«قوس السماء».. هل يحمي أجواء العراق؟ 

يشهد العالم سباقا تسليحيا في ظل التوترات العسكرية المتفاقمة، في منطقة الشرق الأوسط والعالم، الأمر الذي دفع العراق إلى تأمين أجوائه من خلال التعاقد على بطاريات كورية جنوبية للدفاع الجوي، وفيما شكك خبير أمني في قدرة تلك المنظومة على إسقاط جميع الصواريخ والطائرات، امتنعت لجنة الأمن النيابية عن التعليق على الأمر.

وأعلنت وزارة الدفاع مؤخرا عن التعاقد مع كوريا الجنوبية لشراء منظومة صواريخ أرض- جو متوسطة المدى نوع (M-SAM) بقيمة تقدر بـ2.56 مليار دولار، فيما سيتم وصول أول بطارية صواريخ للعراق العام المقبل.

وحول هذه المنظومة، يقول مصدر في قيادة الدفاع الجوي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “المنظومة الكورية هي الأنسب بالنسبة لبلد مثل العراق، كونه لا يمتلك أية منظومات دفاعية”.

ويضيف المصدر، أن “هذه المنظومة موجودة في السعودية والإمارات وبعض دول الشرق الأوسط”، مبينا أن “الفترة المقبلة ستشهد إرسال مجموعة من الضباط إلى كوريا الجنوبية لإدخالهم في دورات تعليمية على هذه البطاريات لغرض استخدامها في العراق”.

ويشير إلى أن “هذه المنظومة بكل تأكيد لا يمكنها كشف الطائرات الحديثة مثل أف 35 الأمريكية ولا يمكنها أن تسقطها”، مبينا أنها “صممت لإسقاط الطائرات والصواريخ من ضمن جيلها”. 

وبحسب تقرير نشره موقع “آرمي ريكوغنيا شن” المتخصص بقضايا الدفاع، في تموز يوليو الماضي، فقد طلبت بغداد ثماني بطاريات من النظام المعروف باسم “تشيونغ كونغ-2″، والمعروف أيضا بـ”قوس السماء”، والذي يوفر دفاعا قويا ضد الطائرات المعادية وصواريخ كروز والصواريخ الباليستية.

إلى ذلك، يبين الخبير الأمني عدنان الكناني، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “موازنات العراق الخاصة بالأمن والدفاع يجب أن تتم مراجعتها منذ عام 2003 وليومنا هذا لمعرفة أين ذهبت صفقات السلاح، وما هي المبالغ التي تم التعاقد عليها، وهل هي مطابقة للسوق العالمي وأين صرفت، وما هي المشاريع والأسلحة والأعتدة والآليات التي استوردت”.

ويتابع الكناني، أن “الجيش العراقي لغاية الآن لا يمتلك غطاء لحمايته من العدوان الخارجي، والمنظومة الدفاعية الجوية هي عبارة عن كذبة وحتى المنظومة الكورية، فهي لا تتعامل مع المقاتلات، وفيها الكثير من علامات الاستفهام”. 

وكشفت “العالم الجديد”، في تقرير سابق، عن أن طائرات سوخوي-25 الروسية، التي وصلت إلى العراق عام 2014 إبان فترة الحرب على تنظيم داعش، كانت متهالكة و”خردة”، ولاسيما أنها كانت من ضمن عقد وقعه العراق مع روسيا عام 2012.

ووفقا للتقرير السابق، فإن هذه الطائرات التابعة للقوة الجوية العراقية، اختفت من القواعد العسكرية، ولم يعد لها أي ذكر بعد أن دخلت طائرات أف 16 الأمريكية للخدمة.

وتشهد المنطقة توترا، بعد شن إسرائيل حربا على لبنان واغتيالها قادة حزب الله، وأبرزهم أمينه العام حسن نصر الله، وهو الأمر الذي دفع الفصائل المسلحة العراقية إلى الدخول على خط المواجهة واستهداف إسرائيل بالطائرات المسيرة، ما وضع العراق تحت تهديد باستهدافه من قبل إسرائيل، فضلا عن وجود ترجيحات بقصف إسرائيلي قد يطال إيران، ردا على استهدافها من قبل الأخيرة. 

من جهته، يبين عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية وعد القدو، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الدفاع الجوي العراقي ينقسم إلى شطرين، الأول منهما هو الرادارات والتي تعمل على كشف الطائرات المعادية، والثاني هو امتلاك العراق لمنظومة معالجة لهذه الطائرات”.

ويؤكد القدو، أن “العراق استطاع تأمين الشق الأول من خلال سيطرته على كشف الأجواء، وما ينقصه الآن هو البطاريات لصد الطيران المعادي”، مؤكدا على “وجود اهتمام حكومي بهذا الملف”. 

ويوضح القدو، أن “هناك عدة مصادر لاستيراد هذه الأسلحة والبطاريات ولكن المعوق الأول هو الولايات المتحدة الأمريكية، التي تمنع استيراد بعض الصواريخ المضادة للطائرات، وهو ما يشكل عائقا كبيرا أمام العراق”. 

وفيما يخص سيطرة العراق على أجوائه، فإنه اتجه أواخر العام الماضي، إلى شراء خمسة رادارات من فرنسا وأمريكا، وباشر بنصب جزء منها بعد أن وصلت للبلد عبر ميناء أم قصر، إذ كانت “العالم الجديد” من أوائل الصحف التي كشفت التفاصيل الكاملة لتلك الرادارات، وتبين أنها خاصة بالكشف عن الحركة المنخفضة.

وتتكون البطارية الكورية الجنوبية من رادار متنقل متعدد الوظائف ومركبة مركز قيادة، وعادة ما تحتوي على أربع منصات إطلاق، كل منها تحمل ثمانية صواريخ تُطلق عموديا في حاويات، وتبلغ تكلفة الصاروخ الاعتراضي الواحد حوالي 1.1 مليون دولار. 

يذكر أن العراق طوّر في ثمانينيات القرن الماضي، نظام دفاع جوي متكامل وهائل بمساعدة فرنسا والاتحاد السوفياتي (سابقا)، ولكن سرعان ما انهار بشكل كبير خلال حرب الخليج عام 1991.

وتسعى الحكومة لتعزيز قدرات العسكرية للجيش عبر سلسلة من العقود التي وقعتها لتوريد مدافع ومسيرات ودبابات ومركبات مدرعة لسد النقص الحاصل في بعض فرق الجيش الذي تسببت به حرب السنوات الثلاث ضد تنظيم “داعش”، فضلا عن عقود تسليح جديدة مع روسيا ودول في حلف “الناتو”.

وتعتزم وزارة الدفاع إبرام صفقات سلاح جديدة لتحديث القوات الجوية بمقاتلات متطورة، كما تتجه لتنويع مصادر السلاح وتطوير الصناعة الحربية المحلية أيضا.

وبشأن القدرات العسكرية الحالية للجيش العراقي، يشير موقع الدفاع العربي، إلى أنه يحتل المرتبة رقم 45 عالميا في 2023، ويقدر إنفاقه الدفاعي بنحو 5.7 مليار دولار، فيما يمتلك قوة بشرية تضم: 200 ألف جندي عامل و130 ألف فرد يمثلون قوات شبه عسكرية، لافتا إلى امتلاكه أنواعا مختلفة من العتاد العسكري البري تشمل: 923 دبابة، ونحو 39 ألف مدرعة، و281 مدفعا ذاتيا، وألفا و426 مدفعا مقطورا، و424 راجمة صواريخ.

أما القوات الجوية العراقية فتصنف في المرتبة رقم 29 عالميا بـ361 طائرة حربية تضم: 26 مقاتلة، 33 طائرة هجومية، 16 طائرة نقل عسكري، 112 طائرة تدريب، 21 طائرة مهام خاصة، و164 مروحية بينها 40 مروحية هجومية.

وتشير تقارير إلى أن الحكومة تجري اتصالات لشراء أنظمة دفاعية متطورة من دول مختلفة، في ظل ضغوط سياسية تقوم بها بعض الكتل السياسية المقربة من إيران وتناوئ الولايات المتحدة، لإحياء ملف شراء منظومة الصواريخ الروسية “إس-400”.

إقرأ أيضا