صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

كتب خارجة عن النسق

ضمت فعاليات الدورة الثانية والعشرين من مهرجان الفنون الإسلامية التي تجري في إمارة الشارقة بدولة الامارات، معرضا فنيا حمل عنوان (كتب خارجة عن النسق) للفنان المصري (إسلام علي).

ويعبر إسلام علي عن نفسه خلال حوار أجرته مع “العالم الجديد”، حول معرضه غير التقليدي بأنه “مفتون بالخواص الفيزيائية والمضامين المكوِّنة للكتب، وسلوك طرق مختلفة لإضفاء محتوى بديل إلى هذه الهياكل، مع الحفاظ على مظهرها وسلامتها”.

Image

ويسترسل علي بالقول إن “تجهيزي لأعمالي الفنية يقوم على إعادة توظيف الهياكل القديمة للكتب، ومنحها حياة جديدة ككتب الفنانين المعاصرين، لذا فاني أخطط لإنشاء سلسلة من الكتب النحتية الفريدة ذات التأثيرات الثقافية المختلفة، باستخدام تقنيات التجليد المختلفة مثل القبطية والاثيوبية واليونانية والإسلامية، وتلك الخاصة بالقرون الوسطى”، مشيرا الى “القيام أحيانا بدمج أكثر من طريقة تجليد من خلال تفكيك الهياكل التقليدية ومزجها وبناء أشكال جديدة تماماً”.

ويسعى إلى توضيح الكيفية التي تطور الأنماط وتتحول في الكتب، لكي يختبر المشاهد جمالها وأناقتها وتعقيدها، من خلال جمع الأنماط الموجودة في الكتب وتكرارها وتشابكها، ليعيد ترتيبها في تكوينات رمزيّة متعددة تؤدي إلى إشراك المشاهد في رحلة تفاعلية عبر الأشكال والألوان والمواد، وسيوَّلد تقليب الكتاب من الغلاف إلى الغلاف شعوراً برحلة غامرة، ولن يكون محتوى الكتاب نصاً عادياً، وإنما ستتشكل الصفحات باستخدام طبقات من الطباعة والقص بالليزر والنقش والكولاج على الورق المعاد تدويره، والمصنوع يدوياً، كما سيكتشف آلية دمج التذهيب والنصوص والصور بشكل فني ضمن سرد معاصر، على حد وصف علي.

Image

وعن خصوصية أعمال (إسلام علي) وبدايات عمله في هذا المجال يعرفنا الفنان على نفسه بوصفه “فنّان كتاب”، فهو يأخذ أشكال الكتب ويقدمها بوصفها عملا فنيا نحتيا منفصلا عن غيره، ولاسيما أنه درس في أمريكا في مركز فنون الكتاب، الذي أضاف له معرفته في فن الكتاب وصناعة الورق والتجليد والتغليف والطباعة وتاريخ كل هذه الفنون في مختلف أنحاء العالم وفي الأزمنة التاريخية المتنوعة، فبدأ بعد ذلك باكتشاف الكتب تلك وقدم في بداياته كتبا بدون محتوى كان الهدف منها إتقان حرفة صناعة الورق والكِتاب، وبعد إتقانه للحرفة ابتدأ (علي) مرحلة ثانية في البحث عن محتوى لهذه الأعمال الفنية التي يقدمها، وكون المحتوى الذي يبحث عنه محتوى لابد من أن يكون مغايرا وخارجا عن المألوف، حاول إضافة محتوى خاص ومغاير، عبر توظيف خامات الورق بالاضافة الى مواد خاصة تعبر عن محتوى الكتاب ومضمونه كبعض التوابل أو الصور أو قصاصات الورق المختلفة، أو إضافة عناصر من الفن الإسلامي والحضارة الإسلامية كالخط والزخرفة الإسلامية.

ويضيف الفنان “تتبعت شكل الحرف على مدى التاريخ من أول الاشكال القديمة غير المنقوطة إلى الأشكال والفونتات الحديثة التي تكتب بواسطة الحواسيب، فكانت القطعة تمثل عرضا تاريخيا لمراحل تطول الحرف، كما عملتُ في قطعة فنية أخرى على الحروف الثمانية والعشرين العربية، وبعض الكتب استوحيتها من المخطوطات القديمة وأقدمها بطريقة معاصرة، كما استوحي الفن الإسلامي والهندسة الإسلامية في إنتاج كتبي الفنية، ومن خلال هذا توصلت إلى أن الاشكال المعقدة التي نراها في الهندسة الإسلامية تبدأ من عناصر بسيطة جدا وأشكال أساسية كالدائرة والمثلث والشكل السداسي، وبتغيرها وتراكبها تصل لأشكال مركبة ومعقدة، وهكذا أعمالي الفنية فإنها تبدأ بشكل بسيط كالمربع مثلا ليتطور فيما بعد في كل صفحة من صفحاته ليسرد حكاية معينة بشكل مختلف تظهر بشكل نهائي مع نهاية العمل”.

Image

وبشأن إمكانية استغلال هذا الفن في صناعة الكتب التي يقرأها القراء، أوضح ان “هذا ممكن بالطبع، لكن هذا النوع يصنع بشكل محدد، فأنا أصنع القطعة الفنية نسخة واحدة فقط، أو ما يسمى بـ(one over kind) أو أنني أصنع طبعات محدودة 30 أو 40 نسخة لا أكثر، ذلك أنني أصنع كل شيء بيدي، من صناعة الورق والتجليد”.

وعن تفاعل المتلقين مع هذه الأعمال الفنية التي يقدمها في كتبه الخارجة عن النسق وتقريبهم منها يؤكد إسلام علي تحقيق هذا من خلال المحتوى، فتوظيف المحتوى الأدبي والمعالجات المعاصرة هي ما تقرب تلك الأعمال للمتلقي، فقدم رؤية معاصرة لكليلة ودمنة وكذلك لمنطق الطير، هذه النصوص المتعارف عليها هي ما تقرب الأعمال من القراء، لكن خصوصية هذا المعرض بالتحديد وكثرة عدد الزوار جعلت من الصعوبة بمكان أن يتفاعل المشاهد مع الكتاب ويلمسه، لكن في الغالب (يقول علي) أنا أعرض أعمالي هذه في المكتبات وهناك يمكن للمتلقي أن يدخل عالم الكتاب الفني الذي أقدمه، وهذا توفره المكتبات في العالم ضمن قسم يسمى بـ(المجاميع الخاصة Special Collection) تتضمن المخطوطات النادرة والكتب الفنية التي أقدمها، وتتيحها للقراء بشروط معينة، ومن المكتبات العربية التي بدأت الاهتمام بهذا الفن مكتبة الاسكندرية، التي تعقد كل سنتين بينالي خاصا بفنون الكتاب، ولديها مجموعة من الكتب الفنية تعمل على تطويرها وتوسيعها سنة بعد أخرى.

Image

إقرأ أيضا