صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

قبل أيام من الاقتراع.. لماذا ينسحب مرشحون في ذي قار؟

السباق الانتخابي في ذي قار، يأبى أن يكون طبيعيا على ما يبدو، فالمدينة التي تخلو من أي دعاية انتخابية شهدت انسحابات مفاجئة لمرشحين شكك مراقبون سياسيون في المحافظة بأسبابها، وواجهت عمليات الانسحاب هذه، انتقادات لجهة أنها تأتي من الشعور باليأس في الفوز بمقعد أو لخدمة مرشحين آخرين، لكن المنسحبين وضعوا أسبابا أخرى، وهي التقرب من حراك تشرين “الرافض”، والتيار الصدري “المقاطع”.

السباق الانتخابي في ذي قار، يأبى أن يكون طبيعيا، فالمدينة التي تخلو من دعاية انتخابية لأي مرشح، شهدت مؤخرا انسحابات مفاجئة من سباق الوصول إلى مجلس المحافظة، تحت تأثير العناصر الفاعلة والمقاطعة في حراك تشرين، والتيار الصدري المقاطع للانتخابات.

ويقول أستاذ العلوم السياسية قاسم شويل، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “ما يتم الإعلان عنه من قبل مرشحين في ذي قار أو في مدن أخرى بالانسحاب لا فائدة منه من الناحية القانونية، فالأسماء تم إدراجها ضمن القوائم الانتخابية وخطواتهم هي إعلامية فقط ليس إلا، وغايتها توضيح المرشح لأنصاره وأتباعه أنه لا يكمل المسيرة”.

ويرجع شويل، هذه الانسحابات إلى “عدم قدرة هؤلاء المرشحين على منافسة نظرائهم الآخرين من القائمة نفسها أو وجود منافسين أقوياء من العشيرة أو الرقعة الجغرافية ذاتها، فلذلك يحاولون الحفاظ على مكتسباتهم الاجتماعية بين الناس دون الخوض أكثر ومعرفة ثقلهم الانتخابي”.

وفي التاسع من كانون الأول ديسمبر الحالي، أعلن المرشح غالب الحجيمي، وهو أحد مرشحي ائتلاف الأساس الذي يتزعمه نائب رئيس مجلس النواب محسن المندلاوي عن انسحابه من العملية الانتخابية في ذي قار، مع إعلانه مقاطعتها ورفضها بشكل تام، مبررا ذلك بأنه “وفاء لدماء شهداء تشرين وشهداء العراق ورفضا للفساد، وأن لا نكون عبدا لأحد ونبقى أحراراً”، على الرغم من إعلان محتجي تشرين منذ عدة شهور عن مقاطعتهم للانتخابات ورفضهم للأحزاب المشاركة.

وكان متظاهرون شاركوا في “انتفاضة” تشرين وقبيل الإعلان عن إقامة انتخابات مجالس المحافظات، أعلنوا مقاطعتهم للعملية الانتخابية، لافتين إلى أن أي كتلة سياسية ناشئة تدعي انبثاقها من ساحة التظاهر فهي لا تمثلهم، لأن المطلب الأساسي هو إلغاء مجالس المحافظات التي يرونها “حلقة زائدة” وبابا من أبواب الفساد.

وتلا الجحيمي، بعد يوم واحد المرشح عن تحالف قيم المدني محمد عبد العباس، ليعلن هو الآخر انسحابه من السباق الانتخابي وانضمامه إلى حملة “مقاطعون” تلبية لنداء زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر وامتثالا لأمره، على الرغم من أن الصدر دعا إلى مقاطعة الانتخابات وعدم المشاركة قبل هذه المدة.

ووجه زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، في منتصف شهر تشرين الثاني نوفمبر الماضي، أنصاره بمقاطعة انتخابات مجالس المحافظات، وعدّ ذلك بأنه سيقلل من شرعيتها خارجيا وداخليا، حيث أكد أن “مشاركتكم للفاسدين تحزنني كثيراً.. ومقاطعتكم للانتخابات أمر يفرحني ويغيض العدا.. ويقلل من شرعية الانتخابات دولياً وداخلياً ويقلص من هيمنة الفاسدين والتبعيين على عراقنا الحبيب”.

لكن من جهته، يشير مدير مكتب انتخابات ذي قار فلاح الموسوي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إلى أنهم لم يتسلموا أي طلب خلال هذه الايام من قبل المرشحين الذين اعلنوا الانسحاب من خوض العملية الانتخابية.

ويضيف الموسوي، أن “ما أقدم عليه هؤلاء المرشحون لا يؤثر شيئا على الانتخابات، إذ تم منحهم تسلسلا ضمن القائمة التي ترشحوا عنها وجرت طباعة أسمائهم ضمن ورقة الاقتراع بيوم الانتخاب”، مؤكدا أن “أكثر من 332 مرشحا يتنافس لشغل 19 مقعدا في مجلس محافظة ذي قار، وهؤلاء المرشحون منضوون في 8 تحالفات و 4 أحزاب”.

وكان مدير المكتب الإقليمي لمنظمة تموز لمراقبة الانتخابات رزاق عبيد، أوضح في تصريح سابق لـ”العالم الجديد”، أن محافظة ذي قار لها خصوصية من ناحية حراكها الاحتجاجي لاسيما مع عدم وجود أي مقر للأحزاب السياسية وعدم اهتمام المواطنين بشأن الانتخابات.

من جهته، يؤكد المحلل السياسي صلاح الموسوي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “حالات الانسحاب التي تحصل الآن هي جزء من الفوضى السياسية التي تشهدها الساحة العراقية في ظل وجود نسبة عالية من المقاطعين للانتخابات المحلية وحالة تخبط، ومع اقتراب يوم الانتخاب سنشهد أمورا أكثر وضوحا مما هي عليه الآن وستنتج حالات فوضوية”.

ويلفت الموسوي، إلى أن “المرشحين الذين يعمدون الى الانسحاب في الوقت الحالي يمثلون حالة من الانتهازية والمصالح لإرضاء جهة ما أو مجموعة معينة بعد أن وجد عدم قدرته على النجاح في الفوز بمقعد انتخابي”.

ولم تشهد محافظة ذي قار التي من المفترض أن يمثلها في مجلس المحافظة 31 عضوا وتضم أكثر من 20 وحدة إدارية، أي دعاية انتخابية، سواء على صعيد الصور في الشوارع أو إقامة مؤتمرات، وهو ما جرى أيضا في الانتخابات النيابية عام 2021، بعد تهديدات المحتجين في حينها، حيث لجأ المرشحون آنذاك إلى مواقع التواصل الاجتماعي لشرح برامجهم الانتخابية واللقاء الإلكتروني مع بعض الناخبين.

إقرأ أيضا