صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

لا مقر يؤوي مجلس ذي قار الجديد.. وجسور الثقة مع المواطنين أبرز تحدياته

بعد إعلان النتائج النهائية لانتخابات مجالس المحافظات، وبدء مرحلة حسم الطعون وبانتظار المصادقة على النتائج، تبرز قضية مهمة في ذي قار، وهي عدم وجود مبنى لمجلس المحافظة، لاسيما وأن المبنى السابق خرج عن الخدمة خلال تظاهرات 2019، ما أدى، وبحسب مصدر مطلع، لأن تكون الجلسة الأولى للمجلس في مقر أمني بالمحافظة.

بعد إعلان النتائج النهائية لانتخابات مجالس المحافظات، وبدء مرحلة حسم الطعون، يواجه مجلس محافظة ذي قار، قضية فقدان مبناه السابق، بسبب خروجه عن الخدمة خلال تظاهرات 2019، ما سيجبر المجلس على عقد جلسته الأولى في مقر أمني داخل المحافظة بحسب مصدر مطلع، فيما يظل التحدي الأكبر أمامه هو مد جسور الثقة مع المواطنين الذين قد ينزلون إلى الشارع مع أي حالة غضب من سياسات المجلس، كما يرجح ناشطون.

ويقول مصدر مطلع في محافظة ذي قار، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “السلطة التنفيذية تعمل حاليا على تأمين مكان انعقاد أولى جلسات مجلس المحافظة الجديد، والذي من المفترض أن تشهد انتخاب المحافظ ونائبه، وذلك لتضرر مبنى مجلس المحافظة خلال تظاهرات 2019 بشكل كلي، وأصبح غير صالح للخدمة”. 

ويضيف المصدر، أن “الاحتمالات تتجه لأن يكون موقع انعقاد هذه الجلسة في مقر قيادة عمليات سومر، الذي يبعد عن مركز المحافظة قرابة 9 كيلومتر غربا، أي باتجاه مدينة أور الأثرية أو داخل قيادة شرطة المحافظة وموقعها ليس ببعيد عن مركز المدينة، إلا أنه مؤمن بشكل أكثر، وذلك تحسبا من حراك احتجاجي لإفشال انعقاد الجلسة”.

ويردف أن “الموقع الدائم لمجلس المحافظة لم يتم تحديده حتى الآن، فالأمر يتطلب بحثا لمبنى يتسع للأعضاء والموظفين”.

وأفرزت نتائج الانتخابات حصول الأحزاب التقليدية على 61 بالمئة من مقاعد مجلس ذي قار، البالغ عددها 18 مقعدا، وفي مقدتهم تحالف نبني وائتلاف دولة القانون وتحالف قوى الدولة الوطنية.

ولم تشهد محافظة ذي قار، في الانتخابات الحالية أو البرلمانية السابقة، أي دعاية انتخابية، سواءً على صعيد الصور في الشوارع أو إقامة مؤتمرات بعد تهديدات المحتجين، حيث لجأ المرشحون إلى مواقع التواصل الاجتماعي لشرح برامجهم الانتخابية واللقاء الإلكتروني مع بعض الناخبين.

وكان متظاهرون شاركوا في “انتفاضة” تشرين وقبيل الإعلان عن إقامة انتخابات مجالس المحافظات، أعلنوا مقاطعتهم للعملية الانتخابية، لافتين إلى أن أي كتلة سياسية ناشئة تدعي انبثاقها من ساحة التظاهر فهي لا تمثلهم، لأن المطلب الأساسي هو إلغاء مجالس المحافظات التي يرونها “حلقة زائدة” وبابا من أبواب الفساد.

إلى ذلك، يبين المرشح الفائز بعضوية مجلس المحافظة عن تحالف المهمة، أحمد الخفاجي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “أولى المهام الملقاة على عاتق المجلس الجديد هي أن يكون قريبا من الجمهور، وفي تواصل مباشر معهم، وأن لا يبتعد عنهم، فالتجربة الماضية لعمل المجالس السابقة والاداء السيء لها نتج عنه نقمة شعبية”.

ويؤكد الخفاجي، أن “هناك صورة سلبية تولدت في أذهان الناس عن مجلس المحافظة، ويجب على أعضاء المجلس المقبلين تغيير هذه الصورة القاتمة وإعادة بناء جسور الثقة من جديد”.

وتعد ساحة التظاهرات في محافظة ذي قار التي يبلغ عدد نفوسها مليونين و226 ألف نسمة، واحدة من أسخن الساحات في العراق منذ 2019 حتى دخول أنصار التيار الصدري على ساحة الحبوبي، مركز التظاهرات هناك، في الـ27 من تشرين الثاني 2020 وقيامهم بإحراق خيمهم ومقتل تسعة متظاهرين وإصابة العشرات فيها.

وذي قار هي واحدة من المحافظات الأكثر جدلا بسبب صعوبة التكهن بما ستحمله أيامها المقبلة، فما زالت حتى الآن مقرات الأحزاب السياسية رماداً منذ حراك تشرين الأول أكتوبر 2019، وتسجل الأحزاب التقليدية الآن، محاولات خجولة في لملمة أصواتها وأتباعها بسرية وتكتفي بالدعاية في الفيسبوك وبقية مواقع التواصل الاجتماعي، قبل خوض الانتخابات.

من جانبه، يبين المرشح الفائز بعضوية مجلس المحافظة عن تحالف قوى الدولة الوطنية، مرتضى الإبراهيمي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الفترة السابقة التي مرت بها محافظة ذي قار بعد تظاهرات 2019، وحتى يومنا هذا لم تشهد المحافظة استقرارا إداريا، لذا فالتحديات المقبلة كبيرة”.

ويتابع الإبراهيمي “بات لزاما على المجلس الجديد، أن يعي خطورة المرحلة وأهميتها من أجل إعادة الثقة مع المواطن، التي فقدت نتيجة الأحداث الماضية”، مؤكدا أن “عمل عضو المجلس لن يكون محددا بوقت أشبه بالموظف، بل سيكون متواصلا على مدار الساعة، فهو ممثل منتخب عن الشعب وعليه تلبية جميع مطالب الناس”.

وسجلت محافظة ذي قار نسبة مشاركة في انتخابات مجالس المحافظات بلغت 31 بالمئة، بواقع أكثر من 300 الف ناخب في ظل تجاوز عدد ناخبي المحافظة الـ950 ألفا.

من جانبه، يبين المحلل السياسي، صلاح الموسوي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الدورة الحالية لمجلس المحافظة لن تختلف عن الدورات السابقة، وقد تشهد تراجعا نتيجة لتدهور الأوضاع في المحافظة وعدم وجود قناعة تامة لدى المواطنين بالانتخابات”.

ويضيف الموسوي، أن “أبرز الجهات هي المحتجون الذين شاركوا بتظاهرات 2019، فهم يرفضون عودة المجالس وكان مطلبهم الأول هو إلغاء المجلس وحرقوا مبناه آنذاك، لذا يمكن ان يكون للمجلس الجديد أي دور في اقناع الجمهور بدوره الجديد”.

جدير بالذكر، أن تظاهرات كبيرة انطلقت في ذي قار، عندما صوت البرلمان على اعتماد نظام “سانت ليغو”، وأقدموا على حرق المباني الحكومية وغلق الطرقات.

وتم حل مجالس المحافظات، بقرار من مجلس النواب في تشرين الثاني نوفمبر 2019، وكلف أعضاء البرلمان بمهمة مراقبة عمل المحافظ ونائبيه في كل محافظة على حدة، وذلك استجابة للتظاهرات التي كانت منطلقة آنذاك.

إلى ذلك، يبين الناشط وأحد المشاركين بتظاهرات تشرين ناطق الخفاجي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “هذه الانتخابات مرفوضة شعبيا والدليل نسبة المشاركة ومقاطعتها من قبل الملايين، وأنا وجزء كبير من المحتجين في ذي قار قاطعنا الانتخابات ولم نشارك فيها”.

ويوضح الخفاجي، أن “هناك احتمالية لعودة التظاهرات من جديد ضد مجلس المحافظة، فأحد أهم مطالب تظاهرات تشرين هو الغاء هذه المجالس، إذ نراها حلقة زائدة غير فاعلة ومضيعة للوقت، وأن الأحزاب التي فازت حاليا هي ذاتها فشلت في إدارة الدولة وغير مؤهلة”.

يشار إلى أنه بعد تسنم رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، منصبه قرر إجراء انتخابات مجالس المحافظات، وذلك استجابة لقرار المحكمة الاتحادية التي أشرت أن الغاءها يتطلب تعديل الدستور، لاسيما وأن آخر انتخابات لمجالس المحافظات جرت في عام 2013.

إقرأ أيضا