يعيش العراق حالة من الترقب والقلق إزاء التطورات المتسارعة في سوريا وسقوط نظام بشار الأسد، في ظل التجارب السابقة التي أظهرت كيف يمكن للتوترات الإقليمية أن تمتد إلى الحدود، معيدة سيناريوهات سابقة أعقاب سقوط نظام صدام حسين عام 2003، وما تلاه من صراع أهلي غلبت عليه النزعة الانتقامية، ذات نطاق طائفي.
وفي هذا الإطار ، أعلنت القوى السنية في العراق، اليوم الاثنين، موقفها من احداث سوريا، مشددة على على ضرورة استخلاص العبر من التجربة العراقية.
وقال رئيس البرلمان الأسبق والقيادي سليم الجبوري، في بيان تلقته “العالم الجديد”، إنه “في ظل التطورات المتسارعة التي تشهدها الساحة السورية، اجتمع اليوم قيادات من المكون السني وبدعوة من محمود المشهداني رئيس مجلس النواب لمتابعة مستجدات الأوضاع في سوريا”.
وأضاف أنه “أكد المجتمعون ترحيبهم بما آلت إليه الأوضاع في سوريا وحرصهم الشديد على تحقيق الأمن والاستقرار في هذا البلد الشقيق، داعمين أية عملية سياسية تُبنى على توافق الشعب السوري بكل مكوناته”.
وأشار الى انه “إذ يتابع المجتمعون تطورات الأحداث، فإنهم يستذكرون ما حصل في العراق في عملية التغير عام ٢٠٠٣ و إبان مواجهة الإرهاب وتداعياته”، مشددين على أهمية “استخلاص الدروس والعبر من تلك التجربة، لا سيما في ضرورة تحقيق العدالة الاجتماعية، وتعزيز الصلح المجتمعي، وترسيخ السلم الأهلي كركائز أساسية لضمان استقرار الدول وتماسك مجتمعاتها”.
وأعرب المجتمعون عن “أملهم في أن تسهم المرحلة القادمة في وضع حد لمعاناة الشعب السوري، مؤكدين أهمية “العمل على تعزيز الإصلاح، وصيانة الحقوق والحريات الأساسية للجميع، وشددوا على أن بناء مستقبل سوريا يجب أن يستند إلى العدالة والسلام، بعيدًا عن الفوضى والانقسامات”.
ودعا المجتمعون إلى “تضافر الجهود الإقليمية والدولية لضمان مستقبل أفضل لسوريا، مؤكدين وقوفهم إلى جانب الشعب السوري في سعيه نحو بناء دولة موحدة تحترم تطلعات جميع أبنائها وتضمن لهم حياة كريمة وآمنة”.
ويتجلى بوضوح حال المقارنة بين سقوط بشار الأسد وبين يوم سقوط الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين، التقارب بين الوضع في سوريا في اللحظة الراهنة والحالة العراقية وهو ما ظهرا جليلا في احتشاد المواطنين للاحتفاء بسقوط تمثال حافظ الاسد واقتحام منزل بشار ومحاولات اقتحام السجون وغيرها من المشاهد التي تنم عن رغبة عارمة في الانتقام قد تأكل الأخضر واليابس،بحسب مختصين.
ومن المقرر أن يعقد مجلس الأمن الدولي، عصر اليوم الاثنين، جلسة مباحثات طارئة مغلقة حول سوريا، بعد سقوط الرئيس بشار الأسد.
وأبدى رئيس الوزراء محمد السوداني، ليلة أمس الأحد، موقفًا حذرًا إزاء تغير النظام السوري، وقال الناطق باسم الحكومة باسم العوادي في بيان تلقته “العالم الجديد”،ان “الحكومة العراقية تتابع مُجريات تطوّر الأوضاع في سوريا، وتواصل الاتصالات الدولية مع الدول الشقيقة والصديقة، من أجل دفع الجهود نحو الاستقرار، وحفظ الأمن والنظام العام والأرواح والممتلكات للشعب السوري الشقيق”.
وأضاف ان “العراق يؤكد ضرورة احترام الإرادة الحرّة لجميع السوريين، ويشدد على أنّ أمن سوريا ووحدة أراضيها، وصيانة استقلالها، أمر بالغ الأهمية، ليس للعراق فقط إنما لصلته بأمن واستقرار المنطقة”، لافتا الى ان “الحكومة العراقية تدعم كل الجهود الدولية والإقليمية الساعية إلى فتح حوار يشمل الساحة السورية بكلّ أطيافها واتجاهاتها، ووفق ما تقتضيه مصلحة الشعب السوري الشقيق، وصولاً إلى إقرار دستور تعددي يحفظ الحقوق الإنسانية والمدنية للسوريين، ويدعم التنوع الثقافي والإثني والديني الذي يتمتع به الشعب السوري الكريم، وضرورة المحافظة على هذا التعدد الذي يمثل مصدر غنى لسوريا، من دون إخلال أو تفريط به”.
وجدد العوادي “التأكيد على أهمية عدم التدخل في الشأن الداخلي السوري، أو دعم جهة لصالح أخرى، فإنّ التدخل لن يدفع بالأوضاع في سوريا سوى إلى المزيد من الصراع والتفرقة، وسيكون المتضرر الأول هو الشعب السوري”.
ووجهت القوات الأمنية العراقية عند الحدود السورية، أمس الأحد، تحذيرات شديدة لعناصر المعارضة المسلحة، مطالبة إياهم بعدم الاقتراب من الشريط الحدودي
ودخلت قوات المعارضة إلى العاصمة السورية دمشق فجر أمس الأحد، بعد ساعات من دخول مدينة حمص، معلنة سيطرتها و”إسقاط بشار الأسد”، في بيان مقتضب بثته من التلفزيون الرسمي، في حين ذكرت وكالة رويترز -نقلا عن مسؤولين سوريين “رفيعي المستوى”- أن الرئيس المخلوع غادر العاصمة إلى وجهة غير معلومة.
ليتبين فيما بعد أن بشار الأسد وأفراد عائلته وصلوا إلى العاصمة الروسية موسكو، وأن روسيا قدمت لهم حق اللجوء. بحسب الكرملين.
وهنأ زعيم ائتلاف النصر حيدر العبادي السوريين بالحدث، ودعا لهم بالخلاص من الفوضى، فيما حذر رئيس الوزراء الأسبق عادل عبد المهدي، من تداعيات “خطيرة” جراء الأحداث في سوريا ودخول إسرائيل “القنيطرة” جنوبي البلاد مستغلة إسقاط نظام الأسد.
وأكد اجتماع الرئاسات وائتلاف ادارة الدولة، أمس الأحد،موقف العراق الثابت بضرورة الحفاظ على وحدة سوريا وأمنها واستقرارها، مشدداً على أهمية احترام سيادة الأراضي السورية وخيارات الشعب السوري في العيش بأمان وسلام، ودعوة المجتمع الدولي لبذل الجهود من أجل دعم جادّ لاستقرار المنطقة.
وشدد المجتمعون على أنّ الموقف العراقي موحد تجاه التطورات الإقليمية، ووضع خارطة طريق لتحديد العلاقة بين العراق وسوريا، وتكثيف الاتصالات مع الدول العربية والصديقة.
وقال ائتلاف “المعارضة” السورية أمس، إنه سيواصل العمل من أجل “إتمام انتقال السلطة إلى هيئة حكم انتقالية ذات سلطات تنفيذية كاملة”، وأضاف في بيان “انتقلت الثورة السورية العظيمة من مرحلة النضال لإسقاط نظام الأسد إلى مرحلة النضال من أجل بناء سوريا بناء سويا يليق بتضحيات شعبها”.
وتوالت ردود الأفعال الخارجية تجاه التطورات في دمشق، إذ أعلن البيت الأبيض، أن الرئيس الأمريكي جو بايدن، يتابع عن كثب الأحداث التي تجري في سوريا، فيما قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي، شون سافيت، في بيان، إن “الرئيس بايدن وفريقه يراقبان الأحداث الاستثنائية في سوريا عن كثب وهما على اتصال دائم مع شركائنا الإقليميين”.
كما علق الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، على الأمر، برسالة وجهها إلى روسيا وإيران، قائلا عبر منصته للتواصل الاجتماعي “تروث سوشال”: “رحل الأسد، فر من بلاده، لم تعد روسيا، بقيادة فلاديمير بوتين، مهتمة بحمايته بعد الآن”. وتابع “روسيا وإيران في حالة ضعف الآن، واحدة بسبب أوكرانيا والاقتصاد السيئ، والأخرى بسبب إسرائيل ونجاحها في القتال”.
وكان الأردن قد أكد على أهمية أمن واستقرار جارته، وذلك بعد إعلان فصائل المعارضة سيطرتها على العاصمة دمشق وفرار الرئيس المخلوع بشار الأسد.