جاء في إعلان الأمم المتحدة للتنوع الثقافي \”إن الدفاع عن التنوع الثقافي واجب أخلاقي لا ينفصل عن احترام كرامة الإنسان\”. التنوع الثقافي حق إنساني وميزة تنص على احترامها القوانين الدولية ومبادئ حقوق الإنسان، واهتماما بذلك المبدأ والحق الإنساني خصص يوم الحادي والعشرين من أيار كل عام يوما عالميا للتنوع الثقافي.
مبدئيا فان الشعوب والأمم المتنوعة ثقافيا تتمتع ببنية ثقافية أكثر نضجا وغزارة. التنوع الثقافي يعود بالدرجة الأولى إلى التنوع العرقي والطائفي، ومتى ما تم استغلال ذلك التنوع بشكل إيجابي فان ثماره الإيجابية ترتد مضاعفة على جميع المنظومات الثقافية التي تشكل ذلك التنوع.
لكن ذلك العامل الذي يفترض أن يشكل مصدر غنى وثراء للمجتمعات العربية تحوّل للأسف الشديد إلى وبال عليها، وأصبحت البلدان التي تفتقر إلى ذلك التنوع أكثر استقرارا من غيرها.
التنوع الثقافي المتأتي بالدرجة الأولى من تنوع الأعراق والأديان أصبح منطقة مزروعة بالعقد والألغام، كل يوظف ذلك التنوع ويتمترس خلفه من اجل غايات ضيقة جدا.
أحيانا يختزل التنوع في حزب أو حتى شخص ويصبح بقدرة قادر توجيه النقد له تهجما على المكوّن أو الدين الذي ينتمي إليه! تنتفخ المكونات التي تشكل ذلك التنوع الثقافي في بعض الأحيان على حساب بعضها فتبرز الضغائن والأحقاد فيتربص كل منها للآخر.
مفقود ذلك التفاعل الإيجابي بين المدارس الثقافية المختلفة. في فترات من الزمن كان المسلمون أكثر انفتاحا مما نحن عليه الآن، أما الآن، وفي زمن الفيسبوك وعصر القرية الصغيرة، فان التعصب للثقافة الواحدة ظاهرة تتسيّد المشهد للأسف الشديد، ومن اجل إثبات الذات فان جميع الغايات تبرر جميع الوسائل.
نحن مجتمعات متنوعة ثقافيا عرقيا ودينيا، ورغم أن ذلك التنوع تحوّل إلى منطقة مزروعة بالألغام فإنه ليس لنا ثمة خيار آخر غير السير بين مخاطرها ومفاجآتها بأقدام حافية، لكن ذلك الواقع لا يمنع أبدا أن تعيد المنظومات الثقافية في المنطقة النظر في مواقفها وتراجع تاريخها بروح نقدية متأنية، علنا نكسب في يوم من الأيام ثمار ذلك التنوع في الوصول إلى ثقافات انضج.
gamalksn@hotmail.com