لإيقاف هدر المياه.. خبراء يقترحون حلولا لمعضلة الري

شدد خبراء ومسؤولون في الشؤون المائية على ضرورة تفعيل الشركات الصناعية المنتجة لمنظومات الري الحديثة…

شدد خبراء ومسؤولون في الشؤون المائية على ضرورة تفعيل الشركات الصناعية المنتجة لمنظومات الري الحديثة لتزويد الفلاحين بها وتمكينهم من اعتماد طرق إروائية توفر المياه في ظل الجفاف المتفاقم، فيما دعا بعضهم الحكومة إلى تيسير حصول الفلاحين على هذه المنظومات، بدلا من تزويدهم بمواد ومستلزمات يستطيعون تحمل تكاليفها المنخفضة مقارنة بتكاليف منظومات الري.

ويقول المستشار السابق للجنة الزراعة النيابية عادل المختار خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “وزير الزراعة  السابق كان يقول بأنه سيأتي بمعمل لصناعة منظومات ري حديثة، وبعدها طور كلامه، وقال بأنه سيحضر منظومات ري، ولكن لحد الآن ليس هناك أي تنفيذ، فهذا الكلام سمعناه من سنين طويلة”.

ويضيف المختار أن “لدينا شركة النعمان، وهي شركة عراقية تابعة لوزارة الصناعة تعمل على صناعة منظومات الري، وتحديدا للبستنة، أي أنه إذا عملت هذه الشركة لقطاع البستنة وحده سوف توفر مياها تقدر كمياتها بثلاثة مليار متر مكعب لو أن الشركة عملت وتم دعمها، كما أن هناك معامل حكومية أخرى متخصصة بإنتاج منظومات الري لكنها خاملة”.

ويشير إلى أن “هناك شركة أخرى لإنتاج منظومات الري هي شركة سنحاريب، ولكن تمت تصفيتها بالكامل، ويقيت شركة النعمان فقط، والأخيرة شركة كبيرة ولكن تم تقليصها إلى قسم في وزارة الزراعة، وبالإمكان إعادة تفعيلها وفتح فروع لها في جميع المحافظات للاستفادة من خدماتها بدلا من الإصرار على الري السيحي القديم”.

يذكر أن مجلس الوزراء، قرر في جلسته أمس الأول الثلاثاء، التريث في تنفيذ فقرة توصيات لجنة الأمر الديواني (26 لسنة 2020)، المتعلقة بتقديم الدعم للمحاصيل الزراعية (الحنطة والشعير والشلب والذرة الصفراء) للموسم الزراعي الحالي بشأن استخدام تقنيات الري الحديثة بتقديم الدعم الزراعي بمقدار 50 بالمئة للأسمدة و70 بالمئة للبذور و100 بالمئة للمبيدات، بحسب طلب وزارة الزراعة، لعدم وجود منظومات ري بالرش كافية لتغطية المساحات المطلوبة لزراعة المحاصيل الاستراتيجية.

يشار إلى أن وزارة الزراعة، أكدت لـ”العالم الجديد” في وقت سابق أن موازنة عام 2019 كانت جيدة، وفيها تم دعم القطاع الزراعي والوصول إلى الاكتفاء الذاتي ودعم الفلاحين بـ50 في المئة من منظومات الري واللقاحات والمستلزمات الأخرى.

من جهته، يفيد مدير زراعة واسط أركان الشمري خلال حديث لـ”العالم الجديد”، بأن “الحكومة تسعى إلى حث الفلاحين على استخدام منظومات الري الحديثة بدلا من الطرق القديمة، لذلك كانت تشجع الفلاح الذي يقتني هذه المنظومات عبر منحه دعما بالبذور أو تخصيص كميات أكبر له من الأسمدة، لكن وفق آخر قرارات مجلس الوزراء سيكون الدعم بالبذور والأسمدة متاحا لجميع الفلاحين سواء يمتلكون منظومات ري حديثة أم لا”.

ويتابع الشمري أن “هناك مبالغ مالية سيتم تخصيصها من قانون الدعم الطارئ لشراء منظومات ري من شركات تركية وسعودية”، مبينا أن “تفعيل الصناعة العراقية المنتجة لمنظومات الري أفضل طبعا، ولاسيما أن “منظومات الري بالتنقيط أو الرش سهلة الصنع وليست دقيقة ومعقدة مثل منظومات الري المحورية أو المتحركة”.

يذكر أن العراق، ومنذ العام الماضي، قلص المساحات المزروعة إلى 50 بالمئة بسبب شح المياه، ما أدى إلى تراجع كبير في الإنتاج الزراعي، كما يعاني القطاع الزراعي من تدهور حاد، ووفقا لتقرير سابق لـ”العالم الجديد”، فإن محافظة ديالى فقدت غالبية أراضيها الزراعية، وشهدت هجرة كبيرة للفلاحين نحو المدينة.

وسبق أن اشتكى الفلاحون وأصحاب حقول الدواجن من غياب الدعم الحكومي، ما أثر على إنتاجهم وأدى إلى رفع الأسعار، نتيجة لارتفاع أسعار الأعلاف والمواد الأزمة في السوق السوداء.

كما يعاني العراق من أزمة كبيرة في المياه، بسبب تقليل تركيا لإطلاقات نهري دجلة والفرات وقطع إيران لمنابع الأنهر الواصلة للعراق، ما أثر بشكل كبير على الخطة الزراعية، فضلا عن تأثيره على الأسماك، حيث ارتفع اللسان الملحي وأدى لنفوق كميات كبيرة في أحواض محافظة البصرة (550 كلم جنوبي البصرة)، مطلع شهر آب أغسطس 2021.

إلى ذلك، يوضح الخبير في الشؤون المائية جمعة الدراجي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “رئيس الوزراء تحدث في مؤتمره الصحفي الأخير عن حرمان الفلاح الذي لا يشتري منظومات ري حديثة من الدعم الحكومي ابتداء من السنة المقبلة، وهذا القرار فيه إجحاف للفلاح، فهو يحتاج إلى دعم لشراء المرشات، وعلى الحكومة أن تدعمه في ذلك”.

ويبين الدراجي أن “تقديم الحكومة المرشات إلى الفلاحين أفضل من دعمهم بمواد ومستلزمات أخرى مثل الأسمدة والبذور، فالفلاح يستطيع شراء البذور والأسمدة، ولكن يصعب عليه شراء منظومات الري، لذا من الأفضل بيعها له بالتقسيط أو الآجل أو بأسعار مدعومة”.

وكانت خلية الإعلام الحكومي، أعلنت في أيلول سبتمبر الماضي، عن إقرار وزارة الموارد المائية خطتها الإروائية للموسم الشتوي المقبل، وفق الخزين المائي ومعطيات السنة المائية، وتضمنت تأمين الإرواء لـ1.5 مليون دونم من المياه السطحية لصدور الأنهر الرئيسة والمساحات الزراعية مضمونة الإرواء، إضافة إلى تأمين الإرواء لـ2.5 مليون دونم من المياه الجوفية للمناطق الواعدة، وتأمين الإرواء لـ1.100 مليون دونم من البساتين، مؤكدة أن الخطة ستتضمن تأمين الإرواء لـ5.100 مليون دونم.

يذكر أن مدير عام الشركة العامة للتجهيزات الزراعية طالب جاسم الكعبي، أعلن في آب أغسطس الماضي، أن الشركة لديها تعاقدات سابقة مع شركات أمريكية وألمانية وسعودية، وتم رصد مبلغ 34 مليار دينار من قانون الدعم الطارئ لشراء منظومات الري المحوري والثابت، فيما بين أيضا أن مبالغ الدعم التي تخصص للشركة هي لشراء المنظومات بنسبة 50 بالمئة سابقا، والنسبة المتبقية التي يتحملها الفلاح سيتم تقسيطها على عشر سنوات وتكون السنة الأولى معفاة.

إقرأ أيضا