ما سر الموقف “الخجول” للبرلمان تجاه القصف الإيراني؟

كشفت مناقشة مجلس النواب القصف الإيراني على الأراضي العراقية، عن ضعف الموقف العراقي من الاستهدافات…

كشفت مناقشة مجلس النواب للقصف الإيراني على الأراضي العراقية، عن ضعف الموقف السياسي من الاستهدافات الخارجية، سواء الإيرانية أو التركية، ووفقا لمحللين سياسيين، فإن الرد العراقي “خجول”، وأن ما يجري هو أمور “شكلية” ولن تنتج ردا حقيقيا على هذه الاعتداءات، لكن بالمقابل فإن نائبا أشار إلى ضرورة وجود “عمل حقيقي” للرد على تلك الاعتداءات وعدم الاكتفاء بالاستنكار فقط.

ويقول النائب رفيق الصالحي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “الفقرة الثانية من المادة السابعة في الدستور تنص على أن تلتزم الدولة بمحاربة الإرهاب بجميع أشكاله، وتعمل على حماية أراضيها من أن تكون مقرا أو ممرا أو ساحة لنشاطه، لذا على الحكومة الحالية أن تخرج القواعد والمنظمات الأجنبية من أراضي العراق“.

ويشدد الصالحي على “ضرورة تشكيل لجنة متخصصة للوقوف على العمليات التي جرت في الأيام السابقة وطرحها على البرلمان واتخاذ قرار صارم بشأنها وليس فقط الشجب والاستنكار اللذين لا يجلبان شيئا، بل يجب أن يكون هناك عمل حقيقي من خلال البرلمان والحكومة لكي يكون العراق سياديا في قراره وأرضه“.

يذكر أن مجلس النواب، وخلال جلسته الاعتيادية يوم أمس، ناقش القصف الإيراني على مناطق في إقليم كردستان، وقد وجه رئيس المجلس محمد الحلبوسي خلال الجلسة لجنتي الأمن والدفاع والعلاقات الخارجية النيابيتين بالتحقيق بكامل أحداث القصف، كما أعلن أن العراق سيقدم خلال اجتماعات اتحاد البرلمان الدولي بندا طارئا للمطالبة بحفظ سيادة العراق ووقف الاعتداءات والتدخلات في شؤونه الداخلية للحصول على دعم دولي.

وتعرض إقليم كردستان نهاية الشهر الماضي، إلى قصف بـ73 صاروخا، بالإضافة إلى طائرات مسيرة، استهدف مقار الأحزاب الإيرانية المعارضة في الإقليم، وقد تسبب القصف بمقتل 13 شخصا وإصابة 58 آخرين، كما سقطت بعض الصواريخ قرب المدارس ما تسبب بحالة من الهلع لدى الأطفال.

وكانت وسائل إعلام إيرانية، ذكرت يوم أمس، أن الحرس الثوري الإيراني أعلن عن توقف هجماته بعد تدمير الأهداف المحددة، وأن استمرارها سيكون منوطا بالسلوك المستقبلي لسلطات إقليم كردستان العراق، مضيفا “إذا اتخذ الإقليم قرارا معقولا وأوقف شرور الجماعات الانفصالية والمناهضة لإيران، فإن وقف إطلاق النار هذا سيستمر، وإذا لم يحدث ذلك فإن الحرس الثوري سيستأنف عملياته“.

من جهته، يبين المحلل السياسي صلاح الموسوي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “ردود الأفعال العراقية لم تكن ذات جدوى عندما كان البرلمان طبيعيا والحكومة كاملة الصلاحيات، فكيف تكون ذات جدوى الآن؟”، لافتا إلى أن “مناقشة القصف الإيراني في جلسة الأمس كانت لإثبات حضور البرلمان واستمراره بعمله، وإظهار أنه بصدد مناقشة قضايا وطنية وليس تشكيل الحكومة فقط“.

ويضيف الموسوي، أن “البرلمان لن يصدر، بكل تأكيد، أي قرار مهم غير الاستنكار والإدانة، حيث أن كلمة السر في العراق هو السلاح، وبقية التحركات كلها إكسسوارات، أما السلاح، سواء كان داخليا أم خارجيا، فإنه الحاكم الأول في العراق“.

وكانت وزارة الخارجية العراقية، أدانت من جانبها القصف الإيراني لأربع مناطق في كردستان، وفيما هددت باللجوء إلى “أعلى المواقف الدبلوماسية” لعدم تكرار القصف، وصفت القصف بأنه تطور خطر يهدد أمن العراق وسيادته، ويضاعف آثار الخوف والرعب على الآمنين من المدنيين، كما استدعت السفير الإيراني في بغداد بشكل عاجل، لتسليمه مذكرة احتجاج شديدة اللهجة جراء عمليات القصف المستمرة.

وأكد خبراء بالقانون والأمن لـ”العالم الجديد” في وقت سابق، أن للعراق الحق في مطالبة المجتمع الدولي بإدراج إيران تحت طائلة الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، فضلا عن حقه في الرد العسكري على قصفها المتواصل لمناطق بإقليم كردستان.

يشار إلى أن بعثة الأمم المتحدة في العراق (يونامي) دعت من جانبها السلطات الإيرانية إلى إيقاف القصف الذي يستهدف الإقليم، مبينة أن العراق، بما في ذلك إقليم كردستان، يرفض فكرة أنه يمكن معاملته على أنه “الفناء الخلفي” للمنطقة حيث ينتهك الجوار سيادته بشكل روتيني ومن دون عقاب.

إلى ذلك، يوضح المحلل السياسي أحمد العبادي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “البرلمان مؤلف من قوى سياسية متصارعة في ما بينها ومنقسمة الولاءات، وولاءاتها للدول التي تمارس القصف والاعتداءات، وبالمحصلة لن يحصل اتفاق تام من قبل البرلمان على اتخاذ خطوات حقيقية“.

ويشير العبادي إلى أن “القصف ليس وليد اليوم، وإنما هو قائم منذ سنوات، وقد حصلت اعتراضات وإدانات ولم يترتب عليها أي أثر”، مضيفا أن “العراق بلد منفلت الحدود، وتوجد في كردستان أحزاب معارضة كثيرة تمارس نشاطاتها بشكل كبير وتمثل تهديدا للدول المجاورة، بينما الحكومة العراقية لم تتخذ أي إجراءات بحقها لكي تنهي قضية القصف، كما أنها لا تستطيع منع هذه الدول من القصف“.

يذكر أن مجلس النواب، اجتمع سابقا لمناقشة القصف التركي، ولاسيما الذي استهدف مصيف برخ السياحي في دهوك في تموز يوليو الماضي، ما تسبب بإصابة ومقتل 31 مدنيا أغلبهم من النساء والأطفال، وسط تأكيدات شهود عيان في المنطقة بأن هذا المصيف يقع عند حدود زاخو وتحيط به نقاط القوات التركية، ولا يشهد أي نشاط إرهابي من قبل أي جماعة.

وقد توجه العراق في حينها إلى مجلس الأمن الدولي، وعقد المجلس جلسة طارئة لمناقشة هذا الاعتداء، لكن لم ينتج عنها أي مخرجات ملزمة أو حاسمة لمسألة استهداف الأراضي العراقي.

ويتعرض إقليم كردستان لعمليات عسكرية متعددة، منها العمليات التركية التي انطلقت داخل مدن الإقليم، بهدف مطاردة حزب العمال الكردستاني، وشملت هذه العمليات طلعات جوية وتوغلا بريا وإنشاء قواعد عسكرية جديدة، واستهدافا مستمرا للقرى والغابات.

إقرأ أيضا