لم تمضِ على الهدنة التي منحها حميد الهايس، رئيس مجلس انقاذ الانبار، أكثر من 36 ساعة، لقادة الاعتصامات بتسليم قتلة نجل أخيه، حتّى سقطت قذيفتين قرب منزله في محاولة لاغتياله.
وتبدو الأوضاع الأمنية في الأنبار آيلة إلى الانحدار أكثر، فالعشائر تسعى إلى تشكيل جيش \”العزة والكرامة\” من أجل \”حماية أهل السنة من بطش رئيس الحكومة نوري المالكي\”. ولا يتوقّف حساب \”داعش\” على \”تويتر\” عن زف \”بشارات النصر على الرافضة\”، كما لا تتوقّف محاولاته لتهريب المسلحين والمقاتلين من سوريا إلى العراق والعكس أيضا، فيما تبدو الحكومة الاتحادية في بغداد خارج كل هذا، فالقائد العام للقوات المسلحة يؤكد القضاء على الميليشيات والمجاميع المسلحة، معلناً أن زمنها \”ذهب إلى غير رجعة\”.
وبدا إعلان معتصمي قضاء الرمادي، في نهاية نيسان الماضي، تشكيل جيش \”العزة والكرامة\”، أمرا مفروضا على الأرض، وهم أكثر تحدياً من قبل، إذ يؤكد قادة الاعتصام أن الجيش سيخرج إلى العلن في أيام، وهو متشكّل من العشائر، وسيقوده ضبّاط الجيش السابق.
وأبدت الحكومة المحلية في الأنبار رفضها لتشكيل هذا الجيش، ودعت المعتصمين إلى ترحيل اعتصاماتهم إلى ما بعد الانتخابات النيابية المزمع إجراؤها في نيسان المقبل، إلا أن المعتصمين سرعان ما ردوا بالرفض.
ودعا المعتصمون، على لسان محمّد الدليمي، أحد قادة الاعتصام، محافظ الانبار أحمد الذيابي إلى العودة إلى \”صوابه وعدم نسيان نفسه\”.
ويقول الدليمي إن \”المعتصمين من شيوخ العشائر والوجهاء وأبناء الأنبار جميعا ماضون في مشروع تشكيل جيش العزة والكرامة لحماية أهل السنة من بطش المليشيات وحماية المعتصمين من عصابات القتل والتخريب والاغتيال\”.
ويرى غازي الجميلي، أحد قادة اعتصام الفلوجة، أن \”الوضع الأمني والسياسي متدهور بشكل خطير جدا خصوصا في هذه الفترة التي تشهد تحولا في المواقف والتصريحات وآخرها ما قاله محافظ الأنبار أحمد الذيابي إن ساحات الاعتصام ليست بكعبة أو مزار\”.
ويؤكد الجميلي، وهو يشد سلاحا على خاصرته \”سنحمل السلاح في خيار نهائي لاسقاط الظلم والدفاع عن أهلنا وأعراضنا\”، ويشير إلى أنه \”لن نسمح لجهة سياسية ان تتفوه بكلمة واحدة كونهم أناسا يستغلون حتى أنفسهم وأرواح عوائلهم من أجل المنصب والثروة التي يحلمون بجمعها على حساب رقاب الأبرياء\”.
وفي تطوّر يعطي الشرعية أكثر للمعتصمين للتمرد على الحكومة، وتشكيل \”جيش عشائري\” بارك رافع الرافعي، مفتي الديار العراقية، تشكيل \”جيش عن أهل السنة\”.
ويقول الرفاعي \”إننا مع تشكيل جيش وقوة تحمي أهل السنة والجماعة بعد استمرار بطش المالكي الذي ليس له لا عهد ولا ذمة مع شعبه وأهله واتخذ من دماء الأبرياء مشاريع ترويج انتخابي لحزبه\”.
ويؤكد أن \”تشكيل جيش لأهل السنة في الأنبار أمر مهم ونحن معه ونباركه على أن يكون تأسيسه والإشراف عليه من أهل الخبرة والمعتصمين في ساحات الاعتصام وألا تتدخل الأحزاب في تمويله وتدريبه حتى لا يسيس لجهة\”, ويشير إلى أن \”تشكيل جيش وطني مهني في الانبار من العشائر والجماهير ضمن الضوابط والشروط هو الحل بوجه الميليشيات التي لن تتوقف حتى تقتل جميع رموز أهل السنة وقادة الاعتصام ومن ينطق بالحق سيسفك دمه من قبل عصابات إيران والحكومة\”.
ويقول مصدر أمني في محافظة الانبار إن الجيش الذي ينوي المعتصمين تشكيله قوامه قادة في تنظيم القاعدة اتخذوا من ساحات الاعتصام ملاذاً لهم. ويلفت في حديث لـ\”العالم الجديد\” إلى أن \”توقيت إعلان جيش العزة والكرامة جاء بالتزامن مع العمليات النوعية التي ينفذها تنظيم القاعدة ضد المسؤولين الأمنيين والسياسيين في الانبار\”.
وفي تطوّر أمني واضح، سقطت قذيفتي هاون بالقرب من منزل رئيس مجلس انقاذ الانبار حميد الهايس شمال الرمادي.
وبحسب مصدر أمني فإن \”الحادث لم يسفر عن خسائر بشرية أو مادية\”.
وقتل مجهولون مطلع الأسبوع نجل شقيق الهايس وشرطيا كان برفقته، وسط الرمادي.
ويربط المصدر الأمني استهداف الهايس بمعارضته الدائمة لتشكيل جيش خارج منظومة الدولة، ولعدم وقوفه إلى جانب المعتصمين منذ بدء الاعتصامات.
وبعد مقتل نجل شقيقه، هدد الهايس باقتحام ساحات الاعتصام لأنه \”لا يوجد فيها سوى المطلوبين قضائيا وعشائريا\”، منبها إلى أن تلك الساحات \”يتحصن فيها كبار قيادات القاعدة بما فيهم ما يسمى والي الأنبار\”.
وبعد التطورات الأمنية السريعة، أقدم مجلس محافظة الانبار، أمس الأول الثلاثاء، على عقد جلسة سرية وعاجلة رشح فيها اللواء الركن إسماعيل شهاب محمد المحلاوي قائدا جديد للشرطة بدلاً من هادي رزيج.
لكن مع حديث الهايس عن أن الأنبار \”أصبحت خالية من الجيش والشرطة والقوات الساندة، ولا يوجد فيها غير عناصر تنظيم القاعدة\”، يبدو أن قائد شرطة الانبار لا يستطيع فعل شيء، مقابل اتساع رقعة عمل تنظيم القاعدة، فضلا عن ترك الكثير من أبناء المحافظة صفوف الجيش بسبب التهديدات المستمرة التي يتلقاها أهاليهم.
وأعلنت وزارة الداخلية للمرة الثانية في أسبوع، أن مفارز من وحدات قيادة حرس حدود المنطقة الثانية ومقرها في الأنبار والمنتشرة على طول الحدود العراقية مع سورية اشتبكت، مع مجاميع إرهابية حاولت التسلل والدخول الى الأراضي العراقية.
وتؤكد الوزارة في بيان، تلقت \”العالم الجديد\” نسخة منه أمس الأول الثلاثاء، أن المفارز تمكنت بعد مصادمات قوية مع المجاميع الإرهابية من إعطاب صهريجين داخل الأراضي السورية نوع مارسيدس.
وأعلنت الوزارة قبل ذلك رد قواتها لهجوم تقوده مجاميع ارهابية قادمة من سورية تحملها ما تقدر بـ20 عجلة دفع رباعي مسلحة و15 دراجة نارية.
وخُطف، أمس الأول الثلاثاء، أحمد كريم نجل رئيس المجلس المحلي لقضاء الرطبة على أيدي مسلحين وسط القضاء غربي الانبار، فيما شهدت الرمادي حتى ظهر أمس مقتل 3 مدنيين على أيدي مسلحين في مناطق الحوز والثيلة وشارع 17.