 7 آيار مايو الجاري،  إنهاء الفصل التشريعي الأول من السنة التشريعية الرابعة – الدورة الانتخابية الخامسة، يوم الجمعة التاسع من الشهر الجاري، مبينة أن ذلك يأتي استنادا إلى المادة 57 من دستور جمهورية العراق، والمادة 22 من النظام الداخلي لمجلس النواب.

وتنص المادة 57 من الدستور العراقي على “لمجلس النواب دورة انعقاد سنوية بفصلين تشريعيين أمدهما 8 أشهر، يحدد النظام الداخلي كيفية انعقادهما، ولا ينتهي فصل الانعقاد الذي تعرض فيه الموازنة العامة الا بعد الموافقة عليها”.

أما المادة 22 من النظام الداخلي لمجلس النواب، فتنص على “أولاً: لمجلس النواب دورة انعقاد بفصلين تشريعيين امدهما 8 أشهر يبدأ أولهما في 1 آذار وينتهي في 30 حزيران من كل سنة، يبدأ ثانيهما في 1 أيلول وينتهي في 31 كانون الأول.

وقال عبد اللطيف، في حديث تابعته “العالم الجديد”، إن “أعضاء مجلس النواب أقروا سرا، قبيل انتهاء عطلتهم التشريعية تخصيص مبلغ 17 مليار دينار لشراء 54 سيارة جديدة لصالحهم، في خطوة وصفها بأنها تمثل هدرا صريحا للمال العام وتجاوزا على الصلاحيات”.

وأضاف، أن “التصويت على هذا التخصيص تم بسرية تامة، خلال الأيام الأخيرة من عمر الفصل التشريعي الحالي”، مبينا أن “سعر السيارة الواحدة يبلغ مئات الملايين، ما يطرح تساؤلات حول أولوية الإنفاق في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد”.

ورأى عبد اللطيف، أن “مثل هذه القرارات تعكس استهانة واضحة بمشاعر المواطنين، خاصة في وقت تعاني فيه مؤسسات الدولة من ضعف الخدمات”، مطالبا بفتح “تحقيق شفاف وكشف تفاصيل هذه الصفقة للرأي العام”.

وكان النائب جواد اليساري، كشف في 18 آيار مايو الجاري، عن وجود حراك نيابي يسعى إلى استئناف عقد جلسات مجلس النواب بشكل منتظم، ودون انقطاع خلال الفصل التشريعي المقبل.

وشهد البرلمان خلال الفصل التشريعي الأول، حالة من تعطيل الجلسات، حيث اكتفى بنحو 9 جلسات فقط، نتيجة لتغيب النواب عن حضور الجلسات، وسط انتقادات للرئاسة بعدم تطبيق النظام الداخلي للمجلس، واتخاذ إجراءات صارمة لضمان سير أعمال الجلسات وعدم تعطيل انعقاد البرلمان.

وحمل النائب المستقل، هيثم الفهد، في 5 أيار مايو الجاري، الحكومة مسؤولية تعطيل جلسات، مؤكدا أن التعطيل جاء لتفادي إحراجها بشأن بعض القوانين، وتحديدا قانوني تقاعد الحشد الشعبي، وسلم الرواتب.

ومنذ بداية الدورة النيابية، في كانون الثاني يناير 2022، عقد مجلس النواب العراقي 132 جلسة فقط، في حين ينص النظام الداخلي على عقد 256 جلسة سنويا، كما حدد النظام الداخلي عقد 8 جلسات شهريا، وفصلا تشريعيا يمتد 4 أشهر، بواقع 32 جلسة في كل فصل.

وواجهت المؤسسة التشريعية، منذ انطلاق الدورة الخامسة للبرلمان، تحديات كبيرة، أبرزها الانقسامات الحادة بين الكتل السياسية، وغياب التوافق حول الملفات الكبرى، ما انعكس سلبا على الأداءين التشريعي والرقابي، كما ساهمت هيمنة بعض الأطراف النافذة على قرارات البرلمان في إضعاف دوره، وتراجع ثقة المواطنين بفعاليته، خصوصا مع تكرار تعطيل الجلسات وتغييب القوانين الإصلاحية، مما دفع عددا من النواب إلى طرح خيار حل البرلمان، كمدخل لإعادة بناء المشهد السياسي وفق أسس جديدة.

واتهم النائب رائد المالكي، في 15 نيسان أبريل الماضي، جهات سياسية، وموظفا في مكتب رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، بالوقوف وراء تعطيل جلسات مجلس النواب، بهدف إفشال إدراج تعديل قانون الانتخابات على جدول الأعمال، محملا رئاسة مجلس النواب، ورؤساء الكتل السياسية مسؤولية ما يجري.

وكان النائب المستقل، حسين السعبري، ذكر في 9 آذار مارس الماضي، وجود توجه لحل مجلس النواب العراقي، والذهاب لانتخابات مبكرة، في حال استمرار تعطيل جلساته.

ويخضع حل البرلمان في العراق للمادة 64 من الدستور العراقي، التي تنصّ على أن حل البرلمان يجري بإحدى طريقتين: إما بطلب من رئيس الحكومة وموافقة رئيس البرلمان، أو بطلب من ثلث أعضاء البرلمان على أن يجري التصويت على حله بالغالبية.

ويواجه تعطيل جلسات البرلمان، جملة انتقادات سياسية ونيابية، حيث اعتبرت هذا التعطيل غير مبرر من قبل رئاسة المجلس، خصوصا أن هناك قوانين جاهزة للتصويت وتحتاج إلى عقد جلسات المجلس من أجل تشريعها، وأبرزها: “قانون الحشد، الموازنة، الخدمة المدنية، سلم الرواتب، قانون النقابات”.

إقرأ أيضا