أثار الكشف عن استقطاع نسبة “مرتفعة” من رواتب العمال وفقا لقانون الضمان الاجتماعي والتقاعد الجديد، مقارنة بسابقه، تساؤلاتٍ عدّة، ما برّره نواب بأن النسبة وصلتهم من الحكومة وأن من الصعب عليهم تغييرها، لأنها ترتبط بـ”جنبة مالية” قد تؤدي مناقشتها لعرقلة تمرير القانون، فضلا عن عدم وجود آلية تلزم المستهدفين بتسجيل الراتب الحقيقي، ما يترك للعامل ورب العمل إمكانية “التلاعب” بالأرقم بهدف دفع نسب مرتفعة شهريا.
وتقول عضو لجنة العمل النيابية نهلة الفهداوي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “الدعم الحكومي للقطاع الخاص أصبح جيدا وبمبلغ ممتاز حيث اصبحت النسبة 12 بالمئة بقانون الضمان الاجتماعي، إضافة إلى إعطاء السماحات ورفع العقوبات وغيرها من الأمور التي تراعي القطاع الخاص حتى الذين لم يسددوا ديونهم، والذين كانت عقوبتهم ضمن البرنامج الحكومي الحبس، فهذه جميعها تمت إزالتها كما تم تخفيض الغرامات مما يشكل دعما كبيرا للقطاع الخاص”.
وبشأن نسبة الاستقطاع، توضح الفهداوي: لا نستطيع تغيير القانون الذي وصلنا من الحكومة بالكامل، وقد يمكن تغييره بنسبة معينة، وهي 35 بالمئة من مجمل القانون وفي حال تجاوزها ستطعن الحكومة بتشريع القانون، لذا لم تستطع اللجنة تغيير نسبة الاستقطاع”.
وتؤكد أن “النسب المحددة بالقانون وهي 5 بالمئة للعامل و12 بالمئة لصاحب العمل و8 بالمئة للحكومة، إذا خفضت أكثر ستكون هناك جنبة مالية، ما سيدفع الحكومة إلى اللجوء للمحكمة الاتحادية وتعترض على تعديلنا، ولذلك تم الأخذ برأي الحكومة من أجل تمرير القانون، خاصة وانه قانون من المفترض أن يستفيد منه 8 ملايين مواطن”.
ومن المفترض أن يكمل مجلس النواب، اليوم الأربعاء، التصويت على بنود قانون الضمان الاجتماعي والتقاعد للعمال، بعد أن صوت على جزء منها في جلسته السابقة.
وكان رئيس لجنة العمل ومنظمات المجتمع المدني حسين عرب، كشف يوم أمس الثلاثاء، أن آلية احتساب التقاعد بقانون الضمان الاجتماعي تكون من خلال دفع 5 بالمئة من راتب الموظف و12 بالمئة من رب العمل، فيما تدفع الحكومة 8 بالمئة، لتكون النتيجة 25 بالمئة من الراتب، وهذا للقطاع المنتظم، فيما تكون النسبة للقطاع غير المنتظم بدفع العامل 5 بالمئة، فيما تدفع الحكومة 15 بالمئة، ليكون في أمان وضمان للعامل ولأسرته كما يمكن ورثه كتركة.
كما ذكر عرب بشأن سن التقاعد، أن المدى الأكبر 63 عاماً والخدمة الأصغرية 15سنة، إضافة الى أن هناك مدة أوسطية بين 20 الى 55 عاماً، وأوضح أن التقاعد يحتسب على متوسط الأجر لآخر خمس سنوات مضروبا في عدد سنوات الخدمة الشهرية لإعطاء حقوق الموظفين السابقين أو العمال السابقين.
يشار إلى أن قانون العمل في العراق، والذي ما زال ساري المفعول حدد الحد الأدنى للأجور بـ350 ألف دينار، وبحسب تقرير سابق لـ”العالم الجديد”، فإن هناك مساعي لطرح قانون الحد الأدنى للأجور في البرلمان وتغييرها لتصبح 500 ألف دينار، لكن ما تزال هناك اعتراضات على الأمر من بعض الجهات العمالية.
يشار إلى أن متخصصين بالاقتصاد، أكدوا سابقا أن هذا القانون سيحد من التوجه للتعيين، في حال تسجيل العاملين فيه من قبل مؤسساتهم، لكونه سيضمن حقوقهم التقاعدية ويساوي بين العامل والموظف الحكومي.
إلى ذلك، يبين رئيس اتحاد نقابات العمال في العراق ستار الدنبوس، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “قضية الاستقطاعات بقانون التقاعد والضمان الصحي، كانت موجودة في القانون السابق، لكنها لا تتجاوز في أعلى رقم 17 ألف دينار، أما القانون الجديد، فقد شمل ضمانين، الأول للقطاع المنتظم والآخر غير المنتظم، وحدد الاستقطاع لأغراض التقاعد بنسبة”.
ويضيف الدنبوس، أن “القطاع المنتظم، يشمل الشركات والفنادق والمصانع والمؤسسات وما شابه ذلك، أما القطاع غير المنتظم فيشمل أصحاب سيارات الأجرة والعامل والميكانيكي وما شابه ذلك من مهن، والقانون ضمن حقوق جميع هذه الفئات، حيث يدفع الشخص 5 بالمئة وهي النسبة المحددة بالقانون والحكومة تدفع 8 بالمئة وصاحب العمل 12 بالمئة، وهذا يصب بمصلحة العامل”.
وحول عدم بوح صاحب العمل أو العامل براتبه الحقيقي عند التسجيل، وما إذا كانت تمثل إشكالية أو لا، يوضح أن “الضمان الاجتماعي هو اختياري، فمن حق سائق سيارة الأجرة او الميكانيكي أن يحدد دخله الشهري ويقدره ويدفع الاستقطاع حسب نسبة ما سجله هو، كما من حق أصحاب العمل في الفنادق أو الشركات أن يحددوا الأجور التي يدفعونها للعمال وعلى اساسها يدفعون الاستقطاع، حتى وإن كانت الأرقام غير حقيقية أو تمت بالاتفاق مع العامل، حتى يدفعون مبلغ استقطاع بسيط، بالتالي فأن التقاعد يصرف بناء على قيمة الراتب المسجلة وقيمة الاستقطاع الشهري، فهناك حد أدنى للراتب التقاعدي وحد أعلى، والأمران مرتبطان بقيمة الراتب الشهري”.
ويلفت إلى أن “الحد الأدنى للأجور في العراق هو 350 ألف دينار، لكن المشكلة التي تواجهنا أن أصحاب العمل لا يعطون للعامل الراتب الحقيقي، مثلا 600 ألف دينار، بل سيعطون الحد الأدنى للأجور لتكون نسبة الاستقطاع التي يدفعونها قليلة”.
وتعد شريحة العمال في العراق، من أكثر الشرائح التي تتعرض للظلم، فغالباً ما يتعرض العامل لإنهاء خدمة مفاجئ، لاسيما وأن القطاع الخاص ما يزال لغاية الآن دون ضوابط ومحددات على عكس الدول الأخرى التي ألزمت القطاع الخاص بقوانين محددة منها الحد الأدنى من الأجور والضمان الاجتماعي، بالإضافة إلى الأهم وهو توقيع عقد مع العامل.
وكانت اللجنة المالية النيابية، قد أكدت سابقاً أن قانون التقاعد والضمان الاجتماعي ليس لتحديد رواتب تقاعد العمال لأن سقف الرواتب له قوانينه الخاصة، مبينة أن القانون ينظم آلية إدارة ملف الضمان الاجتماعي للعمال وإدارة مواردها واشتراكاتها.