صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

لأول مرة منذ سنوات.. الإيزيديون يختتمون عيد «جما» بطقوس كاملة

على غير العادة، ونتيجة للاستقرار الكبير الذي يشهده المكون الإيزيدي، مضى الاحتفال بعيد “جما”، بإجراء طقوسه كاملة وحضور أبناء المكون من مختلف دول العالم إلى موقعهم الأول وهو قضاء سنجار في محافظة نينوى.

على غير العادة، ونتيجة للاستقرار الكبير الذي يشهده المكون الإيزيدي، مضى الاحتفال بعيد “جما”، من خلال إجراء طقوسه الكاملة وحضور أبناء المكون من مختلف دول العالم إلى موطهنهم الأول وهو قضاء سنجار في محافظة نينوى.

وانتهى يوم أمس الخميس، العيد الذي امتد على سبعة أيام، وبدأ من 6 من تشرين الأول أكتوبر، التاريخ الثابت الذي يحتفل به أبناء المكون كل عام.

ويتحدث طلال مراد، وهو ناشط إيزيدي، لـ”العالم الجديد”، عن هذا العيد، قائلا “الاحتفال بالعيد هذا العام كان مختلفا عن السنوات السابقة، من ناحية الطقوس والمراسيم، فبعدما عاناه المكون نتيجة دخول تنظيم داعش، ابتعد الناس عن العادات والتقاليد، لكنها هذا العام عادت أقوى من السابق”.

وعيد “جما”، هو من أكبر أعياد المكون الإيزيدي، وقد توقف الاحتفال به منذ سنوات، بدءا من اجتياح تنظيم داعش لقضاء سنجار عام 2014، ومن ثم بعد التحرير توقف بسبب وباء كورونا وفرض القيود على التجمعات.

ويضيف مراد، أن “أبناء المكون الإيزيدي، أثبتوا أنه لا توجد قوة إرهابية يمكنها إبعادهم عن ديانتهم وطقوسها وأصولها المتجذرة”، مؤكدا “شهدنا في هذا العيد زيارة أبناء الجالية من أمريكا وأوروبا واستراليا وكندا وكذلك جورجيا وأرمينيا، حيث أتوا لقضاء سنجار”.

ويردف أن “حضور الجالية لسنجار، هو دليل على أن الناس أصبح لديها إيمان وقوة كبيرة لتمارس طقوسها بحرية، كما أن التزام أبناء المكون وتنظيمهم خلال الطقوس، يؤكد أن هناك درجة وعي كبيرة لديهم، وهي أكبر من السنوات السابقة”.

وهذا العام، جرى الاحتفال رسميا في معبد لالش بقضاء سنجار وإقامة الصلاة فيه، عبر تنظيم مجموعة مراسم دينية على مدى سبعة أيام، حيث يتوجّه الإزيديون من انحاء العالم إلى معبد لالش للاحتفال.

وتوازي مراسيم هذا العيد مراسم الحج في الاسلام، ويأتي معتنقوا هذه الديانة في هذه المناسبة للتبرك بمياه النبع الأبيض في المعبد، حيث يجب على كل إيزيدي ان يعمّد بهذه المياه.

إلى ذلك، يبين مدير ناحية سنوني خديدا جوكي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الإيزيديين يجتمعون في هذا العيد داخل مزار الشيخ عدي بن مسافر في محافظة نينوى، لأداء الطقوس الخاصة التي تستمر لمدة أسبوع واحد، من كل شهر تشرين الأول في كل عام”.

ويتابع أن “هذا العيد بالنسبة للإيزيديين مشابه لموسم الحج لدى المسلمين، حيث يأتي أبناء المكون من كل دول العالم للاحتفال به”، مبينا أن “أوضاع المكون مؤخرا، أكثر استقرارا من السنوات السابقة، التي شهدت تهجير وقتل”.

ويعد معبد لالش من أقدس المعابد لدى الإيزيديين، ويمارسون فيه طقوسهم وشعائرهم الدينية في أغلب أعيادهم، ويقع المعبد في واد محاط بجبال وتلال مليئة بالأشجار قرب قضاء الشيخان شمال غرب مدينة الموصل، وفيه يقع ضريح الشيخ عدي بن مسافر.

ومن أعياد الإيزيديين، هو رأس السنة، الذي يصادف في بداية شهر نيسان بالتقويم الميلادي، ويسمى الأربعاء الأحمر، ويعتقد الإيزيديون أن الملك طاووس قد نزل إلى الأرض التي كانت سرابا ليحولها إلى أرض حية من ماء وتراب كما هي وينبت فيها الربيع بألوانه.

ويتبع الإيزيديون التقويم الشرقي لتحديد رأس السنة الإيزيدية، والذي تعتمده الكنيسة الأرثودوكيسة ويختلف عن التقويم الميلادي بـ13 يوما.

من جانبه، يبين الناشط الإيزيدي سيدو الأحمدي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “هذا العيد له مكانة خاصة بالنسبة للمكون الإيزيدي”.

ويوضح أن  “طقوس هذا العيد تكون عبارة عن زيارات وتعميد الأطفال، إضافة إلى زيارة معبد لالش وإجراء طقوس الطهارة”، مضيفا أن “من عادات هذا العيد هو تقديم الخيرات للعوائل وارتداء الزي الديني”.

وتعرض المكون الإيزيدي إلى محاولة للإبادة الجماعية على يد تنظيم داعش، عندما سيطر على قضاء سنجار في آب أغسطس 2014، حيث عمد إلى خطف النساء والأطفال وقتل الرجال، ومن ثم عمل على بيع النساء الإيزيديات في ما يسمى “سوق النخاسة”، حيث تعامل معهن كـ”سبايا”.

يشار إلى أن فريق التحقيق التابع للأمم المتحدة، أعلن العام الماضي، وفي إحاطة له حول اجتياح داعش للعراق، إنه وجد “أدلة واضحة ومقنعة على أن الجرائم بحق الإيزيديين تمثل بوضوح إبادة جماعية”، ونجح الفريق أيضا في تحديد 1444 من الجناة المحتمل تورطهم في جريمة الإبادة الجماعية بحق المجتمع الإيزيدي.

ومنذ سنوات حاولت الحكومة العراقية البدء ببرنامج لإعادة النازحين الإيزديين إلى مدينة سنجار وإغلاق مخيمات النزوح، وفتحت باب العودة الطوعية، لكن المقومات والبنى التحتية لم تكن متوفرة في المدينة، خاصة بعد دخولها في الصراع الدائر بين أطراف عدة، داخلية وخارجية، إذ وقعت الحكومة الاتحادية في التاسع من تشرين الأول أكتوبر الماضي، مع حكومة إقليم كردستان اتفاقا وصف بـ”التاريخي” حول سنجار، تضمن إخراج كافة الفصائل وعناصر حزب العمال الكردستاني منه، وإخضاعه لسيطرة القوات الأمنية الاتحادية، لكن هذا الاتفاق لم يطبق على أرض الواقع بسبب فشل بغداد وأربيل في تنفيذه بذريعة التحديات التي واجهتهما على أرض الواقع.

وكان مجلس النواب قد صوت على قانون الناجيات الإيزيديات في الأول من آذار مارس 2021، وأصبح نافذا بعد مصادقة رئيس الجمهورية عليه في الثامن من الشهر ذاته، ومن المفترض أن يقدم القانون الدعم الكامل للناجيات، فضلا عن البحث عن المختطفات.

إقرأ أيضا