لو كنت كلبا في العراق!

نعم \”أيها القارئ، يا أخي، يا شبيهي\” أتمنى أن أكون كلباً وليس مواطناً في هذه البلاد. لا تستعجل. سآتيك بالتفاصيل. فالكلب في بلادنا يمتلك مؤهلات المواطنة أكثر منك ومني، وهو يتفوَّق علينا بكثير، ليس لأنه وفيّ كما يقول تراثنا. وليس لأنه مدلل لدى السيدات. وليس لأن شكله جميل في بعض الأحيان.
الكلب الذي أحدّثك عنه \”أيها القارئ، يا أخي، يا شبيهي\”، هو كلب بوليسي. أنيابه مرعبة، ونباحه لا بدّ أن يرقرق الدمعة في عينيك في حال أخرج لسانه الطويل، وربما ينزلها على خدّك حارة إذا فكّر بالنباح. ميزته أنه سيحمي مقر محافظة في الجنوب، وسيرفع أذنيه حين يسمع صوتاً غير مألوف، وينطلق نباحه ويزعج الآخرين، إلا أنه يمتاز عنك.
هذا الكلب \”أيها القارئ، يا أخي، يا شبيهي\”، يمتلك أنفاً لا تستطيع امتلاكه، سيكشف المتفجرات سريعاً. وسيحميك ويحمي المحافظ ومن حوله.
الكلبُ هذا سيحل معضلاتنا الأمنية التي تؤرق رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة نوري المالكي. سيدحر تنظيم القاعدة وفلول البعث. سيكتشف، بأنفه النبه، كل من يتعرَّض لبلادنا، لكن علينا تحمل نفقته التي ربما ستهتك الموازنة السنوية لبلادنا، كما هتكها نوابنا من قبل وهم يشنّفون آذانهم لصراخ رئيسهم أسامة النجيفي في البرلمان من أجل تشريع القوانين خدمة لي ولك!
لن أُطيل عليك أكثر من هذا، أعرف أن الملل بدأ يتسلل إليك وأنت تقرأ ما أثرثر به. وأُيقن ما تعنيه ثرثرة الكتّاب. هذا الكلب عزيزي القارئ كلّف محافظة ذي قار 30 مليون دينار من أجل الموافقة على حمايتها، واشترط أن يكون زميله، وهو كلب أيضاً، حاضراً في المبنى نفسه ليؤنس وحدته. السعر ليس كثيراً بالتأكيد، فكلب بهذه المواصفات يجب أن يكون أغلى بكثير، لكن الكلب، اشترط على المحافظة أن يكون مصروفه الشهري 3 ملايين دينار -بالتأكيد يجب أن يكون مصروفه- لا بد لكلب يعمل طيلة الشهر أن يأخذ إجازته الشعرية ويخرج مع كلبة جميلة، كما يجب أن يذهب إلى \”الملاهي\” و\”البارات\” ليخفف التوتر الذي يعيشه كل يوم وهو يحمي المحافظة.
صدقني \”أيها القارئ، يا أخي، يا شبيهي\” أنا لا أتجنّى على الحكومة، هذا ما أكده عضو مجلس محافظة ذي قار شهيد الغالبي، وأثار امتعاضه.
صدقني يا عزيزي، أنا الذي يكدُّ ليل نهار في صحافة محلية وعربيّة لا أخذ نصف مصروفات الكلب، وأعلم جيداً أنك الذي تخرج صباحاً وتعود ليلاً لن تجني ربع ما يجنيه. فهل تعتقد بعد كل هذا أننا مواطنون يحصلون على حقوقهم أكثر من هذا الكلب؟!

إقرأ أيضا