في فضيحة جديدة هزت أروقة وزارة الدفاع، تمت الإطاحة بأكبر شبكة دعارة داخلها، وتورط بالتعامل معها كبار الضباط والقادة العسكريين، ما قد ينذر بتغييرات كبيرة في صفوفهم بسبب وضعهم تحت طائلة عقوبات قانونية تصل بهم إلى الطرد من الخدمة والسجن، الأمر الذي يسلط الضوء على العلاقات المشبوهة بين نساء ومسؤولين نافذين.
ويقول مصدر عسكري رفيع المستوى، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “استخبارات وزارة الدفاع، تمكنت من الكشف عن شبكة دعارة داخل الوزارة، تعامل معها ضباط وقادة كبار، والتحقيقات تجري فيها بأعلى مستوى من السرية والجدية بسبب خطورتها على سمعة المؤسسة العسكرية”.
ويضيف المصدر، أن “منتسبا في الوزارة هو من يقود تلك الشبكة، حيث يتعامل مع نساء وفتيات من بغداد والمحافظات الأخرى، يقوم بتقديمهن لضباط من أصحاب الرتب الرفيعة أو من يشغلون مناصب قيادية مقابل أثمان محددة”، موضحا أن “آلية العمل تتم عبر عرض صور تلك الفتيات عليهم وهم من يختارون”.
ويسترسل، أن “صاحب شبكة الدعارة، كان يحصل على هدايا مالية ومكافآت عينية، من قبل القادة، كما أنه أصبح يتقاضى مبالغ من زملائه المنتسبين، مقابل توسطه لنقلهم أو تثبيتهم في موقع معين، عبر علاقاته بالقادة، حيث يروجون أي طلب يتقدم به”.
ويتابع أن “المنتسب يمتلك منزلا في منطقة صناعية شعبية وسط العاصمة بغداد، كمكان لعقد اللقاءات بين القادة وتلك النساء بعد تنسيقه الموعد بينهم، حيث يحضر هؤلاء الضباط بملابس مدنية وسيارات شخصية دون أي حمايات لعدم لفت الأنظار”، مبينا أن “استخبارات الوزارة، وبعد كشفها لما يجري، خاطبت مكتب القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، ورئيس أركان الجيش عبدالأمير يارالله، بكتابين منفصلين، واستحصلت موافقتهما للبدء بإجراءات التحقيق”.
ويؤكد أن “الاستخبارات ضبطت المنتسب واعترف صراحة بإدارته لتلك الشبكة وعلاقته بالقادة العسكريين، كما جرى استجواب بعض القادة الذين تعاملوا معه، واعترفوا أيضا بتورطهم، فيما لم يستجب البعض الآخر حتى الآن”.
ويشير إلى أنه “جرى تدوين كافة الأقوال، وسترفع توصيات للقائد العام للقوات المسلحة بخصوص الضباط والقادة المتورطين، من بينها إبعادهم عن مناصبهم وعدم تسليمهم أي منصب مستقبلا”، مؤكدا أن “المنتسب الذي يدير الشبكة، ما زال التحقيق يجري معه، وربما يجري التوصل لضباط كبار من خلال اعترافاته”.
وغالبا ما تثار ملفات فساد داخل الوزارات الأمنية، سواء الدفاع أو الداخلية، ويجري اتهام ضباط كبار بها، لكن لم يتم اتخاذ أي إجراء بحقهم، باستثناء النقل، وفي حالات نادرة.
ومن آخر الملفات العديدة التي تثار في الوزارة، هي قضية شبهات الفساد بقبولات الكلية العسكرية، فقد كشفت في أواخر نيسان أبريل الماضي، عن تقرير نيابي مزوَّد بتفاصيل دقيقة عن أماكن اجتماع الضباط الذين اتهمهم التقرير بأخذ الرشى لقبول الطلبة، ما دفع خبراء بالأمن إلى التأكيد أن هذا الفساد بالقبول سينتج ضباطا فاسدين أيضا، وهو ما أدى لظهور قوات غير قادرة على القيام بمهامها بشكل صحيح.
وتشهد المؤسسة الأمنية والعسكرية، خروقا كبيرة، فيما يخص بقاء الضباط بمناصبهم العليا لسنوات طويلة، متجاوزين السقف الزمني المحدد لكل منصب، وبحسب تقرير سابق لـ”العالم الجديد”، كشفت وثيقة عن توجه رئيس الحكومة والقائد العام للقوات المسلحة إلى معالجة المسألة، لكن جميع التوجيهات التي أصدرها وزير الدفاع استجابة لهذا التوجه لم تنفذ.
من جهته، يبين الخبير في الشأن القانوني علي التميمي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “قانون العقوبات العراقي يعاقب وبشدة كل العاملين في الدعارة والقوادة والعملاء جميعا، وهذا وفق قانون مكافحة البغاء رقم 8 لسنة 1988”.
ويوضح التميمي، أن “العاملين في الدعارة والقوادة والعملاء تكون عقوبتهم الحبس المشدد لـ7 سنوات، كما أن المتورط بهكذا جرائم من موظفي الدولة العراقية سواء المدني أو العسكري، يتم فصله من الوظيفة، وهذه القوانين العقابية نافذة ويتم العمل بها”.
ويتابع الخبير في الشأن القانوني، أن “عقوبة جريمة الزنا في القانون العراقي هي السجن بمدة لا تزيد عن ثلاثة أعوام، لكن هناك قوانين وضوابط خاصة بالعمل العسكري والأمني، فأي شخصية متورطة بهذا العمل تكون لها عقوبات مشددة، والفصل الوظيفي، سيكون أول القرارات المتخذة بحقه”.
يذكر أن وسائل التواصل الاجتماعي، تنتشر فيها الكثير من فيديوهات لنساء مشهورات يستقوين بعلاقاتهن مع ضباط في وزارتي الداخلية والدفاع.
يشار إلى أن ظاهرة بعض البلوغرات والفاشنيستات وعلاقاتهن الغامضة بأصحاب النفوذ، تطفو على السطح بين حين وآخر، حيث كانت أبرز محطة لهن في بطولة خليجي 25 الكروية التي أقيمت في البصرة مطلع العام الحالي، وشهدت لغطا كبيرا حول تواجد عدد منهن في مقاعد الدرجة الأولى والخاصة (VIP).
إلى ذلك، يبين الخبير الأمني العميد المتقاعد، العميد عدنان الكناني، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “العلاقات المشبوهة ما بين بعض القيادات الأمنية والعسكرية مع بعض النساء، خطر حقيقي يهدد تلك المؤسسات، فمن المرجح أن تكون تلك المرأة هدفا مزروعا من قبل جهات مختلفة للحصول على بعض المعلومات، وهذا الأمر حصل ويحصل كثيرا في العراق وغير العراق”.
ويضيف الكناني، أن “هناك إساءة كبيرة لسمعة المؤسسة الأمنية والعسكرية بسبب تصرفات بعض الضباط غير الأخلاقية، وهي تصرفات تستحق عقوبات في القانون العسكري، وبالتالي يجب أن تكون هناك لجان متابعة وتدقيق لتحركات كل المسؤولين العسكريين والأمنيين الكبار وحتى الصغار منهم، لحفظ سمعة هذه المؤسسة”.
يشار إلى أن تغييرات كبيرة جرت في وزارة الدفاع مطلع العام الحالي، وتم تنفيذ معظمها على أساس تقاسم الحصص بين الكتل السياسية، حيث تم تغيير مناصب القادة لا إحالتهم للإمرة أو التقاعد، حسبما كشفت “العالم الجديد”، وقد طالت التغييرات في حينها مناصب نائب قائد الدفاع الجوي، وقائد الفرقة 15، ومعاون مدير الاستخبارات العسكرية، ونائب قائد الفرقة السادسة، وقائد عمليات غرب نينوى.
يذكر أن القيادات الأمنية والعسكرية، دائما ما تخضع للمحاصصة والتدخل السياسي، وسبق لـ”العالم الجديد”، أن تناولت استمرار عشرات القادة في مناصبهم دون تغييرهم، رغم تجاوزهم السقف الزمني للبقاء في المنصب.