جاءت بيانات صندوق النقد الدولي للعام 2020، المتعلقة بواردات العراق، مفاجئة للمراقبين الاقتصاديين، بسبب خلوها من اسم ايران كبلد مصدر للعراق على الرغم من احتلالها مرتبة متقدمة بين الدول المصدرة له، الأمر الذي اختلف الخبراء والمستشارون ونواب اللجنة الاقتصادية النيابية في تفسيره، ففيما عزاه مستشار حكومي الى انعدام التحويلات المصرفية بين البلدين، اتهم خبير اقتصادي الحكومة بتقديمها معلومات مضللة، في حين اعتبرها نائب بسبب تغيير منشأ البضاعة.
ويقول المستشار الاقتصادي لرئيس الحكومة مظهر محمد صالح في حديث لـ”العالم الجديد”، إن “تقديرات صندوق النقد الدولي تعتمد على عوامل عدة، وابرزها التحويلات البنكية وهذه متوقفة مع ايران”.
ويضيف صالح، ان “التعاملات المالية مع ايران، هي فعلا صفر وفق البيانات المالية الرسمية، وذلك بسبب توقف التحويلات بالكامل معها بسبب العقوبات الامريكية المفروض عليها”، مبينا ان “المبالغ المترتبة على العراق، والتي تبلغ نحو ملياري دولار سنويا كأدنى حد، وتتعلق بقضية الغاز والكهرباء، تتحول الى ديون وتتم تسويتها لاحقا بين الطرفين بطرق عديدة”.
ويشير الى ان “العراق ملزم بتقديم كافة بياناته المالية لصندوق النقد الدولي”، متابعا ان “هذه البيانات يجب ان تكون صحيحة”.
وبحسب بيانات صندوق النقد الدولي لعام 2020، فان واردات العراق من ايران، كانت “صفر”، في وقت أشر الصندوق وجود واردات بقيم مختلفة من اغلب بلدان العالم وبنسب متفاوتة، رغم ان استيراد العراق من ايران لم يتوقف طيلة السنوات الماضية، وعلى المستويين الخاص والحكومي.
ويحصل العراق بصورة دورية على استثناء من الولايات المتحدة الامريكية، ليستمر باستيراد الكهرباء والغاز من ايران، في ظل العقوبات الامريكية المفروضة على ايران، والتي منعت اي تعامل مالي من قبل الدول او البنوك معها.
وحول هذا الامر، تشير عضو لجنة الاقتصاد النيابية، ندى شاكر جودت، في حديثها لـ”العالم الجديد”، الى أن “العراق معروف باستيراده من ايران وتركيا، فضلا عن الغاز والكهرباء من ايران، اذ ان البلد تحول الى سوق استهلاكية”.
وتبين جودت، ان “هناك تلاعبا في البضائع التي تدخل العراق من ايران، وذلك عبر تغيير علامة المنشأ من ايراني الى عراقي، وخاصة بالمنتجات الغذائية مثل البيض والدجاج وغيرها”، مضيفة ان “هذه الامور تتم بتواطؤ من قبل المنافذ الحدودية، لذلك ندعو دائما الى السيطرة على المنافذ الحدودية”.
أما الخبير الاقتصادي عبدالرحمن المشهداني، فله وجهة نظر مغايرة، إذ يذهب الى أن “صندوق النقد الدولي يعتمد على البيانات التي تقدمها الحكومة العراقية، وخاصة وزارة المالية والبنك المركزي، ومن المرجح أن يقدم العراق معلومات مضللة”.
ويوضح المشهداني، في حديثه لـ”العالم الجديد”، أن “صندوق النقد لا يملك جهات تراقب على الأرض في العراق، سواء بالمنافذ الحدودية أو غيرها، لذلك يعتمد على البيانات الرسمية العراقية”، مبينا أن “العراق وإبان النظام السابق كان يقدم معلومات مالية مضللة بسبب الخوف أو العقوبات، والان ربما تكرر الامر”.
ويشير الى أن “المعامل الايرانية من جانبها، لديها تسهيلات كبيرة، ومعفية من الكمرك، وهناك جهات في المنافذ العراقية تسهل دخل بضائعها دون اي كمرك، وهذا الامر يدخل ضمن العوامل ايضا التي ادت الى تصفير الواردات”.
وكان رئيس غرفة التجارة المشتركة بين العراق وايران يحيى آل إسحاق، أكد في تموز يوليو 2020، سعي البلدين الى رفع حجم التبادل التجاري إلى 20 مليار دولار، وذلك خلال زيارة رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي الى طهران.
يذكر أنه خلال العام الفارسي الماضي (انتهى في 20 اذار مارس 2020) صدرت ايران سلعا بقيمة 9 مليارات دولار إلى العراق وخلال الأشهر الخمسة الأولى من 2020، تم تصدير 5 ملايين طن من البضائع بقيمة 1.45 مليار دولار.