يؤمن اتباع المذهب الجعفري، أن الإمام علي (عليه السلام) تنازل عن حقه في الخلافة حقنا لدماء المسلمين، ليقدم نموذجا عاليا في الاخلاق والتضحية والايمان وفن السياسة ايضا. وربما كان أول قائد يتخذ موقفا يشبه الاستقالة أو التنازل. فهل اتعظ منه احد من المسلمين جميعا!!
وكما تكونون يولى عليكم، مقولة عظيمة لعظيم مثله، أُختصر فيها كتب كثيرة عن طبيعة الشعوب.
وهكذا نحن، كشعب نشبه أحوال أُولي الأمر منا، فلا يتذمر أحد من معاناته اليومية، حيث الطرق المغلقة والاختناقات غير الطبيعية في الشوارع، دون طائل. هكذا نحن نشبه المفخخات التي تفتك بأرواحنا وتطشر أجسادنا. هكذا نحن نشبه حالة انعدام الخدمات وسوء الاحوال. هكذا نحن نشبه حكومتنا العاجزة تماما عن أي اجراء سوى وضع المزيد من نقاط التفتيش. هكذا نحن نشبه برلماننا العظيم الذي تطحنه الخلافات والصراعات وتتعالى فيه الصيحات على قضية وضع صورة في يوم فتكت فيه بغداد بـ 15 مفخخة! ليذهب بعدها في إجازة للراحة والاستجمام!. نحن نشبه هذه السلطة التشريعية الفاشلة العاجزة عن تشريع أي قانون مهم يمكن ان يكون له تأثير مباشرعلى حياة المواطن، ما عدا قانون منع التدخين!.. نعم نشبه سجالات برلماننا في السجالات التي تدور بيننا. الفرق الوحيد أنهم أعضاء برلمان ونحن شعب، لكننا نشبهم فلماذا ننتقدهم؟!.
وبالضبط نحن نشبه حكومتنا في اصرارها على جدوى جهاز السونار العظيم الذي نتكدس حوله في انتظار ان يرضى عنا، نعرف انه لا يعمل لكننا نطيع الجهاز، والضابط يطيع، والجندي يطيع، الكل يطيع الجهاز، ثم نشتكي بعدها، أو ننتظر الفرج من السماء، أو بقرار من أوباما، أو الامم المتحدة، او فرج يأتي من إحدى دول الجوار بقرار يخصنا.
نحن الجزء الرئيس في هذه المعضلة، جزء لا يختلف عن باقي الاجزاء، فلم نلومهم!؟.
يُحكى ان الخليفة الوليد بن عبد الملك عندما بنى الجامع الاموي طلب حضور ممثلين عن الامصار للمساهمة في وضع حجر الاساس، ليضع كل ممثل حجر واحد، لكنه لاحظ ان شخصا يحمل بدلا من الحجر حجرين، سأل عنه، فقالوا له هذا عراقي، فقال: \”يفرطون حتى في الطاعة\”.
ونحن هكذا منذ مئات السنين، كلما أفرط بنا الخراب كلما أفرطنا في الطاعة، فلا يحق لأحد التذمر مطلقا، فنحن من انتخبانهم ومنحناهم كل الامتيازات، وسنعيد انتخابهم لاننا نشبهم، فإياكم والتذمر، فكما تكونون يولى عليكم!.