ثمانية مشاريع قوانين قام رئيس الحكومة محمد شياع السوداني بسحبها من مجلس النواب، بعد أن خوله المجلس بالأمر، في خطوة ووصفت بالقانونية التي تهدف لإجراء مراجعة شاملة لمشاريع القوانين، بما يتناسب مع المنهاج الوزاري الجديد، لاسيما أنها قُدمت من قبل الحكومات السابقة.
ويقول مقرر البرلمان العراقي مهدي تقي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “سحب بعض القوانين من قبل الحكومة الجديدة، لا يعني هناك خلافات مع البرلمان، خصوصا أن القوانين التي تم سحبها هي قوانين مرسلة من قبل الحكومة السابقة، والبرلمان من الأساس لديه الكثير من الملاحظات عليها”.
ويوضح تقي أن “سحب تلك القوانين يهدف إلى مراجعتها وإجراء بعض التعديلات عليها وفق رؤية الحكومة الجديدة، وهذا أمر طبيعي ودستوري، والبرلمان داعم لهكذا خطوة، خصوصا أنه لديه ملاحظات على هذه القوانين، وبعضها لم يناقش أصلا لوجود اعتراض عليها من قبل بعض اللجان والنواب”.
ويشير إلى أن “اللجان البرلمانية المتخصصة سوف تتابع مع اللجان والدوائر المعنية في مجلس الوزراء مصير القوانين التي تم سحبها، فهناك إمكانية بعدم إرسال بعض تلك القوانين مجددا، خصوصا قانون خدمة العلم، وهذا الأمر سوف يناقش خلال الأيام المقبلة”.
يشار إلى أن مجلس الوزراء، وخلال جلسته التي عقدت يوم أمس الثلاثاء، خول السوداني سحب مشاريع القوانين من مجلس النواب، وفي نفس الوقت قرر المجلس سحب مشاريع القوانين التالية: مشروع قانون معالجات التجاوزات السكنية الصادر بموجب قرار مجلس الوزراء 288 لسنة 2017، مشروع قانون مجلس الإعمار الصادر بموجب قرار مجلس الوزراء 377 لسنة 2019، سحب قائمة السفراء، مشروع قانون تعديل قانون الشركات رقم 21 لسنة 1997، قانون التعديل الأول لقانون شركة النفط الوطنية العراقية رقم 4 لسنة 2018، مشروع قانون خدمة العلم، مشروع قانون التعديل الثاني لقانون الطرق العامة رقم 35 لسنة 2002 ومشروع قانون الخدمة المدنية الاتحادي.
وبعض مشاريع القوانين هذه أثار إشكاليات كبيرة، منها خدمة العلم، الذي أدرج على جدول أعمال مجلس النواب مؤخرا لكن رفع مع بدء الجلسة ولم تجر قراءته الأولى، وهذا المشروع قدم من قبل الحكومة السابقة برئاسة مصطفى الكاظمي، وعد في حينها إنجازا حكوميا قال عنه الكاظمي “وعدنا وأوفينا”.
ومن مشاريع القوانين هو مشروع قانون معالجة التجاوزات السكنية المثير للجدل، الذي قوبل بموجة رفض نظرا لبنوده التي عدت ضد الأهالي الذي يسكنون في التجاوز أو ما يعرف محليا بـ”الحواسم”، وأيضا مشروع قانون شركة النفط الوطنية، حيث أثارت هذه الشركة لغطا كبيرا، خاصة بعد أن ألغتها المحكمة الاتحادية وعدتها هدرا للمال العام، وألزمت بتعديل قانونها.
وفي هذا الصدد، يبين الخبير القانوني سالم حواس خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الحكومة العراقية لها كامل الصلاحيات بسحب أي قانون مرسل من قبلها إلى مجلس النواب، كما يحق للبرلمان إرجاع أي قانون مرسل من الحكومة لغرض إجراء بعض التعديلات التي لا يملك البرلمان صلاحيات لتعديلها”.
ويضيف حواس أن “القوانين التي تم سحبها من قبل حكومة السوداني، هي جميعها مرسلة من قبل الحكومة السابقة (حكومة مصطفى الكاظمي)، وهذا ممكن وفق الصلاحيات القانونية والدستورية للحكومة، خصوصا أن الحكومة الحالية لديها برنامج، ولهذا هي تريد تعديل هذه القوانين وفق برنامجها”.
ويتابع الخبير القانوني أن “سحب القوانين من قبل الحكومة لا يعني إلغاءها، بل السحب يأتي من أجل إجراء تعديلات عليها ثم إعادة إرسالها مجددا للبرلمان، وهذه التعديلات تتم وفق المنهاج الوزاري الذي وضعته الحكومة، وهذا أمر طبيعي جدا وحصل مرات عدة خلال الدورات السابقة”.
وتعد قائمة السفراء، التي سحبها السوداني، من أبرز القضايا الإشكالية بين الكتل السياسية، وغالبا ما تتسبب بصراعات كبيرة، نظرا للأسماء المرشحة التي غالبا ما تكون أقارب المسؤولين أو نوابا سابقين، ولم تحسم قضية السفراء حتى في الحكومة السابقة، وهناك بعض السفارات العراقية ما زالت تدار من قبل مكلفين بتمشية أمورها.
وغالبا ما تدخل الحكومة مع مجلس النواب، بتوتر بشأن بعض مشاريع القوانين، ولاسيما بعد أن يعدل أو يرفض البرلمان بعض بنود مشاريع القوانين، ويعيدها للحكومة لغرض تعديلها، وهذا يجري في الغالب بمشروع قانون الموازنة وبعض القوانين الإشكالية الأخرى.
جدير بالذكر، أن هناك عشرات مشاريع القوانين لم تقر ولم تدرج بجدول أعمال مجلس النواب، على الرغم من وصولها إليه من قبل الحكومات السابقة منذ سنوات، وغالبا ما يتحدث النواب عن وجود أجندات سياسية تتحكم بطرح مشاريع القوانين في البرلمان.