يَجد ثلث أطفال العراق أنفسهم خارج أروقة المدارس، يعملون في بيئات عمل قاسية تفوق قدرة أجسادهم الصغيرة على تحملها، رغم وجود قوانين تحظر عمالة الأطفال وتؤكد حقهم في التعليم وتوفير بيئة سليمة لهم، حيث أسهمت الظروف الأمنية والصعوبات الاقتصادية التي يمر بها العراق في ارتفاع عدد الأطفال الداخلين إلى سوق العمل رغم المحاذير القانونية والاجتماعية والمخاطر التي يمكن أن تواجههم من إمكانية استغلالهم من قبل عصابات ترويج المخدرات والمجموعات الإرهابية للقيام بأعمال تنافي قيم الطفولة.
وفي اليوم العالمي لمكافحة عمالة الأطفال، تعهد رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، اليوم الأربعاء، بالالتزام الأبوي تجاه أطفال العراق بصفتهم الشريحة الأساسية في المجتمع.
إذ قال السوداني في تدوينة له على منصة “اكس”، “نجدد التزامنا التنفيذي والأبوي تجاه هذه الشريحة الأساسية (الأطفال) في مجتمعنا، خصوصاً ما تضمنه برنامجنا الحكومي في كفالة حقوق أطفالنا ورعايتهم”.
وأضاف: “لقد أطلقت حكومتنا برنامج دعم الأطفال في المدارس من أبناء الشرائح الفقيرة، من أجل استمرار انتظامهم في التعليم، وعدم تسرّبهم واستغلالهم في أعمال تستهلك أعمارهم وجهدهم وطفولتهم”.
ويحتل العراق المرتبة الرابعة عربياً في عمالة الأطفال، بنسبة تصل 700 مليون طفل عامل من عمر 5 – 17 سنة، يتركز عملهم في قطاعات الصناعة والزراعة والخدمات بنسب عالية، بحسب المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان في العراق.
يشار إلى أن قانون العمل العراقي حدّ من عمالة الأطفال، فهو حدد عقوبات جزائية في المادة 11 منه، إذ نصّ على أن يعاقب بالحبس مدة لاتزيد على ستة أشهر وبغرامة لا تزيد على مليون دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من خالف أحكام المواد المتعلقة بتشغيل الأطفال والتمييز والعمل القسري والتحرش الجنسي.
وعلى الرغم من مصادقة العراق على الاتفاقيات الأساسية الرئيسية التي تحمي الأطفال من جميع أشكال عمل الأطفال، وهي اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 138 بشأن الحد الأدنى للسن، واتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 182 بشأن أسوأ أشكال عمل الأطفال التي دخلت حيز التنفيذ منذ عامي 1985 و2001، كما أنها من الدول الموقعة على اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل، إلا أن نسب عمالة الأطفال في العراق ما تزال مرتفعة.
يشار إلى أن اليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال، هو يوم دشنته منظمة العمل الدولية لتركيز الاهتمام على مدى انتشار ظاهرة عمل الأطفال في العالم، وتعزيز الجهود للقضاء عليها. وتُقام هذه الاحتفالية في يوم 12 يونيو من كل عام منذ 2002م، وأنشأت منظمة العمل الدولية هذه الاحتفالية في عام 2002 وتُقام سنويًا منذ ذلك الحين.
ويمتلك العراق أكثر من 15 مليون نسمة ضمن الفئة العمرية 5-17 بحسب الإحصاءات الرسمية، وان 5% منهم يعملون، ما يعني أن قرابة 800 الف طفل في العراق خارج المدرسة و منخرط في بيئة العمل.
وتوضح الأرقام، أن 5% من الأولاد الذكور بهذه الفئة العمرية منخرطون بالعمل، و4% من الإناث بهذه الفئة العمرية منخرطات بالعمل ايضًا، في مؤشر خطير على تساوي نسبة عمالة الأطفال وعدم اقتصارها على الذكور فحسب، ووفقا لذلك فهذا يعني ان أكثر من 400 الف طفل ذكر منخرط بالعمل، مقارنة بأكثر من 350 ألف طفلة انثى منخرطة بالعمل في العراق بالعمر بين 5 و17 سنة.
وخلال الأعوام القليلة الماضية، شهد العراق الكثير من حالات عنف ضد الأطفال من قبل ذويهم، وكانت هناك جرائم قد صورت ورصدت بالكاميرات، ما حولها لقضية رأي عام، فضلا عن انتشار عشرات مقاطع الفيديو لتعذيب آباء لأطفالهم، وفي كل هذه الحالات اتخذت الأجهزة القضائية والأمنية الإجراءات اللازمة بحق مرتكبيها.
ويحتاج الطفل العراقي لكي يتمتع بالحقوق الدستورية الأساسية إلى تشريع قانون حماية حقوق الطفل ومناهضة العنف الأسري، وتنفيذ اتفاقية حقوق الطفل، وتعديل الأنظمة والتعليمات الخاصة بالطفل في المؤسسات الحكومية، وتعديل النصوص العقابية الخاصة بالأطفال والأحداث بقانون العقوبات العراقي، بحسب مختصين.