بعد مرور 24 ساعة على تكليف رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، لرئيس جهاز الامن الوطني عبد الغني الاسدي بمنصب محافظ ذي قار، على خلفية الاحتجاجات التي تشهدها المحافظة منذ قرابة 7 ايام، ظهرت بوادر “رفض” من قبل المتظاهرين لهذا التكليف، فيما رجحت مصادر بتقديمه استقالته في حال استمرار معارضة المتظاهرين له، وبموازاة هذا التصعيد في المحافظة، أظهر المتظاهرون حرصهم على انجاح زيارة بابا الفاتيكان عبر إيقاف كافة مظاهر الاحتجاج خلالها.
ويقول الناشط علي عجيل، في حديث لـ”العالم الجديد”، إن “هناك أسبابا كثيرة لرفض المحافظ الجديد عبدالغني الاسدي، أبرزها انه كان عضوا في خلية الازمة ولم نلمس منه أي خدمة قدمها للمحافظة، بل على العكس فقد جرت جملة اعتقالات واسعة ضد الناشطين وتمت مهاجمتهم بالعبوات الناسفة، وبدأ يعاملنا بأسلوب الترهيب بشكل مروع كونه كان عسكريا”.
ويضيف عجيل “كما أن تعيين عسكري محافظا هو رسالة سلبية للجميع بأن ذي قار ستظل مضطربة، اذ سيعمل هذا الامر على الغاء او هروب كافة المستثمرين او الراغبين بالاستثمار في المحافظة”.
وبشأن زيارة بابا الفاتيكان فرنسيس الى ذي قار مطلع الشهر المقبل، في ظل التوتر الذي تشهده ذي قار، يوضح عجيل ان “التظاهرات لن تؤثر على زيارة البابا فرنسيس إلى المحافظة وسنقوم بايقاف كافة النشاطات الاحتجاجية، ونحن سنكون في حينها مستعدين أيضا لتشكيل وفد للقاء البابا ونقل مظلوميتنا الى العالم اجمع”، مبينا “نعتبر زيارة البابا فرصة تاريخية للمدينة والعراق عامة”.
وليلة امس الجمعة (26 شباط فبراير الحالي) قدم محافظ ذي قار ناظم الوائلي استقالته الى رئيس الحكومة، الذي كلف بدوره رئيس جهاز الامن الوطني عبد الغني الاسدي محافظا لذي قار، لتنتهي أزمة بدأت منذ يوم 22 شباط الجاري، حيث شهدت المحافظة تظاهرات وصدامات مع القوات الامنية، للمطالبة بإقالة المحافظ، وبحسب مصدر كشف سابقا لـ”العالم الجديد” فان صراعا سياسيا يجري في المحافظة بشأن منصب المحافظ، وأن التظاهرات التي انطلقت كانت مدعومة من قبل اعضاء في التيار الصدري، وذلك بسبب خلاف بين المحافظ واحد مدراء الدوائر من المنتمين للتيار.
ويوم امس صباحا، شهدت المحافظة أعنف الصدامات بين المتظاهرين والقوات الامنية، ما ادى الى مقتل ما لا يقل عن 4 متظاهرين واصابة 135 آخرين، فضلا عن إحراق مداخل مبنى المحافظة.
وكان محافظ ذي قار ناظم الوائلي تسنم منصبه في مطلع ايار مايو 2020، بناء على صفقة سياسية من قبل نواب ذي قار المنتمين لكتل مختلفة، وجرى اختيار بعد اجتماع جرى بين نواب المحافظة في منزل أحد النواب، ليحل بديلا عن المحافظ الاسبق لعادل الدخيلي الذي استقال بناء على رغبة المتظاهرين، وقد مر تسنم الوائلي لمنصبه، بإشكالات إدارية عدة، حيث صدر أمر تكليفه من قبل رئيس الحكومة السابق عادل عبد المهدي في 30 نيسان ابريل الماضي، إلا أن التأخير حدث بسبب انتظار قرار المحكمة الادارية.
الى ذلك، أعلن محافظ ذي قار عبد الغني الاسدي، في ساعة متأخرة من ليلة اليوم السبت، عبر بيان صحفي تابعته “العالم الجديد” أن “مهمتي وقتية وهدفي هو تهدئة الاوضاع في الناصرية والحفاظ على ارواح شبابنا، ووضع الأسس المناسبة لاختيار محافظ جديد يحضى بمقبولية ابناء ذي قار وبعيد عن الضغوط السياسية والحزبية”.
ويتابع “خلال هذه الفترة سأسعى لتهيئة الارضية المناسبة وبخطوات رصينة للبدء بالاعمار والبناء ومحاربة الفساد واتخاذ القرارات الصحيحة لمصلحة اهالي ذي قار الحبيبة، ورئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي يولي اهتماما استثنائيا للمحافظة”، مضيفا “لن نسمح لاحد بالمتاجرة بحقوق الناس واستمعنا لافكار جيدة من المتظاهرين، الرافضة للتخريب وقطع الطرق وحرق المباني، ووجهنا بمنع استخدام الرصاص الحي وهذه التوجيهات صادرة ايضا من القائد العام للقوات المسلحة“.
من جانبه، يبين الناشط عامر حسين الفاران، في حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الاسدي سبق وان وصل ذي قار قبل فترة، ولم يستطع فعل أي شيء تجاه التوتر الذي تشهده، رغم انه التقى بعائلة احد الشهداء ووعد بأخذ الثأر، ومن ثم ذهب وحدثت فتنة بين المتظاهرين وعوائل الشهداء بسببه”.
ويؤكد ان “الاسدي شخصية عسكرية، لكنه اداريا غير ناجح، وان المحافظة لن تستقر بوجوده، فهو مرفوض من قبل الجماهير”.
وحول زيارة البابا فرنسيس الى المحافظة يشير الفاران، الى ان “المتظاهرين والمنظمات في المحافظة، جميعها مع هذه الزيارة المهمة، ونرحب ببابا الفاتيكان ونسعى الى انجاح الزيارة من كافة النواحي”.
ومن المفترض، ان يصل بابا الفاتيكان فرنسيس يوم 5 اذار مارس المقبل، الى العراق، وبحسب جدول زيارته المعلنة على موقعه الرسمي ونشرته “العالم الجديد” سابقا، فانه يتضمن وصوله الى القصر الجمهورية في استقبال رسمي يحضره رئيس الجمهورية (برهم صالح)، وكبار المسؤولين في الدولة، ومن اجتماعه بأساقفة وكهنة وعلماء الكاتدرائية السريانية الكاثوليكية (سيدة النجاة) في بغداد، ومن ثم يغادر بغداد بالطائرة، في اليوم التالي (6 اذار مارس المقبل)، متجهاً الى النجف، للقاء المرجع الديني الأعلى علي السيستاني، ثم يغادر بالطائرة إلى الناصرية مركز محافظة ذي قار، لرعاية مؤتمر بين الأديان في مدينة أور (مسقط رأس النبي إبراهيم).
فيما كشفت مصادر مطلعة في حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الاسدي، وبعد تكليفه بمنصب محافظ ذي قار، أكد بداية على استعداده للمهمة وظهر بمقطع فيديو ووجه رسالته الى ابناء المحافظة، لكن في ظل الرفض الجماهيري وحديث المتظاهرين عن كونه غير قادر الى إدارة المحافظة، بدأ الامر يتجه الى تقديمه استقالته”.
وتشير الى ان “استقالة الاسدي، قد لا تتم في القريب العاجل، وربما تقدم بعد إنجاح زيارة بابا الفاتيكان للمحافظة، لكونها تتطلب جهدا امنيا، ووضعا امنيا مستقرا في مدن المحافظة”.
وعقب تكلفيه، قال الاسدي في رسالته لاهالي ذي قار “سنكون بخدمة الوطن والمواطن ومحافظتنا المنكوبة الجريحة”، مبينا “لا نسمح بعد اليوم القول عن ذي قار بأنها مكنوبة”.