صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

كاتب (باب الحارة 6) لـ(العالم الجديد): تحويل المرأة الفعالة إلى (حرمة) من نتاج الدولة العثمانية

اعتادت الدراما السورية في المواسم السابقة، وبالتحديد بعد النجاح الذي حققه مسلسل \”باب الحارة\” 2006، على حضور عدد كبير من مسلسلات \”البيئة الشامية\”. لكن مع تزايد الانتقادات الموجهة ضدها على خلفية عدم اعتمادها على مستند تاريخي وحكايا مصطنعة تسيء للتاريخ، لا بل تشوهه، برزت محاولات عدد من الكتاب والمخرجين لتناول التاريخ الحقيقي لعاصمة الأمويين عبر أعمال حققت نجاحات كبيرة لعل في مقدمتها سلسلة \”الحصرم الشامي\” 2007 للكاتب فؤاد حميرة والمخرج سيف الدين سبيعي ولتتبعها العديد من الأعمال في النمطين، والتي حققت نجاحات متفاوتة، لكن في المجمل بقي عدد الأعمال التاريخية الشامية قليل مقارنة بالكم الهائل لأعمال \”الفانتازيا\” أو ما اصطلح على تسميتها \”البيئة الشامية\”، في حين يسجل الموسم المقبل وللمرة الأولى تعادلا واضحا بين النموذجين، حيث أن هناك 6 أعمال تاريخية \”الدومري\”، و\”التنبكجي\” للكاتبين سليمان عبد العزيز وعثمان جحا، و\”ياسمين عتيق2\” للكاتب رضوان الشبلي، و\”أبواب الريح\” و\”الحرملك\” للكاتب خلدون قتلان، و\”حرائر الشام\” للكاتبة عنود خالد. وتبرز في المقابل 6 أعمال فانتازية في مقدمتها \”باب الحارة6\” للكاتبين عثمان جحا وسليمان عبد العزيز،  \”العربجي\” و\”زقاق النواعير\” للكاتب مروان قاووق و\” طوق البنات\” للكاتب احمد حامد، \”قمر شام 2\” للكاتب محمد خير الحلبي و\”دهب العتيق\” للمخرج مؤمن الملا.

كاتب (باب الحارة 6) لـ(العالم الجديد): تحويل المرأة الفعالة إلى (حرمة) من نتاج الدولة العثمانية

وعن سبب الحضور القوي للدراما التاريخية قال المخرج سيف الدين سبيعي الحاضر بعملين تاريخيين للموسم المقبل هما \”الحرملك\” و\”الدومري\” في حديث لـ\”العالم الجديد\” إن \”هذا ما يجب ان يكون.. الناس ملت من الشوارب والخناجر والقصص المتشابهة المزيفة بينما وجدت أن الأعمال التاريخية تلامس الواقع فالبيئة الشامية الحقيقية مليئة بالثقافات والحضارات وليست مجرد مجتمع ذكوري منغلق على نفسه\”.

أعمال \”الفانتازيا\” تعرضت لنقد كبير والاتهام الأول لها كان تشويه تاريخ دمشق فهل بالفعل هي كذلك أم أنها نمط درامي يجب أن نقبله؟

ويقول الكاتب سليمان عبد العزيز صاحب \”الأميمي\” في حديث لـ\”العالم الجديد\” إن \”كلمة تشويه لها معنى كبير فالقصد من كلمة تشويه هو إعطاء صورة مغايرة لأي شي وبشكل سلبي ولا اعتقد أن هناك من يريد ذلك في الوسط الفني\”. ويستدرك \”لكن انتقاء حكاية شعبية أو توليفها ضمن سياق وأحداث لم تحدث أو ليس لها تواتر تاريخي وتسويقها على أنها تاريخ مدينة بحالها هذا هو الخطأ الكبير لأن هذا النمط أصبح يطبع بذاكرة الجمهور على أنه تاريخ مدينة دمشق الحقيقي\”.

الانتقاد الأبرز لأعمال \”الفانتازيا\” هو طريقة تعاطيها مع المرأة وتحويلها إلى مجرد \”ثرثارة\” في حين ان الأعمال التاريخية سلطت الضوء على دورها الثقافي والسياسي والاجتماعي يضيف سبيعي صاحب \”الحصرم الشامي\” بقوله \”قدمت نموذجا من صورة المرأة الشامية الحقيقية في أعمالي \”طالع الفضة\” و\”الحصرم الشامي\” و\”أولاد القيمرية\” فالمرأة في دمشق لم تكن مجرد ثرثارة وداية أو هدفها الوحيد إرضاء رغبات زوجها ودس المكائد بل كانت امرأة مثقفة ومناضلة، ولكن يجب أن نقول انه لا يوجد هناك مجتمع جيد بالمطلق أو سيء بالمطلق وبالتالي تقديم التاريخ الحقيقي هو الأفضل وكذلك الأمر بالنسبة للمرأة أي ليست كل النساء مناضلات ومثقفات وبالمقابل لسن كلهن دايات وهدفهن نصب المكائد\”.

كاتب (باب الحارة 6) لـ(العالم الجديد): تحويل المرأة الفعالة إلى (حرمة) من نتاج الدولة العثمانية

الأعمال التاريخية قدمت صورة جديدة للمرأة الشامية سواء بالجانب الايجابي أو السلبي، وعن ذلك يضيف عبد العزيز \”المرأة عنصر فعال في الحياة والتاريخ أما ما يخص (الحرمة) فهي نتاج الدولة العثمانية وسيطرتها على بلاد الشام.. وساهمت الأعمال الفنتازية بتقديمها كمخلوق ضعيف وصاحبة مكائد أو إنسانة تجيد الثرثرة.. وهو ما حاولت قدر المستطاع الابتعاد عنه في مسلسل (الأميمي) والأعمال التي أنجزت فيما بعد. فالمرأة عنصر فاعل ومشارك ويستطيع قلب الموازين\”.

ويذكر مخرج أولاد القيمرية أن \”مسلسلات التاريخ الشامي هي المعبر الحقيقي عن دمشق وتاريخها ودورها سياسيا واقتصاديا واجتماعيا والدور الذي لعبه سكانها وتركيبتهم الاجتماعية والفكرية والسياسية بينما أعمال الفانتازيا هي مجرد تشويه لتاريخ الشام وليس تجميله كما يدعي بعضهم\”. 

ويتابع عبد العزيز، الذي سينجز له عملان تاريخيان بالشراكة مع عثمان جحى هذا الموسم، أن \”الفرق بين الفانتازيا والتاريخ هو كالفرق بين السراب والماء، ويجب على الجميع أن يقر أن دمشق لم تنصف إلا بأعمالها التاريخية، أما الأعمال التي قدمت في الآونة الأخيرة والتي صورت دمشق من وجهة نظر إنتاجية موسمية بحتة فكانت مخجلة للغاية\”.

أقرأ أيضا