مرحلة جديدة تنتظر المنطقة، بعد اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، حيث ستشهد دول “محور المقاومة” ومنها العراق، تطورات عدة، منها “التزام الصمت”، وتقليل نفوذ الفصائل المسلحة، نظرا لعدم وجود قرار إيراني صريح بالرد، حيث تسعى الأخيرة لعدم توسيع رقعة الحرب، لكن هذا الاحتمال، يعد واحدا من احتمالات أخرى رجحت أن يتعرض العراق لضربة إسرائيلية تستهدف الفصائل فيه، كرد على استهدافها إسرائيل مؤخرا.
وكان حزب الله اللبناني، نعى رسميا يوم أمس السبت، أمينه العام حسن نصر الله، حيث قضى بضربة استهدفت مقر القيادة المركزية للحزب في الضاحية الجنوبية لبيروتن ليلة أمس الأول.
ويقول الخبير في الشأن الأمني أحمد الشريفي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “الحرب في غزة وجنوب لبنان لها أبعاد خطيرة وتأثير مباشر على منطقة الشرق الاوسط، ويبدو أن الإسرائيليين لديهم مشروع توسعي استيطاني تحدث عنه شمعون بيريز (الرئيس الإسرائيلي الراحل) منذ تسعينيات القرن الماضي والذي يقضي بالتوسع وصولا إلى الشرق الأوسط الجديد، الذي تكون فيه إسرائيل بمأمن، وتتم تسوية الأزمات وتطبيع في العلاقات مع دول المنطقة”.
ويضيف الشريفي، أنه “بعد اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، فإن الموضوع لن يتوقف عند هذا الحد بالنسبة لإسرائيل، بل يتوسع إلى دول المحور المرتبط بإيران، وصولا إلى عقد هدنة مع الدول المعارضة لإسرائيل”.
ويؤكد أنه “لغاية الآن لا أعتقد أن هناك تأثيرات سلبية على الشأن الداخلي العراقي، وخاصة في موضوع الملف الأمني، لأنه لم يصل شيء لغاية الآن من إيران بخصوص الرد على الاعتداء في جنوب لبنان، لأن فصائل المقاومة جزء من المشروع الإيراني أي جزء من مشروع الثورة الإسلامية في إيران، وهي تحصل على التوجيهات والأوامر من مكتب المرشد الأعلى في إيران، والأخيرة لا تريد توسيع دائرة الحرب”.
وجاءت عملية اغتيال نصر الله، امتدادا للحرب الدائرة بين إسرائيل وحزب الله، والتي بدأت تتصاعد وتيرتها بعد تفجير اجهزة الاتصال اللاسلكية “البيجر” لدى عناصر حزب الله الأسبوع الماضي، ما دفع الحزب اللبناني إلى الرد بقصف إسرائيل.
ويعد حزب الله، من أبرز قوى محور المقاومة في المنطقة، ويتمتع بتسليح كبير وتحصينات عديدة، فضلا عن القوة البشرية التي يملكها، وترطبه صلات مباشرة بالفصائل العراقية، وغالبا ما يتم تنسيق الهجمات بينهما، وخاصة المتعلقة بإسرائيل.
وخلال الحرب الدائرة بين لبنان وإسرائيل، أقدمت الفصائل المسلحة العراقية، على استهداف إسرائيل بالطائرات المسيرة، وبشكل شبه يومي، ودائما ما تعلن عن إصابتها لأهدافها بدقة وتتوقع خسائر بشرية.
من جهته، يبين الباحث في الشأن السياسي محمد علي الحكيم، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الأوضاع ما بعد اغتيال حسن نصر الله، ذاهبة بما لا يقبل الشك نحو التصعيد على مختلف الصعد العسكرية والأمنية، والأمر ربما لا يختصر على لبنان فقط، بل يشمل جميع فصائل محور المقاومة في المنطقة”.
ويشير الحكيم، إلى أن “إسرائيل بعد اغتيال نصر الله، لن تتوقف عن اغتيال مزيد من قادة حزب الله سواء الصف الأول والثاني وحتى الثالث، فهي تريد استغلال هذه الحرب، بإنهاء كل قوة ووجود لحزب الله في لبنان، ولذا نعتقد أن الحرب سوف تطول وتتوسع بعد اغتيال نصر الله”.
ويستطرد أن “اغتيال نصر الله، سيغير الكثير من قواعد الاشتباك خاصة من قبل حزب الله اللبناني، وربما الحزب سوف يخوض حربه الآن من خلال استخدام ما يمتلك من أسلحة متطورة لم يكشف عنها سابقاً، وهذا الأمر ربما يدفع لتوسع دائرة الحرب، وتحولها نحو العمليات البرية والكر والفر بين حزب الله والجيش الإسرائيلي، فهذا أمر متوقع جداً بعد اغتيال نصر الله”.
ومنذ ليلة أمس الأول، لم تتوقف إسرائيل عن قصف مقار حزب الله في الضاحية الجنوبية لبيروت، حيث نفذت عشرات الغارات الجوية، وأسفرت عن تدمير البنى التحتية للحزب فضلا عن مقتل العديد من عناصره وقادته.
جدير بالذكر، أن السوداني وجه وزارة الداخلية، بالتنسيق مع السفارة اللبنانية في العراق، بمنح المواطنين اللبنانيين الراغبين بالمجيء إلى العراق، وثائق سفر سريعة للذين لايمتلكون جوازات سفر.
وفي خضم هذه الأحداث، اكتفى قادة الفصائل المسلحة في العراق، ببيانات التعزية والرثاء لنصر الله، فيما عقد الإطار التنسيقي اجتماعا طارئا بحضور رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، جدد فيه التزامه بتوجيهات المرجعية الدينية العليا في إغاثة الشعب اللبناني.
يشار إلى أن رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، حمل يوم أمس الأول، وخلال كلمته في الأمم المتحدة، خريطتان اسمهما “خارطة النعمة”، و”خارطة اللعنة”، حيث ظهر العراق ضمن خارطة اللعنة، التي ضمت إيران ولبنان وسوريا، وملونة باللون الأسود، معتبرا إيران وحلفائها في العراق الدولتين العربيتين “خارطة لقوس الإرهاب الذي خلقته إيران”.
إلى ذلك، يبين الخبير في الشأن العسكري أعياد الطوفان، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “اغتيال نصر الله من قبل إسرائيل يؤكد بانها تجاوزت كل قواعد الاشتباك والخطوط الحمراء، وهذا ما يثر القلق بانها على أي لحظة ربما تستهدف العراق كجزء من الرد على عمليات استهداف الكيان من قبل بعض الفصائل القريبة من إيران”.
ويشدد الطوفان على أن “إسرائيل بعد عملية اغتيال نصر الله، تستطيع استهداف أي هدف ثابت أو متحرك داخل العراق وخارجه، وبعد هذه العملية سوف تتغير الكثير من المعادلات في المنطقة، وربما نشهد تراجعا ملحوظا في سيطرة إيران وأذرعها على الكثير من الملفات والمناطق في مختلف البلدان”.
ويرى الخبير في الشأن العسكري، أن “اغتيال نصر الله بالتأكيد لن ينهي حزب الله بشكل نهائي، رغم أن الحزب فقد بهذه العملية أكثر من نصف قوته، خاصة وأن إسرائيل ما زالت مستمرة في عملية اغتيال قادة الحزب، وهذا يشكل خطرا على وجوده وبقاء قوته وسيطرته على مناطق واسعة في لبنان، وكذلك سوريا”.
وفي تقرير نشرته “العالم الجديد”، قبل أيام، حذر مراقبون سياسيون وأمنيون من انزلاق العراق في حرب “غير متكافئة” دون دفاعات جوية، وفيما حمّل البعض، الإطار التنسيقي، مسؤولية ذلك، وتساءل عن سبب عدم اتباع الفصائل لطهران التي نأت بنفسها عن الحرب، أشار آخرون إلى عدم جدوى الهجمات التي تقوم بها الفصائل من العراق ضد إسرائيل.