لا يمكننا زراعة حقول المصبات، دون معرفة ما تمنحه الينابيع، كما لا يسعنا الاعتماد على الهبات الآلهية وحدها في انتظار المطر، لذا كل فعل هو ابن حساب دقيق، وكلما يخرج من كف الحسابات، تتناوشه الفوضى. وفق هذا لا أحصنة بيضاء خلف الستار، وحتما أن صناديق الاقتراع العراقية لن تمطر أصواتا، اذا جاءت خلافا للمعادلة السياسية القادمة.
هنا بالتحديد على الكل العودة الى مدرسة الجغرافيا السياسية القادمة، ليسجلوا ما يتناثر منها على لوح التسريبات. هكذا نعد القوانين لكتابة ما يتوافق مع الغد، لأن الحاضر لم يعد يتسق وحقيقة المكنون، والقادم.. سر.. سيما في معادلة \”الصمت يساوي البقاء على قيد الحياة\”.. فثمة ما يشير الى انهيارات كبرى في العملية السياسية القادمة، وعلى الخاسر أن يصفق أو يمتلئ فمه دما.. لأن الخطايا ستكون محط تصرف الفائزين، والأهوال بداية طريق النزول الطويل، هي مرحلة معقدة أذن.. تحتمل الكثير من التخسفات، والانهيارات والملفات المتفجرة، لا رحمة لمن مشى عكس التيار، ولا رأفة بمن لم يقرأ المعادلة جيدا، وفق هذا لاحسابات ثابتة كما في الماضي، ولا نتائج مفروغ منها، فالصوت لا يكفي وحدة لإيضاح المعنى، لأن المعنى المتولد من المعادلة القادمة سيلقي بظلاله على ورق اللعبة القادمة في انتخابات العراق.. حيث سيقاتل الكل للبقاء قيد المعادلة، وليس بالفوز بها، لأن ملامح الفائز كادت تشع نارا، والتكتلات اليائسة وحدها من سيعبث بالدم.
لنكن أكثر وضوحا أذن.. ولندخل في صلب اللعبة، ولنتذكر أن ما أنبته الربيع العربي سيتكفل به الخريف.. تلك هي القاعدة في عراق الانتخابات القادمة، فلا وجود لمن أحتفى وساند، وراهن على الأحصنة العرجاء، لا وجود لمساندين في الصفوف الخلفية، ولا وجود لأنصاف المراهنين، لأن المطلوب أكثر من حكومة نهضة، المطلوب حكومة معجزات، وأئتلاف انطلاقة ، وهكذا لا عمائم تتربع على مثلث الغد.
ما يجري اليوم يسير في اتجاهين، الأول يمثل مشهد \”داحس والغبراء\” وهذا ما يمثله كل من \”مقتدى الصدر، أياد علاوي، عمار الحكيم\” مثلث الثأر العراقي الذي يحلم برئاسة تجرد المالكي من قلعته وحصانه ووزيره، وتترك مربع الشطرنج شاغرا لخيلها وأبلها، للعودة الى تشكيل الأجندات الجديدة، وتشكيل مثلث حضانة لما يسقط من ثمار الربيع العربي، الذي راهن عليه الثلاثة ودعموه سرا وعلانية، والأنقضاض على خلايا محور المقاومة العراقي الممتد من لبنان وصولا الى عمق طهران، وهو ما لاتسمح به إيران، لأن القانون يقول \”لا غنائم للخاسرين\”.. والمحور الثالث يتشكل في الخفاء من \”دولة القانون، متحدون، كوران، بدر .. كتائب المقاومة، كتائب حزب الله، عصائب أهل الحق، وأئتلافات الجعفري، وبعض الشخصيات الفردية ، وربما يلحق بهم تكتلات مستقلة في الظاهر لرجال الأعمال العراقيين، ليشكلوا درعا ماليا يتكفل بحضانة اللعبة الانتخابية\” والتشكل هنا هو خارطة طريق غير معلنة، لكن الأهداف متقاربة، والفجوات قابلة للتغطية.
يظل هنا محور العراقية العربية، وغيره من المحاور، وهذه الكتل بطبيعتها أقرب الى البرغماتية منها الى التشدد، لذا ستحاول تحديد موقعها وفقا لحركة اللعبة، فيما سيظل المحور الكردي في تردده المعتاد، غير أن التسريبات تقول أن البارزاني أقرب الى مثلث \”داحس والغبراء\”.. والقانون القادم لا يسمح بوجود حيز تأثير كبير لاقطاعية سياسية كاقطاعية البارزاني، لأن القاعدة تقول بـتحضير لاعب المصطبة، ونقصد به \”كوران\” الذي سيبسط ظله وفق المعتقد السياسي الجديد السائد في الغد، وربما سنجد يده تمتد لحضانة ماضية \”وأقصد به الاتحاد الوطني\” ليستكملا شرط حضورهما في الغد، ويحدثا الشرخ الأكبر في العملية السياسية الكردية، والتي ستدفع ثمن خروجها عن الحضانة الأمريكية، وركونها الى رهانات / تركيا – إسرائيل.
أما من يقطف ثمار الغد.. فهو سؤال ما يزال يتردد في إيجاد أجابة قاطعة، رغم أن المالكي هو لاعب المعادلة القادمة، إلا أن تغييرات جوهرية يجب أن تحدث في عمق الأئتلاف الخاص به، كيما يكون مستعدا، فيما يرى آخرون أن اللعبة أكبر من المالكي، وتكاد تتوافق مع الجلبي، وربما تميل الى استيعاب شخصية ظل أخرى، غير أن المنطق يفرض خيار المالكي مع تدعيم صلب وقاس لقوانين الغد، وربما اشتراطات سيضيق بها الرجل، لكنه سيتسق معها في النهاية. والسؤال اليوم هل ستكون الصناديق رشيدة أم تجبر على أرتكاب الرشد.. ذلك سؤال لا أستطيع أن أكتم ضحكتي وأنا أفكر به.. لكني لا أعتقد بوجود خيول داحس على سكة الرالي الدولي القادم.