مع بداية تشكيل أي حكومة في العراق، ينبري ممثلو الأقليات الدينية للمطالبة بحقائب وزارية لتمثيل مكوناتهم، الأمر الذي اعتبره زعماء بعض الطوائف استحقاقا مكوناتيا لا يعود بالضرورة بفائدة مادية على المكون، فيما رأى بعض ممثليها أن تحسين الأوضاع العامة لكل العراقيين، أفضل من منح وزارة لأقلية ما.
ويقول رئيس الطائفة الصابئية، الشيخ ستار جبار خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “الإصرار على المشاركة في الحكومة يأتي من واقع أن هذا استحقاق، وليس الغاية منه تقديم خدمات لأبناء الأقليات، فهم لا يعيشون في منطقة واحدة حتى نتمكن من تقديم الخدمات لهم بشكل جماعي”.
ويضيف جبار، أن “الوزارة لا تقدم فائدة مادية محددة للأقلية، لكنها استحقاق لها باعتبارها جزءا من المجتمع، وأن النظام السياسي القائم يجب أن يضمن مشاركة جميع مكونات المجتمع في إدارة الدولة”.
وكان النائب عن المكون الإيزيدي شريف سليمان، طالب أمس الإثنين، رئيس الوزراء المكلف محمد شياع السوداني بمنح المكون مقعدا وزاريا في حكومته، مؤكدا في بيانه أن “المكون من المكونات الدينية الأساسية في البلاد، لذلك نطالب القوى السياسية بمنحه حقيبة وزارية في الحكومة الجديدة”.
يشار الى أن الصابئة المندائيين، حصلوا على مقعد كوتا في مجلس النواب منذ الدورة النيابية عام 2010، كما تقدر أعداد أبناء الديانة في العراق بين 10 و15 ألف نسمة، وفق حديث سابق لرئيس الطائفة الشيخ ستار جبار الحلو.
يذكر أن اتهامات عديدة طالت نواب المكون الصابئي، بشأن ارتباطهم مع الكتل الكبيرة الأخرى، وابتعادهم عن هدف وجود المقعد وهو تمثيل المكون داخل البرلمان، والدفاع عن حقوق أبنائه وحفظ التنوع.
من جهته، يوضح مسؤول الإعلام في ديوان الوقف المسيحي فائق عزيز خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “تحسين الوضع العام أفضل للأقليات من منحها وزارات، لأن تحسين الوضع العام ينفع جميع العراقيين بمن فيهم الأقليات، ولا يقتصر على مكون واحد فقط”.
ويشير عزيز، إلى أن “المنصب لن يقدم شيئا كبيرا للمكون، وإنما يقدم فائدة لصالح أشخاص معينين، بينما تحسين وضع المكون كليا يحتوي على خدمة للصالح العام”.
يشار إلى أن المحكمة الاتحادية، أصدرت في شباط فبراير الماضي، قرارا بوجوب مساواة المكونات الشبكية والكرد الفيلية والإيزيدية، مع المكونين المسيحي والصابئي، وأن حصولها على مقعد واحد لكل منها، يتعارض مع أحكام المواد 14 و16 و20 من الدستور.
ووفق قانون الانتخابات الأخير، فإن للمكون الإيزيدي الحصول على مقعد كوتا واحد في مجلس النواب عن محافظة نينوى، بالإضافة إلى 5 مقاعد للمكون المسيحي عن بغداد ونينوى وكركوك، ومقعد للمكون الصابئي في محافظة بغداد، ومقعد للمكون الشبكي في محافظة نينوى ومقعد للكرد الفيليين في محافظة واسط.
ومنذ تشكيل أول حكومة بعد العام 2003 ولغاية الآن، لم تحصل مكونات الصابئة والإيزيدية والشبكية على مناصب تنفيذية، على عكس المكون المسيحي، حيث حصل على وزارات ومناصب أخرى.
وفي هذا الصدد، يفيد الناشط الإيزيدي خالد إبراهيم خلال حديث لـ”العالم الجديد”، بأن “تحسين وضع الأقليات أفضل بالطبع من منحهم مناصب حكومية، ولدينا تجربة مع وزيرة الهجرة والمهجرين إيفان فائق التي لم تقدم شيئا لمكونها (المسيحي) ولا للأقليات الأخرى”.
ويشدد إبراهيم على “ضرورة اهتمام رئيس الوزراء الجديد بوضع الأقليات ومناطقهم الخاضعة للصراع الداخلي والخارجي، فالعراق يوشك على خسارة هذا التنوع الجميل الذي يتميز به منذ آلاف السنين”.
وقد تعرض المكون الإيزيدي في سنجار غربي نينوى، في 3 آب أغسطس إلى اجتياح من قبل تنظيم داعش الذي قام بتنفيذ إبادة جماعية تمثلت بقتل الآباء والأبناء والنساء، من كبار السن والشباب من خلال عمليات إعدام جماعية، فضلا عن سبي (خطف) النساء والفتيات والأطفال.
ومنذ سنوات حاولت الحكومة الاتحادية، البدء ببرنامج لإعادة النازحين الإيزديين إلى مدينة سنجار وإغلاق مخيمات النزوح، وفتحت باب العودة الطوعية، لكن المقومات والبنى التحتية لم تكن متوفرة في المدينة، خاصة بعد دخولها في الصراع الدائر بين أطراف عدة، داخلية وخارجية، إذ وقعت الحكومة الاتحادية في التاسع من تشرين الأول أكتوبر الماضي، مع حكومة إقليم كردستان اتفاقا وصف بـ”التاريخي” حول سنجار، تضمن إخراج كافة الفصائل وعناصر حزب العمال الكردستاني منه، وإخضاعه لسيطرة القوات الأمنية الاتحادية، لكن هذا الاتفاق لم يطبق على أرض الواقع بسبب فشل بغداد وأربيل في تنفيذه بذريعة التحديات التي واجهتهما على الأرض.
جدير بالذكر، أن الأقليات تتعرض بشكل مستمر إلى مشاكل عدة، أبرزها الاستيلاء على ممتلكاتهم، وقد شكلت لجان عديدة لحل هذه الأزمة، فضلا عن قضية الهجرة المستمرة لهم خارج البلد، وكان آخرها موجة الهجرة التي عصفت بالمكون الإيزيدي، وقد كشفت “العالم الجديد” التفاصيل الكاملة بهذا الشأن في تقرير مفصل.