أغلقت محطات تعبئة الوقود الحكومية في كركوك أبوابها منذ أربعة أيام مضت، بسبب نفاد الخزين الاحتياطي المودع في خزّانات شركة المنتجات النفطية، اثر انقطاع الامدادات من مصفى بيجي المحاصر من قبل تنظيم ما يسمى بـ\”الدولة الاسلامية\” (داعش)، وسيطرة عناصره على الأنبوب الناقل بين المصفى الاستراتيجي والمحافظة المتنازع عليها، والتي سيطر عليها الكرد عقب سقوط الموصل في التاسع من حزيران الماضي.
ويؤكد المسؤولون المحليون في كركوك، في تصريحات لـ\”العالم الجديد\” خلو المدينة الغنية بالنفط من منتجات الوقود (البنزين والكاز)، بالرغم من عودة انتاج النفط الخام، وتوافر كميات كبيرة من مادة (النفثا).
وتقول عضو لجنة الطاقة في مجلس كركوك، نجاة حسين، في حديث لـ\”العالم الجديد\” أمس الاثنين، إن \”خزين كركوك من المحروقات نفد (…) ومحطات الوقود خالية من اي خزين لديها، لذا اغلقت ابوابها\”.
وعزت حسين السبب الى \”انقطاع امدادات الوقود من مصفى بيجي منذ منتصف شهر حزيران يونيو الماضي، ما أدى الى تناقص الخزين ونفاده دون سد النقص الحاصل فيه\”.
وأعلنت شركة توزيع المنتجات النفطية في كركوك، الخميس الماضي، عن نفاد الخزين الاحتياطي المتبقي، وإغلاق جميع محطات التعبئة الحكومية.
ولجأ الاهالي الى شراء الوقود لمركباتهم من المحطات الاهلية، وبائعي السوق السوداء، باسعار كبيرة وصلت الى ثلاثة اضعاف سعر اللتر الحكومي.
سيارات تصطف في مدخل محطة أهلية بكركوك (العالم الجديد)
وبحسب مصدر مطلع في كركوك، فان \”شركة توزيع المنتجات النفطية عرضت على بعض تجار وقود السوق السوداء، وأصحاب محطات تعبئة اهلية شراء كميات كبيرة من الوقود، بأسعار تضمن لهم أرباحاً جيدة، لسد النقص الحاصل واعادة فتح المحطات الحكومية\”.
ووفقاً للمصدر ذاته، فان \”تجار السوق السوداء وأصحاب المحطات الأهلية، رفضوا الطلب الحكومي\”.
ويرى عمر (39 عاما) سائق تاكسي من كركوك، تحدثت اليه \”العالم الجديد\”، أن \”السبب الحقيقي لنفاد الوقود ليس الاستهلاك، وإنما عمليات السرقة المنظمة للاحتياطي من قبل مافيات التهريب والسوق السوداء ومحطات التعبئة الاهلية\”، ويضيف \”هولاء أخذوا حصتنا بتواطؤ من المسؤولين، لزيادة ثروتهم\”.
وبالرغم من الأزمة، أعلنت مجموعة شركات أهلية في كركوك، أمس الأول الأحد (13 تموز 2014)، عن المباشرة بتشييد أول مصفاة أهلية بطاقة 50 ألف برميل يوميا شمال شرق المحافظة، مبينة أن كلفة المشروع تصل إلى 500 مليون دولار، فيما أكدت أن الهدف من إنشائه معالجة أزمة الوقود.
وفيما يفرض المسلحون المتطرفون من تنظيم (داعش) حصاراً على مصفى بيجي، وهيمنة على طرق الامداد بين كركوك والقضاء الاستراتيجي الذي يقع فيه المصفى، سيطرت قوات البيشمركة الكردية على منشآت الإنتاج في حقلي النفط الشماليين بكركوك وباي حسن في (11 تموز الحالي) مستغلة الفراغ الذي نتج عن انسحاب قوات الجيش العراقي من المحافظة المتنازع عليها.
وتبلغ الطاقة الإنتاجية لحقلي كركوك وباي حسن، 450 ألف برميل يوميا من النفط الخام، لكنهما لم ينتجا كميات كبيرة منذ آذار الماضي، حين تعرض خط أنابيب تصدير النفط الذي يمتد من كركوك إلى ميناء جيهان التركي لعملية تخريب من قبل جماعات مسلحة متطرفة.
وتكشف عضو لجنة الطاقة بمجلس كركوك، عن مقترح تقدمت به ادارة المحافظة الى نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة حسين الشهرستاني، بنقل كميات كبيرة من الوقود عبر البر الى كركوك لفك ازمة شح المحروقات.
وتشير الى ان \”المقترح استبعد بعد التداول، بسبب عدم وجود طريق برية سالكة ومؤمّنة بين بغداد وكركوك، بسبب العمليات العسكرية\”.
وتستدرك حسين بالقول \”اذا لم تحل ازمة الوقود، فأن كركوك واهاليها مقبلون على مشكلة كبيرة ستتفاقم يوماً بعد يوم\”.
وتقترح حسين، كحل بديل عن الاستعانة بقدرات بغداد الاحتياطية، بـ\”استغلال مادة النفثا المتوفرة في كركوك، ومقايضتها بمادة البنزين والكاز مع الدول المجاورة\”.
ومادة النفثا، هي قطفة التكرير الخفيفة التي تشمل مواد هيدروكربونية، وتعد من أهم منتجات التقطير، واكثر دخولاً في الصناعات البتروكيمياوية، وفي انتاج بنزين السيارات وبعض أنواع وقود الطائرات.
وتوضح حسين، ان \”ادارة كركوك ترى ضرورة الذهاب الى مقايضة مادة النفثا مع دول الجوار المصنعة للوقود، عن طريق المقايضة دون دفع اية مبالغ من قبل الحكومتين المحلية والمركزية، وبنظام كمية مقابل كمية\”.
ونوّهت الى أن \”تفعيل هذا المقترح بحاجة الى موافقة حسين الشهرستاني\”.
وتعتمد كركوك 100 بالمائة على ما يصلها من منتجات نفطية من مصفي بيجي المحاصر.
وتشهد محطات تعبئة الوقود الاهلية وقوف طوابير من السيارات على ابوابها للتزود بالوقود، رغم ارتفاع سعر اللتر الواحد، ويقول محمود اسماعيل (سائق تاكسي) لـ\”العالم الجديد\”، ان \”سعر اللتر الواحد الاهلي بلغ 1300 دينار\”.
طابور سيارات عند محطة وقود في كركوك (العالم الجديد)
ويبيّن أحد موردي البنزين وصاحب شركة مختصة بتجهيز الوقود ويدعى حمه أكرم زنكنة، في تصريح لـ\”السومرية نيوز\” امس الاول، ان \”شركتي الأطياف وأوركيد هي من تجهز محطات التعبئة الأهلية بمادة البنزين وبسعر 1250 دينار، وبواقع مليون لتر يوميا، لغرض حل مشكلة أزمة البنزين بعد توقف محطات الحكومية من التجهيز لنفاذ المخزون\”.