ما علاقة «الانقلاب الحراري» برائحة الكبريت في بغداد؟

منذ أيام والعراقيون في قلق مستمر، إثر انتشار دخان كثيف مصاحب لرائحة كبريت كريهة في أجواء العاصمة بغداد وضواحيها منذ الليل وحتى ساعات الفجر الأولى، وعلى الرغم من تطمينات وزارة البيئة وتشكيل رئيس الوزراء محمد شياع السوداني لجنة مختصة لمتابعة الأمر، إلا أن الأمر مازال يلفه الغموض حول أسباب ومصدر انتشار الدخان بهذا الحجم، مما سبب حجب الرؤية في بعض المناطق.

وفي هذا الإطار، يفسر الناشط البيئي أحمد صالح نعمة، اليوم الاثنين، مايحدث في العاصمة من تلوث وانتشار لرائحة الكبريت.

إذ يقول نعمة في حديث لـ”العالم الجديد”، إن “مايحدث في العاصمة طبيعي جداً، ولا توجد مخاوف كبيرة منه، كما انه يتجدد في كل عام بين دخول فصل الخريف والشتاء وهو ما يسمى بالانقلاب الحراري”، مبينا أن “هذا يحدث عند سكون سطح الأرض من التيارات الحرارية، إذ لا توجد رياح تحرك تلك الروائح إلى الغلاف الجوي، وبالتالي تبقى راكدة قرب المدن”.

ويضيف نعمة، أن “الأمر يحدث أيضا نتيجة استهلاك المصانع للوقود السيئ عالي الكبريت”، مشيرا إلى أن “محطة بغداد ومصفى الدورة وبعض مصاهر الحديد غير المرخصة ومعامل الطابوق تنتج ثاني اوكسيد الكاربون بنسبة كبيرة وهو أيضا من سبب انتشار تلك الرائحة”.

ويلفت إلى أن “انتشار رائحة الكبريت تحدث حاليا في البصرة وكذلك بعض مناطق ميسان”، مؤكدا أنه “بتغير حركة الرياح ستعود الأمور إلى طبيعتها”.

ومنذ أشهر تعاني أجواء العاصمة بغداد من انتشار رائحة الكبريت، إلا أنها إزدادت بشكل ملحوض خلال الأسابيع الماضية، مما أثار شكاوى السكان من تأثيره على جودة الهواء وصحتهم، مطالبين الجهات الحكومية بالتدخل العاجل لإيجاد حلول للحد من الانبعاثات الملوثة وتحسين جودة الهواء.

إلى ذلك، وثق مواطنون على مواقع التواصل الإجتماعي، اليوم الاثنين، مقاطع فيديو تظهر انتشار دخان كثيف يحجب الرؤية في أحدى المناطق وسط بغداد، بالقرب من المنطقة الخضراء، التي من المفترض أن تكون مليئة بالأشجار.

فيما انتقد البعض الآخر، الإجراءات الحكومية بشأن معالجة التلوث في العراق، مؤكدين أن ما يحصل نتيجة طبيعية للإهمال والسياسات الضارة للبيئة من قبل الحكومات المتعاقبة.

وحددت وزارة البيئة، أمس الأحد، أماكن بؤر التلوث في العاصمة مؤكدة أنها تتمثل بمحطات توليد الطاقة الكهرباء والتي تستخدم الوقود الثقيل ( النفط الأسود) مثل: محطة توليد الكهرباء في الدورة، ومعامل الاسفلت المؤكسد وغير المؤكسد، ومعامل الطابوق المنتشرة في حزام وضواحي بغداد، بالاضافة الى مواقع تراكم النفايات، والمطمر غير الصحي خصوصا مواقع معسكر الرشيد، والنهروان والنباعي، والتاجي بالإضافة الى ما تتعرض له من حرق عشوائي وخاصة أثناء الليل، كذلك كور الصهر غير القانونية والتي تنتشر بين الأحياء السكنية، والتي يصاحبها انبعاثات غازية ضارة”.

ووجّه رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، أمس الأول السبت، بتشكيل لجنة متخصصة لدراسة حالة التلوث وتكرار انبعاث رائحة الكبريت المنتشرة في بغداد والمحافظات المجاورة وبيان أسبابها ومعالجتها.

وكان موقع IQAir المتخصص بمراقبة جودة الهواء العالمية أفاد ، في 12 أكتوبر تشرين الأول الجاري، بأن العاصمة العراقية بغداد تصدرت قائمة المدن الأكثر تلوثاً في العالم، مبينا أن مستويات التلوث ببغداد قد تجاوزت مدن مثل لاهور في باكستان، القاهرة في مصر، ودلهي في الهند، التي تشتهر بارتفاع نسب التلوث فيها.

يشار إلى أن استنشاق ثاني أكسيد الكبريت يزيد من خطر التّعرّض لمشاكل صحيّة كالسّكتة الدّماغيّة وأمراض القلب والرّبو وسرطان الرّئة والوفاة المبكّرة، كما أنّه يؤدّي إلى صعوبة في التنّفس وخاصّةً للذين يعانون من حالات مزمنة.

ويطرح العراق 23 مليون طن من النفايات يومياً، في ظل انعدام مواقع الطمر الصحي وغياب طرق إعادة تدويرها بشكل صحيح، حيث تدفع البلاد ثمنا باهظا لعدم قدرته على التعامل مع هذا الملف ما يضيف أزمة بيئية جديدة للبلاد، بعد التغير المناخي.

يشار إلى أن العديد من المختصين حذروا من تراكمات ولدت التلوث الحاصل في العراق وهي تتعلق بملف شح المياه والتصحر الذي تتمكن الحكومات من طرح حلول واقعية بشكل مقنع لمعالجته، وإلى جانب ذلك تأتي النشاطات العسكرية شمالا وغربا والتي أثرت وتؤثر بشكل مستمر على صحة الإنسان وبيئته.

إقرأ أيضا