قوبل إعلان رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، عن توزيع 500 ألف قطعة أرض للمواطنين والتوجه لإنشاء مدن سكنية بفتور واضح٫ خوفا من تحوله إلى “شعار فقط”، كما هو حال الحكومات السابقة، بالإضافة إلى مصادرته من قببل مافيات الفساد وسيطرة الأحزاب، إلا أن مقربا من الإطار التنسيقي أكد جدية الحكومة بتحقيق استراتيجيتها القائمة على إنجاز ثلاثة ملفات، من أبرزها السكن.
ويقول الخبير الاقتصادي، عبد الرحمن المشهداني، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “هناك عجزا بلغ أكثر من 3,5 مليون وحدة سكنية في العراق الذي يحتاج سنويا لأكثر من 200 ألف وحدة ليتناسب العدد مع نمو السكان، إذ أن الزيادة السكانية تقترب من مليون نسمة للعام الواحد”.
ويعتقد المشهداني، أن “إنشاء الوحدات السكنية الجديدة بحاجة ماسة لتدخل وزاري، يقلل من الأعباء المالية الملقاة على عاتق المواطنين”، لافتا إلى أن “الأموال متوفرة في العراق لإتمام المشاريع الضخمة، إذ تبقى الإرادة وحسن تخصيص الأموال، هما المحركان الرئيسان في إنجاز المشاريع”.
ويجد أن “العقبة الأكبر في إنجاز المشاريع في العراق هو الفساد”، لافتا إلى أن “حقباً تاريخية للعراق لم تتجاوز فيها الميزانيات السنوية نصف ما متوفر في الوقت الراهن، ورغم ذلك فقد أنجزت مشاريع استراتيجية مهمة مازال تأثيرها حاضراً حتى هذه اللحظة”.
وفيما يُشكل على “أسلوب توزيع الأراضي السكنية”، يؤكد “غياب التصميم الموحد للأحياء السكنية”.
ويشدد على “ضرورة إسناد توزيع الأراضي السكنية والقروض بشرط التصميم الموحد، لإضفاء مسحة جمالية على الأحياء، فضلاً عن تذويب الفوارق الطبقية”، مقارناً التجربة بـ”مشاريع نفذت في المغرب ومصر وتركيا، تتمتع جميعها بنسق تصميمي ولون موحد”.
وكان السوداني، وخلال الجلسة الاستثنائية لمجلس الوزراء أمس الأول، قرر توزيع 500 ألف قطعة سكنية مع قروض ميسرة وإنشاء مدن سكنية جديدة كاملة الخدمات.
يذكر أن رئيس الحكومة السابق أطلق في 19 تموز يوليو 2021، مشروع داري لتوزيع الأراضي السكنية، وفتح التسجيل أمام المواطنين لشراء 500 ألف قطعة، بيع منها نحو 186 ألف قطعة ارض، ودون توفير الخدمات لها.
يشار إلى أن العراق يعاني من أزمة سكن كبيرة، ووفقا للبيانات الحكومية فأن البلد يحتاج إلى أكثر من 3 ملايين وحدة سكنية لحل الأزمة، فضلا عن 150 ألف وحدة سكنية بشكل سنوي لمواكبة التزايد السكاني.
من جانبه، يؤكد المحلل السياسي علي البيدر، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “جميع الحكومات السابقة وعدت ببرامج حكومية مهمة على الصعيد الخدمي، إلا أن أيا من تلك البرامج لم ينفذ”.
ويشدد على “ضرورة الاستعانة بالتجربة المصرية في حل أزمة السكن بعدما حولت آلاف العشوائيات إلى مجمعات سكنية نظامية، عبر إنشاء مبانٍ سكنية واطئة الكلفة وبقروض ميسرة”، لكنه يردف أن “فساد الأحزاب السياسية سوف يحول دون تنفيذ هكذا مشاريع، أو ربما يتم تنفيذها بعشوائية كالمشاريع السابقة، على الرغم من جدية الحكومة في تنفيذ المشاريع”.
ويضيف أن “منصب رئيس الوزراء الحالي مرهون بإرادة الكتل السياسية التي تحيطه بأغلبية نيابية تسهم بإذكاء المحاصصة التي ستكون مسؤولة على توزيع الأراضي السكنية وفقاً لشروط الأحزاب”، لافتا إلى أن “خروج المشروع عن إطار المحاصصة ربما يعجل بإقالة رئيس الحكومة”.
وسبق للسوداني، أن قرر تحويل جنس الأراضي الزراعية إلى عقارية وتمليكها إلى شاغليها، في قرار أثار الجدل بسبب الغموض الذي أحاط به، والذي لم تصدر تعليمات خاصة بتنفيذه لغاية الآن”.
إلى ذلك، يبين المحلل السياسي المقرب من الإطار التنسيقي جاسم الموسوي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الحكومة الحالية تختلف عن سابقتها، فهي حكومة كاملة الصلاحية ومدعومة من أغلب الكتل السياسية، وأحد أهدافها يكمن في إرجاع ثقة العراقيين بالنظام السياسي عبر تقديم الخدمات وتحقيق مطالب العراقيين الخدمية، ولذا فهي جادة في تبني ملف الخدمات”.
ويضيف الموسوي، أن “توزيع الأراضي السكنية من بين أهم الملفات الخدمية المدرجة في منهاج الحكومة الحالية وأهدافها”، مبيناً أنه يلمس “جدية في تحقيق أهداف الحكومة الخدمية، لأن العمل سيكون عبر ثلاث استراتيجيات، الأولى تتعلق بالصرف الصحي وتعبيد الطرق والاهتمام بالمستوصفات الصحية، أما الثانية فهي حلحلة أزمة السكن عبر توزيع قطع الأراضي للتخفيف عن كاهل المواطن، وإنهاء التجاوزات والعشوائيات، والاستراتيجية الثالثة تستهدف بناء المدارس وإنقاذ التعليم”.
وكان البنك المركزي، أعلن مؤخرا استمراره بإطلاق المبادرات، وفيما يخص مجال السكن فإنه كشف أن المصرف العقاري خصص له 5 تريليونات دينار لمنح قروض للمواطنين لشراء الوحدات السكنية بمبالغ وصلت إلى 150 مليون دينار ولمدة 20 سنة من دون فائدة وإنما فقط بدفع عمولة إدارية بمقدار 5 بالمئة تدفع لمرة واحدة، وصندوق الإسكان خصص له مبلغ 5 تريليونات دينار أيضا لمنح قروض للمواطنين لبناء المنازل السكنية وأن قيمة القرض الواحد لا يتجاوز 75 مليون دينار.