1
أقول لبغداد: أما آن لهذه المدينة أن تأخذ هنيهة من هَدْأة
هل انقلب المعنى؟
هل تغيرت الحروف؟
رأيت الأفقَ الأخضرَ رحباً يتمطى من جدرانك
ليلياً أنفخُ بالوني الورديَّ لأسبح دون عناءٍ حيناً ولأسبح حيناً بعناء قاتلْ
ألتقط المنَّ وانعمُ بالسلوى
من صوفِ فراشي الأبيض
من صدأ الأعمدة المرصوفةِ عند زواياك
تُكشر في وجهي من خلل الموت الخالد فيها
من كثبان تراب الجرذان
أَبْطِرُ أحياناً
أنشدُ سلاماً أو صديقاً أو كتاب
فأُوَجِّهَ، عند خُفُوتِ السَّوْرةِ، سلسلةً من لَطَماتٍ لجبيني
آكلُ نفسي
أقضم أطراف بناناتي وأعودُ لأنفخ بالوني
لأعوم على أمواج من سم منسوج بأنامل قد غُسلت بالديتول الصامت
ألقيتُ التاج التائه لآليَّ في حاوية التأريخ المطليِّ بلون الشيبِ
بلا آخر نظرة
ونضوتُ، بلا أسفٍ، بُرْدتي الملكية ذات التطريز الذهبي
غادرت بلاطي بحثاً عن كوخ استلقي فيه لاستخرج لُبَّ الأرضِ
لأرسمه
ولأحفظ رَسْمه
أتغذى من منظره
يا أيتها الأرصفة
رمالك خاليةٌ من رائحة السَّمنِ الحِّر
خالية من تُوج الوردِ المنظومة بالعقل الالكتروني
وخالية من رَبتاتِ صديقٍ يضحك في الوجه
ويربت فوق الكتف
يرددُ .. يا أغلى من نفسي
يا تراب بغداد
يا سالخ جلدي المتورم من رائحة التزويق
يا غاسل مُخي من خَدر الأكذوبات الفنطازية
ها إني أزرع أصنافاً من الكلمات
أستخرج أقراص المعنى الوحشي
فاطبخها دون بهارات
بغداد
إني لا أمقت حَرَّك
حتى لو أطبقت على أضلاعي
2
إلى جمال كريم
صديقي الأثير
خذ مقصاً
قص باعتناء الحروف التي يتألف منها العراق
ثم ضعها على الطاولة
قد تُختزل الفكرة إلى مفارقات
فإننا لا نستطيع أن نصفه أو نُعرِّفْه
بينما يمكننا معرفة المزيد عن أي محنة عراقية
إذا التفتنا إلى وجود التماثل ما بين الحروف
لا توجد طريقة واحدة لتقديم إجابة متفق عليها
إذ يصعب على شاعر أن يقرأ وداعه الأخير لبلاده
أو لغيابه في محاورة الحروف
هنا أو هناك، لم يبق شيء على حاله
كما يصنع الغريب من الذكرى كرسياً ليستريح عليه
هكذا تماماً بتنا نرى إلى الماضي
وعلينا أن نستخرج من الملفات القديمة ما لم يكشف عنه في عراقنا القديم
بفارق ضئيل لا يزيد عن الجديد إلا بأربعين لصاً.