تعد مجالس المحافظات التي يفاخر قادة العملية السياسية في العراق بأنّها نتاج آخر لـ“الديقراطية” ومظهر حضاري للامركزية القرار وإدارة الشأن العام، ما هي في الواقع سوى وسيلة إضافية تتيح للأحزاب وقادتها المزيد من السلطة ومنفذا آخر للوصول إلى المال العام ونهبه.
ومع تصدر مجلس بغداد مجالس المحافظات بالمخالفات والمؤشرات السلبية، كشفت وثائق رسمية متداولة، اليوم السبت، عن قيام القيادي في حزب تقدم عمار الحمداني بتزوير وصل صرف الاستحقاق الضريبي وتقديمه لمحافظة بغداد لـ”يتهرب” من دفع ضرائب بقيمة تتجاوز 7 مليارات دينار على شركتين للمقاولات يملكهما وهما (شركة طريق المحبة) و(شركة بيرق الأمير).
وبحسب الوثيقة التي حصلت “العالم الجديد”، على نسخة منها، فإن “الهيئة العامة للضرائب خاطبت المدعي العام/ محكمة جنايات الرصافة/ شعبة التحري بإيقاف عمل شركات الحمداني وأبلغت قسم الشركات بوقف التعامل مع عمار الحمداني وعدم منح الشركتين براءة ذمة وعدم ممانعة وصرف استحقاق بسبب التزوير”.
وأصدرت محكمة القضاء الإداري، في 9 شباط فبراير الجاري، أمرًا ولائيًا يقضي بإيقاف إجراءات إقالة رئيس مجلس محافظة بغداد عمار القيسي عن تحالف العزم، وإعادته الى منصبه، وذلك بعد مرور يوم على انتخاب مجلس المحافظة، عمار الحمداني عن حزب تقدم رئيساً للمجلس خلفاً للقيسي، وذلك بـ42 صوتا من أصل 58 صوتا.
وجاءت إقالة القيسي على خلفية اتهامه بتجاوز الصلاحيات الممنوحة له وفق النظام الداخلي.
ويرى حزب تقدم بزعامة رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي، أن منصب رئيس المجلس من استحقاق حزب تقدم حصرا ولكن اتفاقات حصلت حينها سلبت المنصب منه عنوة، بحسب القيادي في حزب تقدم أنور العلواني.
ويعد الكثيرون مجالس المحافظات “بابا من أبواب الفساد”، و”حلقة زائدة”، كما عبرت الكثير من الاحتجاجات التي انطلقت في بغداد والمحافظات في الأعوام السابقة.
ولطالما كان مجلس بغداد الجديد رغم مرور عام على تشكيله، يعاني من صراعات على المناصب والامتيازات.
وبات العراق في المرتبة 140 عالميا، فيما احتل المرتبة الثامنة ضمن قائمة الدول العربية الأكثر فسادا للعام 2024 من أصل 180 مدرجة في التصنيف.
وكانت “العالم الجديد” كشفت في 29 تشرين الأول أكتوبر 2024، على وثيقة صادرة من مكتب رئيس مجلس محافظة بغداد عمار القيسي، تفيد بحصول بموافقته على إيفاد أعضاء المجلس إلى فيينا في النمسا وجنيف في سويسرا وأمستردام في هولندا، وشرم الشيخ في مصر، ودبي في الإمارات، لغرض “تنمية المهارات المطلوبة في العمل”.
ومنذ تشكيل حكومته المحلية في شباط فبراير 2024، ما زال مجلس محافظة بغداد عمله، يثير الكثير من الشبهات حول ممارسته، كان آخرها في أيلول سبتمبر 2024، حيث كشفت “العالم الجديد”، النقاب عن وثائق تثبت قيام رئيس مجلس محافظة بغداد بالسعي لمنح عائلته المكونة من زوجته “ربة البيت” وأبنائه الطلاب، جوازات سفر دبلوماسية.
يذكر أن “العالم الجديد”، فجرت في آيار مايو 2024، فضيحة كبيرة، تمثلت بسعي مجلس محافظة بغداد الجديد للحصول على قطع أراض “مميزة” داخل العاصمة، والتي تراجع عنها المجلس بسبب ضغط الرأي العام، فضلا عن نشر الصحيفة مقطع فيديو لقيام المجلس بتغيير جميع الأثاث في مكاتب أعضاء المجلس، على الرغم من صلاحية الأثاث القديم وعدم تلفه.