يعود مشروع قانون التقاعد والضمان الاجتماعي للعمال، إلى طاولة البرلمان مجددا، خاضعا لمناقشات النواب، وفيما أكدت لجنة العمل أنه سيقر خلال الفصل التشريعي الحالي، لما فيه من ضمان لحقوق الطبقة العاملة وإلزامية تسجيل كافة عمال القطاع الخاص حتى يحصلوا على حقوقهم، رهن متخصص بالاقتصاد نجاح القانون بآلية تطبيقه، بعد أن أشار إلى أنه سيخفف من المطالبة بالتعيين لو طبق بشكل سليم.
ويقول نائب رئيس لجنة العمل النيابية جاسم الموسوي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “مشروع قانون التقاعد والضمان الاجتماعي للعمال يهدف إلى ضمان حقوق الطبقة العاملة في القطاع الخاص، من خلال تخصيص راتب تقاعدي لهم بعد الخدمة، وهذا الأمر موجود في دول العالم كافة”.
ويوضح الموسوي أن “الطبقة العاملة في القطاع الخاص، حالياً لا تتمتع بأي حقوق بعد الخدمة التي تقدمها في مجال عملها رغم السنين الطويلة التي قضوها في الخدمة في المعامل أو المحال التجارية وغيرها من أعمال القطاع الخاص، لكن وفق هذا القانون، سيكون لهم ضمان تقاعدي إجباري وإلزامي”.
ويضيف أن “مشروع قانون التقاعد والضمان الاجتماعي للعمال، سيلزم جميع أصحاب العمل في القطاع الخاص، بتسجيل أي شخص يعمل لديهم وبأي خدمة لدى الجهات الحكومية المختصة بموجب هذا القانون، وأي شخص يخالف ذلك يعرض نفسه للمحاسبة وفرض الغرامات”، لافتا إلى أن “القانون قيد الدراسة والإعداد لوضع ضوابط حازمة تمنع أي تلاعب بحقوق العمال بعد سنوات الخدمة”.
ويؤكد نائب رئيس لجنة العمل النيابية أهمية “هذا القانون بالنسبة للعراق، وسنعمل على تشريعه خلال الفصل التشريعي الحالي، وهناك إجماع على ذلك لأهمية هذا القانون، وليست هناك أي خلافات حوله سواء كانت سياسية أم غيرها، فهو قانون خدمي يخدم شريحة كبيرة من العراقيين”.
وكانت لجنة العمل ومنظمات المجتمع المدني، اجتمعت يوم أمس، لمناقشة مشروع قانون التقاعد والضمان الاجتماعي للعمال، ومنها فقرات السن التقاعدي للعمال من الرجال والنساء ومدى ملاءمته طبيعة مهنة العامل، بالإضافة إلى التأمين الصحي للعمال، وسبل توفير فرص عمل لهم.
وتعد شريحة العمال في العراق، من أكثر الشرائح التي تتعرض للظلم، فغالبا ما يتعرض العامل لإنهاء خدمة مفاجئ، لاسيما وأن القطاع الخاص ما يزال لغاية الآن دون ضوابط ومحددات على عكس الدول الأخرى التي ألزمت القطاع الخاص بقوانين محددة منها الحد الأدنى من الأجور والضمان الاجتماعي، بالإضافة إلى الأهم وهو توقيع عقد مع العامل.
يشار إلى أن قانون التقاعد والضمان الاجتماعي، طرح في البرلمان منذ سنوات ولم يقر، ومن المفترض أنه يشمل العاملين في المهن وجميع النشاطات الاقتصادية مثل سائقي سيارات الأجرة والنقل الخاص وأصحاب المحال التجارية والورش الصناعية وغيرها من النشاطات.
يذكر أن وزير العمل والشؤون الاجتماعية أحمد الأسدي، وجه أواخر العام الماضي، دائرة العمل والتدريب المهني بعدم ترويج طلبات جديدة خاصة بالشركات المرخصة بتشغيل العمالة الأجنبية، فيما بين أن الوزارة بصدد وضع آليات دقيقة وفقا للقانون، تضمن تشغيل العاطلين عن العمل من العراقيين قبل منح أي فرصة للعمالة الأجنبية.
كما كشف الأسدي أيضا في وقت سابق، أن الحد الأدنى لرواتب العمال سيكون 450 ألف دينار بدلا من 350 ألف دينار، وذلك مع إقرار قانون الضمان الاجتماعي.
من جهته، يرى الباحث في الشأن الاقتصادي ناصر الكناني، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “قانون التقاعد والضمان الاجتماعي للعمال يتمتع بأهمية كبيرة لأنه يساهم في تحسين الواقع المعيشي والاقتصادي للطبقة العاملة في العراق، والتي تمثل النسبة الأكبر من المجتمع العراقي، فهذه الطبقة بلا أي حقوق وضمانات في عملها في القطاع الخاص، وهذا يزيد مؤشر الفقر في البلاد”.
ويبين الكناني أن “تشريع هذا القانون وتطبيقه بالشكل الصحيح، سوف يسهم بتفعيل القطاع الخاص بشكل كبير، وسوف يقلل من المطالبة بالتعيين والتوظيف في القطاع الحكومي، فاغلب المواطنين يفضلون القطاع الحكومي، لوجود الضمان التقاعدي وغيره من الحقوق، وهذا القانون سيجعل القطاع الخاص موازيا للحكومي”.
ويستدرك أن “العراق يعاني منذ سنين طويلة من مشكلة عدم تطبيق بعض القوانين بالشكل الصحيح أو كما شرعت، ولهذا فأن تطبيق هذا القانون يحتاج إلى جهد كبير ومتابعة ومراقبة من قبل الجهات الحكومية المختصة وعلى رأسها وزارة العمل وكذلك الجهات الأمنية”.
ويخلص الباحث في الشأن الاقتصادي إلى أن “الحكومة الحالية جادة بقضية تفعيل العمل في القطاع الخاص وجعله موازيا للقطاع الحكومي، لتفادي قضية التعيينات في السنوات المقبلة، ولهذا نعتقد أن هناك جدية في قضية تشريع قانون التقاعد والضمان الاجتماعي للعمال والعمل على تطبيقه وفق إجراءات مشددة من قبل الجهات الحكومية المختصة”.
ومنذ سنوات عديدة، برزت ظاهرة العمالة الوافدة في العراق، وشملت كافة القطاعات، ولاسيما أن أغلب العمالة كانت من بنغلادش، فيما أصبحت مؤخرا من سوريا ولبنان، في ظل الأزمات الاقتصادية التي طالت البلدين، وتركزت هذه العمالة في المطاعم والفنادق والنوادي الليلية أيضا.
يذكر أن هناك 8 اتحادات ونقابات للعمال في العراق، لكن رغم هذا لم يتغير وضع العامل العراقي، بل يجري لغط كبير حول قانون التقاعد والضمان الاجتماعي، الذي ما زال قيد التشريع، حول تضمينه استقطاعا من العامل طيلة فترة عمله بهدف منحه التقاعد، وهو ما ترفضه بعض الجهات العمالية أو تعد المبالغ كبيرة، فهي تتراوح بين 35– 50 دولارا.
وكانت اللجنة المالية النيابية، قد أكدت سابقا أن قانون التقاعد والضمان الاجتماعي ليس لتحديد رواتب تقاعد العمال لأن سقف الرواتب له قوانينه الخاصة، مبينة أن القانون ينظم آلية إدارة ملف الضمان الاجتماعي للعمال وإدارة مواردها واشتراكاتها.