كردستان يخوض جدلا حول (التقبيل).. وباحث يعد السياسيين أكثر تشددا من رجال الدين

حتى الان يدور جدل مضنٍ بين اوساط نخب منفتحة وأخرى متشددة في السليمانية، المدينة الأكثر انفتاحاً في كردستان العراق، وتشهد أيضاً حضوراً لافتاً للجماعات الاسلامية التي تنادي بتطبيق الشريعة، بشأن تمثال جامد يجسد عاشقين من مادة لم تصمد أمام النار يقبلان بعضهما، أحرق من قبل متشددين منتصف الشهر الماضي. وفي ردة فعل سريعة قرر عشاق اغلبهم ومتزوجون أن يقبلوا بعضهم في أماكن مختلفة وينشرون صوراً لقبلاتهم على موقع التواصل الاجتماعي \”فيسبوك\”، لكن هذه التظاهرة الالكترونية لم تسقط فكرة أن \”التقبيل حرام في الاسلام\” كما يعتقد المتشددون.

موقع روداو الكردي، رصد الجدل في الاقليم عبر تقرير نشره باللغة الانكليزية وترجمته \”العالم الجديد\”، وتساءل \”هل التقبيل في الأماكن العامة حرام حقا في الإسلام؟\”.

ويقول شيفان (27 عاما) وهو من اربيل عاصمة الاقليم، التي تعد مدينة محافظة ومتزمتة قياساً بالسليمانية، انه \”لم أر والديّ يقبلان بعضهما البعض، ولم أسمعهما يوما يعلنان عن حبهما\”. غير أنه يستنكر هذا العادة \”الكاذبة\” في كتم المشاعر، ويتساءل \”لم علينا أن نستمر في الكذب بهذه الطريقة؟\”.

ويشير شيفان الى انه \”يعرف كثيرين يقبّلون بعضهم في كردستان\”، وبينما تبدو على ملامحه الغضب يشير الى أن \”هذا دليل على أن الفتيان والفتيات ليسوا أحرارا في التعبير عن مشاعرهم\”.

ويرى موقع روداو، أن المجتمع الكردي بات الآن آخذاً بالتغيير، فالكثير من الشباب يسافر الى بلدان، ويشاهدون أفلاما اجنبية، وغالبا ما يرى العشاق وهم يجلسون معا، لكن مع ذلك فان المجتمع ما يزال محافظا وتقليديا إلى حد كبير، وأفراد الأسرة لا يعلنون المودة، وبالتأكيد لا يقبّلون بعضهم علنا.

العاصفة الاحتجاجية التي شنها نشطاء على \”فيسبوك\” أطلق شرارتها شاب كردي وصديقته الأوروبية بنشر صورة لهما في مكان التمثال ذاته. ويعتقد على نطاق واسع أن متطرفين هم المسؤولون عن الاعتداء. وبحسب روداو يشدد الثنائي على ان \”الحب لا يمكن هدمه بسهولة عن طريق تهشيم تمثال\”.

القوى الاسلامية، تقف بالضد من ظاهرة التقبيل، على قاعدة تشريعات، وتؤمن بان العلاقة بين رجل وأمراة خارج \”الزواج\” محرمة، ومثل هذا التصور يجد له صدى لدى اوساط محافظة.

ويتفق شاب من السليمانية ويعمل مدرساً (28 عاما) مع رأي الاسلاميين بانه \”يجب احترام الآخرين، لا يجوز تبادل القبلات في الأماكن العامة\”، منوهاً الى انه \”يجب أن تحترم ثقافتنا وتقاليدنا\”.

ويتساءل روداو ان كانت القبلة تمثل ممارسة جنس لدى رجال الدين؟ ووفقا للشريعة الاسلامية فان ذلك محرم الا على المتزوجين، وبالتالي ان ضبطوا فسيحولون الى محاكمة، لكن ليس هناك تشريع مدني يحاكم على هذه التهمة.

عالم الاجتماع والكاتب ريبوار سيوايلي في كتاب \”قبلة للجدل\”، يجد ان الشباب اكتشفوا القبلات عبر مشاهدة الافلام الاجنبية، ويسميها \”قبلة السينما\”.

وسيوايلي الذي يدرس في جامعة صلاح الدين باربيل، يرى ان \”جيل الشباب لا يقبل هذا بعد الآن، فهم يحتجون ضد الإسلام السياسي الذي يصف كل نشاط بين الرجل والمرأة بالجنسي\”.

ويلفت الى ان \”على المجتمع الكردي أن يقرر إذا كان يريد أن يكون جزءا من الحداثة، وهي أبعد بكثير من المباني الشاهقة وأجهزة الكمبيوتر، أم يبقى في ظل افكار محافظة\”، مشددا على انه \”لا توجد حداثة دون مفكرين، ولا يمكن أن تتم دون تواجد الحقوق الفردية والحرية الشخصية\”.

في كردستان مجتمع يزدهر اقتصاديا ويتنامى بسرعة، لكن مازلنا نسمع بـ \”جرائم الشرف\” التي تمارس من قبل الآباء والإخوة، فلا نستغرب من ان قبلة أحدثت كل هذا الجدل الواسع، بحسب الموقع الكردي.

ويتساءل سيوايلي \”لا أدري من الذي يقود منطقتنا هل هم السياسيون أم رجال الدين؟\”، مستدركاً ان \”السياسيين يبدون أكثر تحفظا من الأئمة\”.

إقرأ أيضا