في نكتة: يقف صاحب العيون الحولاء أمام لجنة (شرحبيل) الطبية العسكرية فتقضي بتجنيده فيعيط صارخا بأعضائها: لكنني أحول، وما كان من رئيس اللجنة إلا أن يجيبه ببديهية واثقة: ضعوه على الرمي العشوائي.
إن لفكرة الدين عيون حولاء، وهي التي جاءت على خلفيات تخلف الأمم حيث بلغت السلالات حدها وهي تقف في أعلى سلم الفسق والفجور بحسب رأي صاحب الفكرة الحولاء.. ويرى بأنه لا بد من الرجوع إلى جادة الحق والصواب، وهو أمر يستوجب وجود أناس يبلغون هذه الأفكار العشوائية، فابتدأت بتقسيم القيم الإنسانية إلى هراطقة وزنادقة وفجرة ومنحلين وملحدين وكفرة ومشركين وغيرها من توصيفات أصحاب الفكر الأحول.
شكلت الفكرة الحولاء (كانولة) تغذيتها في جسد الإنسانية مالئة إيديولوجيتها في بطون مخسوفة المحتوى وفارغة الفهم، فكانت الكراهية والحقد والتفرقة والطائفية والملل والنحل والعداوة والثارات والعنصرية والكراهية حتى بات قول (اختلاف الأمة رحمة) لـ(زحلقة) الناس نحو طريق الهداية والإيمان.
كلما جاء دين قذف للدين الذي قبله (قشرة موز) فنرى الأديان تقع على مؤخراتها نادبة حظها العاثر في متبنياتها فتدخل بوابة السلطان الجديد معلنة تنكرها لما سبق من أفكارها الحولاء لتبدأ الطريق الجديد ولا يهمها إن سلكت الطريق المعبد أم تنزل على جانبه الترابي، باعتبارها حولاء في الصميم.
بفعل الزمكانية وتطور حركة التكنولوجيا فرخت الأفكار الحولاء صفة الاعورار المعرفي، فتمخضت لنا دمامل خزنت تقرحات فكرية بوهيمية تحشر إصبعها في كل مخرج أو متنفس وتنبش..
هللت وزمرت لهذه الأفكار شعوب فقيرة، تتمتع بكل أنواع الأمراض والحروب والمجاعات، شعوب تؤمن بنظام القطيع، فباتت هذه الشعوب لا تؤمن إلا بنظرية (العقرب تحب النعال) وابتدأت رحلة قيادة الناس وفق (قيادة الجمال بين الأنف والذيل) فكونت شعوب (إلى اليمين در) تاركة الاتجاه الآخر، وحتى لو طلب منها الاتجاه إلى الجانب الآخر فستعكس اتجاهها.. تذكرني توجهاتها بالمعلم الذي أعلن للصف الأحول بأنه سيعطي (جكليتة) للذي يصفق، وبعد محاولات ومعاناة صفق أحدهم بالصدفة فبادر المعلم بإعطائه الجائزة فما كان من التلميذ إلا أن فتح (الجكليتة) ووضعها بفم زميله الذي يجلس إلى جواره.
لا فائدة من المبادرات بعدما غسلت الأدمغة ورفعت الأقلام وجفت الصحف. تتراكض الشعوب الحولاء بعد تكفير الشعوب الحرة من كافة التوجهات العوراء على منتجات تلك الدول نائية بنفسها عن متبنيات الدين الجديد والتفاخر أمام الملأ بأن لها مشاريع كونية توصلهم بعدة الكافر وأدوات المقدس وخيارات السلاطين للتقرب إلى الملكوت الأعمى.
* كاتب عراقي