لم تغب التحفظات والشكوك حول تعديل قانون العفو العام طيلة الفترة الماضية، ورغم كونه جزءاً من شروط القوى السنية للمشاركة في الحكومة الحالية، إلا أنه مازال يثير مخاوف القوى الشيعية والكردية من أن يؤدي إلى عودة الإرهابيين، لاسيما بعد القراءة الثانية له الشهر الماضي.
إلا أنه وفي تطور جديد، كشف عضو اللجنة القانونية النيابية رائد المالكي، اليوم الأحد، عن إعادة صياغة مشروع قانون العفو العام مجددا داخل اللجنة، وذلك لسد الثغرات التي تسمح بإطلاق الإرهابيين.
ويتصاعد الجدل في العراق بين فترة واخرى، بشأن تشريع قانون للعفو العام يتمّ بموجبه إطلاق سراح الآلاف من المساجين الذين تحوم حول محاكمتهم وسجنهم شبهات تسييس في قضايا خطرة من ضمنها قضايا الإرهاب، وبينهم من كانوا أحداثا غير بالغين السن القانونية أثناء محاكمتهم، ويدور أغلب الجدل في خانة التكسب السياسي.
إذ قال المالكي في تصريح تابعته “العالم الجديد”، إن “مسودة القانون التي وصلت إلى مجلس النواب تحتاج إلى الكثير من التعديلات على اعتبار أن الصيغة التي وصلت من الحكومة غامضة وتحتوي على الكثير من الإشكالات” مبينا أن “المسودة الحالية لا تحتوي عموماً على مختلف الجرائم إنما مختصة فقط بمعاجلة الانتماء للتنظيمات الإرهابية”.
وأضاف: “نعمل خلال هذه الأيام لإيجاد الصياغة النهائية لمشروع قانون العفو العام”، مؤكدا أن “القانون سيخضع لنقاشات طويلة من أجل التوافق لصيغة لا تسمح بإطلاق الإرهابيين”.
وأنهى مجلس النواب العراقي، في 16 أيلول سبتمبر الماضي، تقرير ومناقشة (القراءة الثانية) لمشروع قانون تعديل “قانون العفو العام”، قبل أن يرفع جلسته.
وأيد زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، في 25 أغسطس آب الماضي، تمرير قانون العفو العام ولكن حدد شروطا لتمريره.
ويثير قانون العفو العام في العراق كثيراً من الخلافات السياسية بين القوى والمكونات الأخرى على رغم من تمدد الموضوع ووصول صداه إلى الأوساط الشعبية، على الرغم من كونه أبرز شروط الكتل السنية في اتفاق تشكيل الحكومة والانضمام إلى ائتلاف إدارة الدولة الذي انبثق منه تشكيل الحكومة الحالية.
ويتضمن البرنامج الحكومي، وفق نواب من المكون السني، اصدار قانون العفو العام والتدقيق الأمني في محافظاتهم وإلغاء هيئات او إيقاف العمل بها كانت تشكل مصدر قلق وأزمة لديهم.
ودعا رئيس تحالف السيادة خميس الخنجر، في 25 آذار مارس الماضي، الحكومة والبرلمان لإقرار قانون العفو العام قبل نهاية رمضان، وذلك وفقا للاتفاق السياسي الذي تشكلت على أساسه حكومة محمد شياع السوداني.
وفي 7 شباط فبراير الماضي، دعا رئيس تحالف العزم في محافظة ديالى النائب رعد الدهلكي، رئاسة مجلس النواب والقوى السياسية الى موقف واضح وحازم للمضي بإقرار قانون العفو العام.
وتحذر قوى سياسية أخرى من شمول “الإرهابيين والمتهمين بجرائم خطيرة” ضمن المسودة الجديدة لقانون العفو العام.
يذكر أن العراق شرع أكثر من قانون للعفو خلال السنوات الماضية، ومنها قانون العفو العام لسنة 2016 الا ان الاعتراضات بقيت قائمة بحق القانون، لأن هناك الكثير ممن صنفوا إرهابيين انتُزعت اعترافاتهم بالقوة في أثناء التحقيق، بحسب قوى سياسية.
وكان زعيم تحالف نبني هادي العامري قال في تموز يوليو 2023 نعلن رفضنا لأي تعديل غير دستوري على قانون العفو العام؛ ما يتيح للتنظيمات الإرهابية فرص الالتفاف على دستور الدولة والإفلات من قبضة العدالة”، مضيفاً: “كما سالت دماؤنا من أجل الدولة ومن أجل زج المجرمين في السجون فإنها ستعود تسيل لأجل منع إخراجهم منها”.
وتابع: “لا مجال لعودة الإرهاب في عراقنا الذي مثلما نبنيه سنحميه، وهذا شعارنا ونحن باقون عليه، ولن نخضع للاتفاقات السياسية على حساب شعبنا”.