أثار إعلان فرقة العباس القتالية، إنتاج دبابات “الكفيل1“، جدلا واسعا في مواقع التواصل الاجتماعي، بين متخوف من تعاظم قوة الفصيل المسلح، وبين مرحب بهذه الخطوة، كونها تصب في مصلحة المنظومة العسكرية الرسمية بشكل عام. ولمعرفة أسرار ونتائج هذه الخطوة، توجهت “العالم الجديد” الى قائد الفرقة المعروفة بقربها من المرجعية الدينية في النجف، الشيخ ميثم الزيدي، حيث أكد أن الخطوة جرت بتفويض من القائد العام للقوات المسلحة، وتحت أنظار وزارة الدفاع، وأن الفرقة ستسلم الدبابة الى الوزارة كبادرة مشجعة لتنشيط الصناعات العسكرية، عازيا أسباب ارتباط الفرقة برئيس الوزراء حيدر العبادي الى “مهنيتها”، ولأجل تحصينها إداريا من محاولات مسؤولين بهيئة الحشد الشعبي عرقلة عملها.
وقال الزيدي في حديث لـ”العالم الجديد”، إن “ابداع الكفيل الذي أطلقته فرقة العباس القتالية، والذي يتضمن تطوير دبابة قديمة وإرجاعها الى الخدمة بعد ان انتهت صلاحية استخدامها أثبت أن العقل العراقي خلاق وخارق”.
وكانت الفرقة قد كشفت عن مشروع الدبابة الوطنية (كفيل-1) بخبرات وطنية خالصة برعاية العتبة العباسية، ويهدف لتحويل أسطول دبابات لواء الفرقة بالكامل من دبابات T-55 السوفيتية العتيقة الى دبابة kafil-1 العراقية الحديثة.
وحول تفسير البعض بأن الخطوة تجاوز لصلاحيات الدولة، رد بالقول إن “فرقة العباس القتالية من القوات المرتبطة بالمؤسسة الأمنية والعسكرية الرسمية، وهذا واضح للجميع، وهي بعيدة كل البعد عن الجانب السياسي، وتلتزم حرفيا بتوجيهات القيادة العامة للقوات المسلحة، بل إنها التشكيل الوحيد بين فصائل الحشد الشعبي الذي يرتبط من ناحية العمليات والانتشار بالقائد العام للقوات المسلحة، يحركها في الجبهات التي يقدر حاجته لها”، عازيا الأمر الى “سببين، أولهما قناعته بمهنية الفرقة وفاعليتها لما تتمتع به الفرقة من قدرات وانضباط كبيرين، وثانيهما شعوره بضرورة الحفاظ عليها من محاولات البعض داخل هيئة الحشد الشعبي بعرقلة عملها لما أظهرته من منهج وطني، ليوفر لها الحصانة الادارية، ويفوت الفرصة على الجهات المتصيدة بالماء العكر”.
وأوضح “حصلنا في عهد وزير الدفاع السابق خالد العبيدي، على تفويض من قبل رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي بتأهيل الدروع والأسلحة وتنشيط التصنيع العسكري التابع للوزارة”، لافتا “ورغم التوجيه الذي تلقته الوزارة، إلا أنها لم تستفد من هذا التفويض لأسباب مجهولة، لعلها تعود للذهنيات القديمة التي تحكم كوادر الوزارة، أو لبعض الأشخاص الذين لا يريدون للمؤسسة الأمنية أن تتطور، لذلك كنّا مضطرين لاستثمار هذا التفويض، من أجل إيصال رسالة واضحة بأن العقول والامكانيات العراقية قادرة على إنتاج وتأهيل مثل هذه الاليات الضخمة”.
ولفت الى أن “هذه الدبابة التي قمنا بتطويرها سنقدمها هدية لوزارة الدفاع، لكي نثبت عمليا، أن بالإمكان تطوير التصنيع العسكري”، منوها “كما نملك لواءً مدرعا كاملا، وكله عائد للوزارة، كون الفرقة تابعة للمؤسسة العسكرية الرسمية، لذا على الحريصين عليها (المؤسسة الرسمية) أن لا يقلقوا إطلاقا”.
وتابع أن “هذا الإنجاز سيَصب بدعم مؤسسات الدولة، وإسناد جهدها، وسيفتح الأبواب لتصنيع عسكري في العراق، لأنه لا يمكن لدولة فاقدة للتصنيع أو الاكتفاء الذاتي من ناحية السلاح والعتاد أن تحمي نفسها”، منبها “ليس هذا أول الإبداع، ولن نتوقف عند هذا الحد”.
وتتميز دبابة (الكفيل-1) بحسب بيان للفرقة، بنظام الكتروني وحاسب باليستي متكامل من تصنيع عراقي لاعطاء دقة عالية في اصابة الاهداف وبسهولة مطلقة بما في ذلك المتحركة، فضلا عن تمتعها بدروع تفاعلية حديثة من مناشئ اوروبية مع طبقة تدريع محلي تكسب الدبابة حماية عالية بوجه مضادات الدروع الحديثة و الصواريخ الموجهة، بالاضافة الى أجهزة رؤية ليلية ونهارية وحرارية مع رؤية بانورامية تغطي زاوية 360 درجة، بما في ذلك للزوايا الحرجة من محيط الدبابة، و اجهزة اتصالات حديثة ومشفرة ومقاومة للتشويش، ورشاش سقفي متحكم به من داخل الدبابة كهربائيا، مزود بكافة وسائل الرؤية للعمل بصورة مستقلة بامرة آمر طائفة الدبابة، ونقل عش العتاد لمكان امن خارج الدبابة لتوفير حماية اكبر للطاقم في حال استهداف الدبابة، ووفق نموذج عمل دبابة الابرامز.
الى ذلك، أكد السيد احمد الصافي وكيل المرجعية الدينية والمتولي الشرعي للعتبة العباسية المشرفة على الفرقة، مساء الجمعة، “نحن الآن أمام مسؤولية تاريخية ولابد من مضاعفة الجهود لإبراز طاقات وكفاءات وقدرات العراقيين خدمة للشعب العراقي”.
وأشاد الصافي خلال لقائه مسؤولي الفرقة بمكتبه داخل العتبة، عصر الجمعة، في كلمته التي تابعتها “العالم الجديد”، بـ”انضباط الفرقة وعدم ارتكابها خروقات حتى في زهو انتصاراتها”، منتقدا محاولات البعض الذين لم يسمهم، في “الضغط علينا في موضوع رواتب الفرقة، بغرض تحجيمها قدر الامكان”. في إشارة الى بعض مسؤولي هيئة الحشد الشعبي.
وكشف وكيل المرجعية الدينية عن “العمل على موسوعة لتوثيق أحداث المعارك والانتصارات التي خاضها جميع المقاتلين الذين لبوا فتوى المرجعية”، وسوف تصل الى 25 مجلد، لتكون تلك الموسوعة شاهداً للأجيال على مرحلة القضاء على داعش تنظيم الارهابي”.
وكانت هيئة الحشد الشعبي قد قررت قطع رواتب مقاتلي فرقة العباس القتالية، لكنها تراجعت في تموز 2016 بعد أن توعدتها الفرقة في بيان شديد اللهجة، بأشد الخطوات القانونية وانتزاع حقوقها إن لم تطلق رواتب مقاتليها.
البيان استنكر أيضا “الممارسات المشينة التي قام بها بعض إداريي الهيئة تجاه الفرقة”، مؤشرا “خطأ مثل تلك الأفعال الخاضعة للرغبات الشخصية والدنيوية الضيقة”.
يشار الى أن “العالم الجديد” نقلت في تقرير سابق استياء أوساط مقربة من المرجعية بسبب التصريحات التي أدلى بها كل من رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، وقائد منظمة بدر هادي العامري، بخصوص تأسيس الحشد الشعبي، التي أظهرت دورا ثانويا لفتوى الجهاد الكفائي التي أطلقها المرجع الديني الأعلى السيد علي السيستاني.