رسم ناشطون صورة “سوداوية” للحركة الاحتجاجية في ظل حكومة محمد شياع السوداني، وفيما نفوا بشكل مطلق علاقتهم بالطلب الذي وصله للقاء “التنسيقيات”، أكدوا أن هذه الحكومة ستضرب بقوة مراكز قوة الاحتجاج لأنها وليدة الإطار التنسيقي، معبرين عن رفضهم القاطع لها، كونها حكومة محاصصة.
ويقول الناشط الاحتجاجي واثق لفتة خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “الطلب المقدم إلى السوداني لمقابلة تنسيقيات احتجاجات تشرين لا يمثل الحراك الاحتجاجي وهو مرفوض تماما”.
ويضيف لفتة، أن “تشرين ترفض أي عملية سياسية مبنية على أساس فئوي وطائفي ومحاصصاتي، ولن نكون جزءا من إعادة العمل بالتجارب الغبية ذاتها التي تم اتباعها على مدى 20 سنة مضت، فأنتجت الفشل والقتل والتهجير وضياع موارد العراقيين والدولة”.
ويلفت إلى أن “الحراك الاحتجاجي سيكون رافضا لهذه العملية المحاصصاتية، وسنلزمهم بمنهاجهم الذي عرضوه وبالتوقيتات كلها، وسيكون هناك بيان للتنسيقيات ضد هذا التشكيل الحكومي الجديد الفاسد”.
يشار إلى أن السوداني، وبعد منحه الثقة من قبل مجلس النواب يوم الخميس، تلقى طلبا من النائب عدي عواد للقاء جميع تنسيقيات العراق، وقد همش عليه السوداني بـ”موافق”.
يذكر أن تظاهرات إحياء الذكرى الثالثة من الموجة الثانية لتظاهرات تشرين الأول أكتوبر 2019، التي خرجت يوم 25 من الشهر الحالي، عبرت بشكل علني عن رفضها لحكومة السوداني، كونها جاءت عنن طريق المحاصصة.
جدير بالذكر، أن رئيس كتلة امتداد، المنبثقة عن تشرين، علاء الركابي وإلى جانب نواب عن كتلته، هتفوا خلال جلسة منح الثقة بـ”مرفوضة” وحملوا صور المتظاهرين الشهداء، وذلك داخل قاعة المجلس، وبحضور كافة الزعماء السياسيين، وأشاروا إلى أن النواب الذين صوتوا على الحكومة لم يحترموا دماء المتظاهرين، وعلى خلفية هذا الأمر تم إخراجهم من القاعة ودخلوا بمشادات بالأيدي مع النواب الآخرين.
من جهته، يفيد الناشط ليث الحيالي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، بأن “تشرين ترفض الأحزاب السياسية الحاكمة قاطبة، خصوصا وأن أحد أهم هذه الأحزاب هي قوى الإطار التنسيقي التي جاءت بالسوداني، وبالنتيجة فهناك قطيعة كبيرة بين الخط الاحتجاجي التشريني والسوداني”.
ويشير الحيالي إلى أن “نهج الحكومة الحالية كما يبدو لا يتضمن آفاق حوار مع القوى الاحتجاجية المنبثقة عن تشرين والحركات السياسية الناشئة، فأبواب السوداني غير مشرعة لها”، مبينا أن “الإطار التنسيقي لا يرغب بشراكة سياسية بين القوى الناشئة وبين حكومة السوداني، وعلى الأغلب لن يكون هناك أي تقارب بين الطرفين”.
ويتابع أن “حكومة السوداني ستجتهد خلال السنة المقبلة من أجل تقويض القوى الاحتجاجية وضرب مواقع القوة لخصوم الإطار، فهو يريد أن يؤسس لمرحلة ما بعد السنة ويؤسس لوجوده الطويل على رأس الحكومة، وعليه فإن أي احتجاج لن يصب في مصلحة الإطار، وهذا ما سيدفعه إلى النيل من الرموز والتجمعات الاحتجاجية بكافة الطرق”.
يذكر أن الناشطين، أكدوا في ملفات سابقة أنتجتها “العالم الجديد” حول ذكرى تظاهرات تشرين، أن الحكومة السابقة برئاسة مصطفى الكاظمي، كانت الأسوأ للمتظاهرين، وفيها ازدادات عمليات الاعتقال والاغتيال ولم تقدم شيئا للمتظاهرين ولم يف الكاظمي بوعوده تجاههم.
وكان 3 محامين، من المنتمين لتظاهرات تشرين، رفعوا دعوى يوم 25 من الشهر الحالي، أمام المحكمة الاتحادية، ضد السوداني ورئيس الجمهورية ورئيس البرلمان بتهمة تشكيل حكومة محاصصة، مستشهدين ببيانات صدرت عن الإطار التنسيقي والسوداني.
وقد استندت الدعوى إلى قرار رقم 89 اتحادية 2019 الذي نص جزء منه وفقا لما ورد في الدعوى، على أن “السير في خلاف ما نص الدستور عليه قد خلق ما يدعى بالمحاصصة السياسية في توزيع المناصب التي ورد ذكرها، وما نجم عن ذلك من سلبيات أثرت على مسارات الدولة وفي غير الصالح العام..”.
إلى ذلك، يوضح الناشط بشير الحجيمي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أنه “بالنسبة لتشرين لن يتغير شيء حتى وإن كان شخص السوداني لا غبار عليه، إذ أن طريقة اختياره ومجيئه بالمحاصصة جعلت تشرين تنفر منه منذ البداية، وخلال اليومين الماضيين عبرت عن رفضها تدوير النفايات”.
ويؤكد الحجيمي “لا نرى بصيص أمل في حكومة السوداني، وهو من جانبه سيتعامل ويحاول كسب بعض ضعاف النفوس من خلال تشغيلهم لكي يمتطي الاحتجاج، وهذا أسلوب سياسي استخدمه الجميع، أما تشرين النقية فهي مقاطعة وممانعة”.
ويضيف “إذا أثبت أداء الحكومة عدم صحة توقعاتنا فإن تعاملنا معها سيكون مختلفا، ولكن الثابت حاليا هو أن تشرين تعارض المحاصصة”.
ولم يتسن لـ”العالم الجديد”، الحصول على رد أو تعليق من حكومة السوداني التي تسلم وزراؤها يوم أمس، حقائبهم من سابقيهم.
يذكر أن “انتفاضة تشرين” شكلت نقطة فارقة في تاريخ العملية السياسية بعد عام 2003، وأصبحت أيقونة عراقية جمعت كل أطياف المجتمع ووحدت مطالبهم، خاصة بعد القمع الذي رافقها، وأدى الى مقتل أكثر من 600 متظاهر وإصابة 26 ألفا آخرين، وأدت إلى استقالة حكومة عادل عبد المهدي، بناء على دعوة المرجعية الدينية العليا في النجف، التي ساندت مطالب المتظاهرين، ما أدى إلى تكليف مصطفى الكاظمي بتشكيل الحكومة فيما بعد.
وقد خفت بريق “الانتفاضة” نسبيا بعد تفشي وباء كورونا في العراق في شهر آذار مارس 2020، إلا أن خيام الاعتصام بقيت شاخصة في الساحات من دون المساس بها من قبل القوات الأمنية لفترة وجيزة، ومن ثم جرت حملات لإزالتها بالكامل في عهد حكومة الكاظمي، ودخلت بعض المدن مثل الناصرية بصراعات مع بعض الجهات المسلحة التي حاولت إزالة خيام الاعتصام، ومن ثم تم التوصل لقرار يقضي بإزالتها بشكل نهائي.