صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

ما هو بديل الانتخابات يا حضرة السعدي؟!

كثيرا ما تراق الدماء وتهتك الاعراض ويستباح كل شيء، بسبب الاختلاط الذي يتولد نتيجة الفتيا المتضاربة مع المواقف السياسية والقناعات الملتبسة عند اصحابها او التي تربك وتخلط الاوراق بالنسبة لجمهورها في الشارع العراقي، وربما حتى في بلدان اخرى، فالظاهرة متفشية للأسف الشديد.

كثيرا ما تختلط الامور بالنسبة لعامة الناس بين الموقف السياسي لرجل الدين، وهذا الموقف، ربما يكون غير ملزم في معظم الاحيان من الناحية الشرعية، وبين الفتوى الشرعية التي لها حسابات وظروف اخرى، وان اختلفنا مع اصحابها، لكن التعامل معها يكون من منطلق مختلف تماما. 

بين هاتين القضيتين فرق كبير في حقيقة الامر، لكنهما اصبحا شيئا واحدا بالنسبة لبعض رجال الدين، وهذا ما استشفه واستنتجه على الاقل من خلال موقف الشيخ عبد الملك السعدي في لقائه الاخير مع صحيفة الشرق الاوسط، المنشور بتاريخ 14 كانون الاول 2013. 

ان صح النقل عن فضيلة الشيخ السعدي، وان نقلت قناعاته السياسية والدينية بشكل دقيق، فإن الرجل ابدى موقفا سلبيا تماما من الانتخابات البرلمانية القادمة، وحرّض على عدم المشاركة فيها. ولا نعلم هل هذا موقف سياسي فقط، ام فتيا ملزمة لاتباعه وهم ليسوا قلة في الخندق السني.

الرجل عرف سابقا بمواقفه المعتدلة الى حد ما، لكنه هذه المرة بدا متشنجا الى ابعد الحدود، سواء فيما يخص الانتخابات القادمة او ما يخص مجمل العملية السياسية، وان كان المجال مفتوحا للقناعات السياسية لرجال الدين وغيرهم، فإن فتاوى من هذا النوع بهذه الظروف الحساسة، وحينما يتم من خلالها الدعوة لمقاطعة الانتخابات، ربما ليست الا قنبلة موقوتة ندفع ثمنها جميعا نحن عامة ابناء الشعب العراقي، وربما يدفع ثمنها بشكل خاص اتباع المذهب الذي جاهر السعدي بمظلوميتهم واراد الدفاع عنهم. 

من منا لا يتذكر الغلطة التاريخية التي ندمت عليها القيادات السنية حينما قاطعت الانتخابات التي اجريت مطلع العام 2005. فلماذا يا ترى يود السعدي تكرار ذات الغلطة؟!

ثم الى المرجع السعدي ايضا… حينما ترفض الانتخابات، فهل في جعبتك بديل منطقي آخر يلم شتات هذا البلد المقسم اصلا والمنقسم على نفسه؟! هل الفوضى هي الحل؟! هل النموذج السوري هو الحل؟! 

ربما بهذه الفتيا او الموقف السياسي يوّفر العلامة السعدي خدمة جليلة لكثير ممن لا يستحقون الفوز في الانتخابات، لانهم سيحصلون على ما توفر من اصوات تؤهلهم في نهاية المطاف للوصول الى مراكز لا يستحقونها على الاطلاق!

أليس كذلك يا فضيلة الشيخ؟!

gamalksn@hotmail.com

إقرأ أيضا