منذ مباراة الافتتاح في خليجي 25 الذي ضيفته البصرة، وبات الحديث الأبرز الموازي لمجريات البطولة، هو “الفانيشستات” وما يطلق عليهن لقب “المهرة”، وكيفية دخولهن إلى الملاعب ببطاقات دعوة VIP، وجلوسهن في المقصورة مع كبار المسؤولين، وفيما لم تنفي أبرز إعلامية وفانيشتا وجود علاقة وطيدة بين النساء في هذا المجال ورجال الأمن، دافعت عن دخولهن الملاعب بهذه الطريقة وجلوسهن في المقصورة نظرا لكونهن “متميزات”، لكن هذا الأمر عزي من قبل باحثين اجتماعيين إلى أمرين هو بحث “الفانشيستا” عن حماية من جهة، وحرمان رجال الأمن من الجنس الآخر، ما خلق هذه العلاقة بين الطرفين.
وفي خضم هذه الأزمة، كثير من هؤلاء كن ينشرن على مواقعهن في التواصل الاجتماعي كيفية دخولهن إلى الملعب بسهولة وبسيارات حكومية، بل ويتفاخرن بأن وساطة أمنية ساهمت في دخولهن.
وكانت الإعلامية والفاشنيستا همسة ماجد، من أبرز الشخصيات التي أثير حولها اللغط، وحول هذا الأمر تقول خلال حديث لـ”العالم الجديد” إن “العديد من العلاقات الثنائية بين الفاشنيستات والمشاهير ورجالات الأمن تشوبها شوائب، وعبارة عن مصالح متبادلة لا يعرف طابعها، بينما توجد العديد من العلاقات الثنائية المبنية على أساس الاحترام المتبادل، وهي نتيجة طبيعية لشهرة الفاشينستا وكثرة معارفها“.
وتبيّن ماجد أن “دخول العديد من الفاشنستات والمشهورات في السوشيال ميديا لملعب جذع النخلة ومتابعة مباريات المنتخب العراقي جاء نتيجة علاقاتهن الشخصية بالعديد من الضباط وأصحاب الرتب العسكرية والمتنفذين“.
ولا تجد في ذلك “عيبا أو ملامة، فبالتالي ستساهم المشهورة كمؤثرة في نقل صورة إيجابية عن البطولة، التي تقام في العراق لأول مرة منذ أكثر من 40 عاما”، لافتة إلى أن “جلوسهن في المقصورة أو على مقاعد كبار الشخصيات هو نتيجة طبيعية لتميّزهن ومكانتهن“.
وعن بيانات وزارة الداخلية التي تخلي مسؤوليتها دخول المشاهير لملعب جذع النخلة، فأن ماجد تبيّن: “أنا شاهدت بأم عيني قيام بعض الضباط والمتنفذين بإدخال بعض المشهورات والفاشينستات إلى الملعب، وتحديداً منصة الشخصيات، من دون أن تقوم اللجنة المنظمة للبطولة بتوجيه دعوة رسمية لهن، وبالتالي فبيانات وزارة الداخلية قد تخلي مسؤوليتها، وتعد ما حصل تصرفات فردية من بعض المنتسبين لها“.
وكانت وزارة الداخلية، وبعد اللغط الذي أثير حول بعض صناع المحتوى ودخولهم إلى الملاعب ببطاقات VIP، وجلوسهم في المقصورة، أطلقت حملة “تصحيح”، وشكلت لجنة لمتابعة المحتويات في مواقع التواصل ومعالجة الهابط منها وتقديم صانعيها للعدالة، وأكدت أن القضاء دعم مقترحات الأجهزة الأمنية حول ملف المحتوى في السوشل ميديا، فيما كشفت أن اللجنة باشرت عملها وحققت عملاً في الوصول إلى صناع المحتوى الهابط والقبض عليهم.
وجاءت الحملة، بعد أن أعلن الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة اللواء يحيى رسول، في خضم الجدل حول “الفناشيستات” أنه في الآونة الأخير تم رصد مجموعة من المدونين في مواقع التواصل الاجتماعي يقومون بنشر مقاطع فيديو لأشخاص لا يمتون بصلة للقوات الأمنية ومؤسساتنا العسكرية، وحذر من قيام البعض بإطلاق التهديد والوعيد للآخرين باسم قيادات وضابط وشخصيات تعمل في المؤسسة الأمنية من خلال الظهور في مقاطع فيديو تدعي فيها بعض المتصابيات على (الفن) او (الإعلام) ان لديهن معرفة او علاقات في وزارة أمنية او غيرها من مفاصل وتشكيلات القوات الأمنية.
وخلال حفل نهائي خليجي 25، عجت مواقع التواصل الاجتماعي، بفيديوهات وصور لبعض “الفانشيستات” وهن يدخلن الملعب بسيارات حكومية، في وقت شهدت مقتربات الملعب ضغطا جماهيرا كبيرا أدى إلى وفاة 3 اشخاص وإصابة 80 بغية الدخول للملعب.
ومؤخرا بات لقب “المهرة” الاكثر تداولا ويطلق على فئة معينة من النساء، وأطلق أيضا على بعض مراكز التجميل وصفحات بمواقع التواصل الاجتماعية، خاصة بنشر مقاطع لفتيات شهيرات.
إلى ذلك، يبين الباحث الاجتماعي خلدون السوداني، خلال حديث لـ”العالم الجديد” أن “مفهوم الفاشينستا كان مرتبطا سابقاً بالموضة، لكنه اليوم اتجه نحو عرض أسلوب الحياة والروتين اليومي من خلال برامج التواصل الاجتماعي، وبرامج نشر المحتوى الأخرى، لكننا نتساءل عن ماهية المحتوى المعروض من قبل الفاشينيستات، وعن الفئات الاجتماعية المتأثرة بهذا المحتوى، وعن مدى احتياج هذه الفاشينيستا أو تلك إلى الأمن والعلاقات للحماية“.
ويضيف السوداني أن “نسبة كبيرة من محتوى الفاشينيستات العراقيات يميل إلى عرض التفاهة الهزلية، وعرض الجسد والمياعة وافتعال المشاكل والخصام، أما الفئات المتابعة لهذا المحتوى فنسبة كبيرة منهم من الشباب والشابات“.
ويعتقد أن “بحث الفاشينيستا عن الأمن مرتبط بوجودها في مجتمع محافظ، أو خوفها من الاعتداءات والتهديدات، لتعرضهن للمضايقات في السوشيال ميديا والواقع الحقيقي، تبعاً لنشر الصور والآراء المثيرة للجدل، وهن بذلك أكثر حاجة للأمن، فتقوم بعضهن بتعيين بدي كارد خاص، كما تقلهن سيارات دفع رباعي حديثة”، لافتا إلى أن “الفاشنستا تستعين بشبكة واسعة من العلاقات الاجتماعية التي قد يكون من جملتها البعض من الرجال المحسوبين على الأمن“.
ويفسر هذه العلاقة بأن “الفاشينيستا لا يمكنها عرض المحتوى الهابط دون ضمان سلامتها، أما الجانب الآخر فيتعلق بعرض الذات في الأماكن العامة، وهذا يحتاج إلى تسهيلات، فلابد من وجود كافل لها، خصوصاً عندما يكون هذا العرض مثيرا وغير مألوف في مجتمعنا، لذلك تبنى العلاقات للحاجة الفعلية للأمن“.
وفي حديثه عن لجوء هذه النساء للمباريات، يعلل ذلك بأن “أسوأ مرحلة يمكن أن تمر بها الفاشينيستا هي عدم الاهتمام وقلة المتابعين حولها، حينها ستشعر بأنها مهملة وغير مؤثرة، لذلك ستبحث عن بدائل فيها جرأة أكثر لمزاولة نشاطها، وهذا ما لاحظناه في خليجي 25 في البصرة، حينما بحثن عن حدث شغل اهتمام الناس، وأبعدهم عن اهتمامات أخرى، قد تكون الفاشنستات إحداها“.
وفي السنوات الأخيرة، شهدت مواقع التواصل الاجتماعي انتشار ظاهر “صناع المحتوى”، والبعض منهم اتجه نحو محتوى عد “هابطا ولا أخلاقيا”، خاصة وأنه يتركز فقط على الإيحاءات الجنسية أو استعراض الفتيات وبعض الممارسات الأخرى، أو الحديث مع تعدد العلاقات والخوض بتفاصيلها الجنسية.
وقد نشرت “العالم الجديد” العام الماضي، تقريرا موسعا حول علاقة ضباط في جهاز المخابرات والأجهزة الأمنية الأخرى، بالمشاهير من النساء، تحت عنوان: قصة المخابرات والفاشينستات بالعراق.. علاقات “مشبوهة” ومنافع متبادلة وتوظيف على طريقة صفوت الشريف.
من جانبه، يرجع الباحث الاجتماعي محمد وحيد، خلال حديث لـ”العالم الجديد” أسباب المكانة الخاصة التي تتمتع بها بعض الفاشينسات إلى “الحرمان الاجتماعي من الجنس الآخر، نتيجة العزل بين الذكور والإناث في مراحل الدراسة، ثم الدراسة في الكليات العسكرية التي تخصص بالغالب للذكور في ما يخص ضباط الأمن، ما يولد احتياجا ورغبة بالجنس الآخر“.
ويضيف وحيد أن “هذا الحرمان يؤدي إلى عملية تبادلية بين العناصر الأمنية والفاشينستات، إذ تقدم هذه العناصر كافة التسهيلات وامتيازات التنقل والدخول الى مختلف الأماكن ومنها الملاعب، في حين تكون مهمة الفاشينستا إشباع الحاجة للجنس الآخر، عبر التقاط الصور أو الخروج في أماكن عامة، والتفاخر أمام الآخرين، ما يعالج نفسياً عقدة الحاجة إلى الجنس الآخر“.
يذكر أن وسائل التواصل الاجتماعي، تنتشر فيها الكثر من فيديوهات من داخل النوادي الليلية لضباط من مختلف الصنوف الأمنية، وهم يقدمون التحايا لبعضهم أو لبعض القادة أحيانا، كما تنشتر أيضا مقاطع لنساء مشهورات يستقوين بعلاقاتهن مع الضباط في وزارة الداخلية وغيرها، خلال أي مشكلة تواجههن في الشارع.
ومن أشهر الفيديوهات هو اتصال إحدى الشخصيات النسائية المشهورة، بضابط رفيع في الداخلية لغرض فتح نقطة تفتيش وتمرير عجلتها من بين الزحام المروري، وقد أثار هذا المقطع في العام الماضي، لغطا كبيرا استدعى من المسؤول الذي ظهر اسمه في الفيديو، إصدار بيان نفي علاقته بهذه الحادثة.