صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

دعوى قضائية ضد رئيس إقليم كردستان أمام المحكمة الاتحادية

أكثر من ستة أشهر مرت على الإنتخابات البرلمانية في إقليم كردستان، وما زال الجمود السياسي والخلاف حول المناصب يهيمنان على المشهد السياسي في الإقليم، وسط تجاهل تهديد بعض القوى الكردية بحل البرلمان.

ومع مساعي الحزبين الحاكمين في الإقليم (الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني)، إلى ترحيل تشكيل حكومة إقليم كردستان إلى ما بعد الانتخابات النيابية في البلاد، إثر وصول مفاوضات تقسيم المناصب لطريق مسدود، أعلنت رئيس كتلة الجيل الجديد، سروة عبد الواحد، اليوم الخميس، رفع دعوى قضائية ضد رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني، لدى المحكمة الاتحادية، وذلك لامتناعه عن حل برلمان الإقليم، وفشله في انتخاب هيئة رئاسة البرلمان ضمن المدة القانونية.

وقالت عبد الواحد عبر تدوينة لها عبر منصة (إكس)، “رفعنا دعوى أمام المحكمة الاتحادية ضد رئيس الإقليم بسبب امتناعه عن حل برلمان الإقليم و فشله في انتخاب هيئة رئاسة البرلمان ضمن المدة القانونية”.

وأضافت أنه “كان من المفترض أن يبادر رئيس الإقليم، بصفته حامياً لمبادئ الدستور والقوانين، إلى حلِّ البرلمان وفقاً لأحكام القانون، لكنه لم يتخذ هذه الخطوة، بل تجاهل دعوة حراك الجيل الجديد لحلِّه، وذلك بدافع المصلحة الشخصية المتمثِّلة في البقاء بمنصبه لأطول فترة ممكنة، وهو ما يُعدُّ مخالفةً للقوانين النافذة”.

وأكدت أنه “استناداً إلى المادة (10/رابعاً) من قانون رئاسة إقليم كردستان، فإن لرئيس الإقليم صلاحية حلِّ البرلمان في حال عدم انتخاب هيئة رئاسة خلال مدة أقصاها 45 يوماً”.

وكان عضو حركة تفكري آزادي الكردية، لقمان حسن، أكد أمس الأربعاء، مساعي الحزبين الحاكمين لترحيل تشكيل حكومة الإقليم إلى ما بعد الانتخابات التشريعية في البلاد، من أجل تقاسم السلطة وفق الرؤية السياسية التي ستنتجها الانتخابات.

وفشل الاجتماع الثالث بين نائب رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني، مسرور بارزاني، ورئيس الاتحاد الوطني الكردستاني، بافل طالباني، في قضاء دوكان بمحافظة السليمانية، بحضور اللجنة العليا المشرفة على تشكيل حكومة الإقليم، لوضع اللمسات الأخيرة على البرنامج الحكومي المقبل، ومناقشة توزيع المناصب بين الأحزاب الفائزة في الانتخابات، في التوصل إلى أي نتائج تذكر.

وكانت رئيسة كتلة حراك الجيل الجديد، سروة عبد الواحد، قد أكدت في 24 نيسان أبريل الماضي، أن الحزبين الحاكمين في الاقليم (الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني) وراء منع عقد جلسات البرلمان والاستحواذ على السلطة، مشيرة الى أنهم سيلجأون للطرق القانونية لحل البرلمان إذا لم تعقد الجلسة خلال المدة المحددة.

وجدد رئيس حراك الجيل الجديد، شاسوار عبد الواحد، في 22 نيسان أبريل الماضي، تهديده بحل برلمان إقليم كردستان، في حال عدم عقد الجلسة خلال الأسبوعين المقبلين.

وكانت مصادر مطلعة، كشفت لـ”العالم الجديد”، في 25 آذار مارس الماضي، أن “اللقاء الأخير الذي جمع رئيس الاتحاد الوطني الكردستاني، بافل طالباني، برئيس حكومة الإقليم مسرور بارزاني، وضع اللمسات الأخيرة على اتفاق تشكيل الحكومة”، مبينة أن “بارزاني اشترط خلال اللقاء إعادة إحياء التحالف الكردستاني في الانتخابات البرلمانية الاتحادية، وأن يعمل الكرد معا في بغداد، لحل الملفات العالقة مع الحكومة الاتحادية”، فيما أشارت إلى أن “جميع الشروط تم الاتفاق عليها، وبقيت اللمسات الأخيرة التي سيتم حسمها خلال الاجتماعات بين اللجنة التفاوضية المشكلة من الحزبين، ليتم حسم تسمية المناصب”.

وكشفت المصادر عن “اتفاق يفضي إلى توحيد البيشمركة بين الحزبين، وإنهاء الإدارتين، وحسم المناصب، بحيث يكون للديمقراطي منصبا رئاسة الإقليم والحكومة، وللاتحاد رئاسة البرلمان، ونائب رئيس الحكومة، ونائب رئيس الإقليم و8 وزارات، بينها وزارة البيشمركة، ووزارة المالية”.

وخلال الشهرين الماضيين، عقد الحزبان عدة جولات من المفاوضات، انتهت بتشكيل لجنة مشتركة، هدفها صياغة مسودة يجري الاتفاق عليها للبرنامج الحكومي المقبل، وآلية توزيع المناصب التنفيذية لحكومة الإقليم، لكن الاتفاق لم يفض إلى أي نتائج تدفع نحو الإسراع بحسم ملف تشكيل الحكومة.

ويشهد إقليم كردستان أزمة سياسية مستمرة منذ الانتخابات الأخيرة، حيث تعثرت مفاوضات تشكيل الحكومة بين الحزبين الرئيسيين.

وتعود جذور الخلافات إلى تباين الرؤى حول تقاسم السلطة، وصلاحيات المناصب الرئيسية مثل رئاسة الإقليم والحكومة والبرلمان.

ورغم عقد عدة اجتماعات بين اللجان التفاوضية للحزبين، إلا أن التقدم لا يزال محدودا، مما يزيد من حالة الجمود السياسي في الإقليم، وسط ترقب داخلي وضغوط خارجية لحلحلة الأزمة.

وطبقا للنظام الداخلي لبرلمان الإقليم، يتعين على رئيس الإقليم دعوة البرلمان المنتخب إلى عقد جلسته الأولى خلال 10 أيام من المصادقة على نتائج الانتخابات، وإذا لم يدع الرئيس إلى عقد الجلسة الأولى يحق للبرلمانيين عقدها في اليوم الحادي عشر للمصادقة على النتائج، فيما يترأس العضو الأكبر سنا جلسات البرلمان قبل انتخاب الرئيس الدائم بعد تأدية القسم الدستوري.

وشهد البرلمان بدورته السادسة انعقاد جلسته الأولى في مطلع كانون الأول ديسمبر 2024، والتي تضمنت تأدية اليمين القانونية لأعضائه، وإبقاء الجلسة مفتوحة بسبب عدم حسم المناصب الرئيسة في الإقليم.

وبحسب سياسيين، فإن واقع هذا الصراع بين الحزبين التقليديين “الديمقراطي” بزعامة مسعود بارزاني و”الاتحاد الوطني” بزعامة بافل طالباني، يفتح الباب أمام تساؤلات حول الخيارات المتاحة في تجاوز سقف الشروط المتبادلة، واستقطاب قوى من ساحة المعارضة التي يفرض بعضها شروطا تعجيزية، وآخر اتخذ قرارا قطعيا بعدم المشاركة في أية حكومة يشكلها الحزبان في ظل عقبات قانونية تفرض سقوفا زمنية، في حال إبقاء جلسة البرلمان مفتوحة لحين إبرام اتفاق سياسي.

ويقف سقف المطالب المرتفع لدى كل منهما عائقا في طريق تشكيل حكومة شراكة، فكلاهما يخوض سباقا لاستقطاب باقي القوى الفائزة وفي مقدمهما حراك “الجيل الجديد” ويحوز 15 مقعدا، يليه الاتحاد الإسلامي بسبعة مقاعد، ثم حزب الموقف الوطني بأربعة مقاعد، وجماعة العدل بثلاثة مقاعد، ومقعدان لحزب جبهة الشعب، ومقعد لكل من حركة التغيير والحزب الاشتراكي.

ويشترط حزب بارزاني في تشكيل الحكومة الجديدة، أن تكون وفق معيار “الاستحقاق الانتخابي” مع أهمية أن تكون “مؤسسات الإقليم موحدة”، في إشارة إلى الفجوة القائمة بين إدارته في أربيل مع نظيرتها في السليمانية بقيادة حزب طالباني، في حين يرفع الأخير شعار “تصحيح مسار الحكم” لإنهاء احتكار القرار من قبل الديمقراطي، وفق اعتقاده.

إقرأ أيضا